الرئيسية » مشاركات القراء » ما بين العنف والاعتذار - بقلم سعد عبد الغافر
ما بين العنف والاعتذار - بقلم سعد عبد الغافر
23/11/2014 - 17:58

العنف هو سلوك مسيئ للآخرين سواء كان لفظيا ام جسديا. من مظاهر العنف هو الشتم, الاهانة, الاستفزاز, التهديد, الضرب, الاختطاف, القتل, التخريب و التدمير. بعبارات اخرى نتائج العنف هي المساس بالآخر معنويا, ماديا, جسديا او بالممتلكات.

العنف متنوع واسبابه كثيرة : شخصية, نفسية, ثقافية, اجتماعية, منها الاندفاعية والتهور, الحسد والحقد والانتقام ومنها التطرف والعصبية الطائفية والفئوية والعائلية والاقليمية ومنها البعد عن الدين او سوء فهمه او تشرذم المرجعات الدينية ومنها انحطاط المؤسسات القيادية وغياب السلطة الابوية والافتقار لقنوات مفيدة من الحوار الفعال, وايضا اسباب اخرى: اقتصادية وما يتخللها من استغلال ظالم للموارد والثروات و المظاهر الملفتة من البطالة والفقر, واسباب اعلامية وما ينشر في وسائل الاعلام ويبث على شاشاته ويسمع على اثيره و سوء استعمال مواقع التواصل, وايضا اسباب قومية وسياسية ومنها الاستغلال والاحتلال والازدواجية والنفاق العالمي ولا ننسى الظلم والفساد وخصوصا في عالمنا العربي.

من الواضح اننا في خضم موضوع واسع ومتشعب ولا انوي الخوض في شرح وتفسير الاسباب وطرق العلاج. الموضوع شائك ومعقد ويحتاج الى الكثير من الموارد والطاقات. العنف في كل مكان ومن المؤلم خصوصا ما يشهده عالمنا العربي من قتل ودمار, جوع وتشريد. يا ليت لو تسنى لنا معالجة الاسباب لكنا ابطلنا العجب وتغلبنا على الغضب. لكن ومن اضعف الايمان ومن واجبنا الاجتهاد في تجنب الغضب والغلو والتصرف بروية وصفاء ذهن واذا غضب الغير فلا بأس من محاولة امتصاص غضبه استباقا للحؤول دون وقوع العنف.  

لا اريد التوسع, انما اود في كلماتي هذه اختصار الموضوع الى حياتنا اليومية فهي لا تخلو من مظاهر العنف, في اماكن مختلفة: في الشارع,  في المدرسة, في الملعب, في شتى المؤسسات وحتى شهدناها في بيوت الله!  

من خلال مشاهدة موضوعية لبعض حالات العنف, تستغرب لحدوثها ولعدم وجود أي مبرر لها, كان بالإمكان تجنبها وتفاديها او احتواءها ببصيرة واتزان, بأسلوب طيب وكلمات سهلة بمقدورها التغلب على غول العنف. أتساءل متأملا لماذا يستصعب احياناً افراد مجتمعنا الاعتراف بالخطأ وطلب المعذرة, اقول ذلك وليس من منطلق جلد الذات, بل الماً وحسرةً لما نشهده في مجتمعنا ومحاولة لوصف الوضع القائم وربما مساهمة وهمسة نحو الافضل,  فأسال, ما الضرر حينما يقول المرء للآخر: متأسف, سامحني, لم اقصد, المعذرة, عذراً, بتعذرك, حقك علي, الخطأ مني, انا غلطان, منك السماح والخ... يا لها من كلمات قصيرة وقوية التأثير, كلمات نعرفها جميعا, متوفرة ومجانية, نعرف قوّتها و نستصعب قولها. هل في قول مثل هذه المفردات اهانة ذاتية او تعبير عن ضعف؟ الا تعبّر هذه الكلمات عن قيمة عليا الا وهي التسامح! الا يشكل التسامح عمود من اعمدة الدين الحنيف! 

استغرب احيانا, في اطار عملي كمربٍّ وفي حالات المشاكسة والعنف بين الطلاب, عندما نطلب من طالب ان يسامح زميله او ان يتأسف له, يشعرنا الطالب وكأن نصف القمر وقع على كاهله وانه اذا تأسف انتهى كيانه وخسر عزة نفسه. اتساءل لماذا؟ والى متى؟ ... كل ما فيها كلمة اعتذار, كلمة حلوة من القلب الى القلب, مردودها ايجابي وتضفي اجواء مريحة في الفضاء الاجتماعي, الاسري, المدرسي الخ... علينا ان نتذكر ان للكلمات قوة خارقة وللألفاظ الجارحة تداعيات كارثية, الا يقول العرب ان "كلم اللسان انكى من كلم السنان" . اذاً أعزائي لا بد من نشر ثقافة التسامح والتفاهم واساليب الحوار.

بالتوفيق

سعد عبد الغافر

اضف تعقيب
الإسم
عنوان التعليق
التعليق
ارسل
1
مقال الساعة
أبدَعتَ كما دومًا في نسج العبارات التي تمسّ حياتنا عمومًا ومدرستنا خصوصًا بشكل يصل لكل من يقرأ مقالك هذا ويحفزّه على اتخاذ خطواتٍ فعّالة للحدّ من هذه الظواهر السلبيّة والتي أصبحت وباء ينتشر حتّى كدنا نفقد السيطرة عليه. يا حبّذا لو رسّخ كلّ واحدٍ منّا ومن مكانه قيمة التسامح بكلّ ما تحمله من صفاء للنفس وراحة للبال حتّى ننهض بأمّةٍ متسامحةٍ وراقيةٍ في تعاملها مثلما حثنّا ديننا الاسلامي.
سوسن - 07:59 23/11/2014
  • 04:39
  • 12:39
  • 04:17
  • 07:13
  • 08:34
  • You have an error in your SQL syntax; check the manual that corresponds to your MariaDB server version for the right syntax to use near ')) order by `order` ASC' at line 1