الرئيسية » مشاركات القراء » المواطنة في خضم المتناقضات - بقلم الاستاذ سعد عبد الغافر
المواطنة في خضم المتناقضات - بقلم الاستاذ سعد عبد الغافر
21/02/2020 - 08:18
الاقلية العربية الفلسطينية الاسرائيلية... خصوصية قد تكون حالة استثنائية بامتياز في التاريخ الانساني ولذا يتعين علينا التعامل معها باسثنائية...
 
هوية قومية :عربي
هوية دينية : مسلم او مسيحي او درزي
هوية وطنية ثقافية وجدانية : فلسطيني
هوية مواطنة ومدنية: اسرائيلي
 
قبل الولوج في جوهر الموضوع انوه الى التمييز بين المواطنة في الدولة في اطار عقد اجتماعي وتحت سقف قانوني يتيح الحقوق والواجبات... وبين الوطنية وخصوصا في هذه الايام حيث طغى طابع الوطنية في العالم العربي على الجانب القومي... فهناك العربي المصري والاردني والسعودي والاماراتي الخ... وايضا العربي الفلسطيني في كل اماكن تواجده... للهوية الوطنية ميزاتها وثوابتها… حب الوطن والتعلق به وممارسة الحقوق والشعور المشترك بالارتباط والوحدة بالثقافة والتاريخ … وبالتالي لا تناقض بين الوطنية الفلسطينية والمواطنة في دولة اسرائيل...
 
يعيش الانسان فترات من التناقضات واحيانا تكون حادة وعليه التأقلم والعيش في ظل هذه التناقضات... وفي ظروف شديدة التعقيد للمواطن العربي في اسرائيل فإنه في صراع بقاء حقيقي... و يا لها من مفارقة عندما يصارع المواطن من اجل مواطنته... يكافح باستمرار لاختراق حواجز الرفض والاقصاء ويتحدى سياسات الاضطهاد المنهجية للسلطة ويجابه النمطية الفكرية للغالبية تجاهه... ليس من السهل ايجاد صيغة لحياة طبيعية متزنة ولكنها حتمية وجود... ان تكون او لا تكون... ولا بد من ترجمة واقعنا السياسي والقانوني الى ممارسة المواطنة المنشودة.
 
في المواطنة حقوق وواجبات ولكن في وضعنا المركب فانها رهن السياق الذي نعايشه و ظروف المواطنة المعقدة ... نحن نتمتع بحقوق منها المتساوية ومنها المنقوصة نسبة الى الاغلبية ... وايضا تفرض علينا واجبات ونعفى من واجبات اخرى... على سبيل المثال الخدمة العسكرية... ففيها توافق غريب عجيب بين المواطن والسلطة... فمن جهة السطة تعفينا (اعفاء من قبيل الاشتباه) ومن الجهة الاخرى نحن نرفض الخدمة في جيش يحتل ويقتل اخوتنا!!! مفارقة لكنها حتمية الحال والاستثناء...
 
الاحداث تتعاقب والتاريخ راسخ... الحدود تتغير والجغرافيا ثابتة... بقينا ونحن هنا لنبقى رغم الصعاب و الظروف الحرجة و الغير اعتيادية... قررنا البقاء وقبلنا المواطنة و سعينا دوما للاندماج في الاطار المتاح وما دمنا نكافح لنيل الحقوق والعدل والمساواة نحو المواطنة الحقيقية... المسيرة ليست بالسهلة ومليئة بالعثرات والكبوات ولكنها في نفس الوقت زاخرة بالنجاحات وقد ابلينا فيها بلاءا حسنا في شتى الاصعدة... كثافتنا وانجازاتنا ومراكزنا في كثير من المجالات... في المستشفيات والأكاديميا... في الهندسة والهايتك... في المصانع و ورشات البناء... في الخدمات والحرف وفي شتى المهن... اندماج وليس ذوبان وضياع... وما دمنا نسعى ونحافظ على مكونات هويتنا...
 
للوهلة الاولى قد يشعر المرء انه من المستحيل احتواء الكم الهائل من المتناقضات والتساؤلات واعباء الحياة ... جراح الماضي وندباته ... الم النكبة واطلال التاريخ... ضبابية الحاضر ومخاوف المستقبل.. سرعة التحولات والتغييرات... فسيفساء فريد من التنوع العرقي والطائفي والديني والحضاري والثقافي واللغة واللهجة... مفارقات في الفكر والمرجعيات... تطرف وعنصرية... قوانين مجحفة ... احداث مؤلمة... تقلبات في السياسات... ائتلافات وتوافقات ومشاحنات وانقسامات...
 
ولكن... الواقع اقوى من الخيال ... واقع المواطنة يفرض نفسه كأساس متين لانتزاع الحقوق والاستحقاقات... لقد علمتنا التجربة امكانية العيش الكريم والمحافظة على اطياف هويتنا في ظل التناقضات ... نعم بالإمكان ايجاد المقاربات والتحالفات في فضاء من المفارقات والتباينات... لدينا القدرة على ادراك الحال وتشخيص الاوضاع و رصف الطرقات المتعرجة بين التعارض والتضارب وبين الانسجام والتوافق... هذه حقيقة حياتنا وحتمية وجودنا...
 
كاقلية اصلانية من اهم مصادر قوتنا هو وحدتنا رغم اختلاف مرجعياتنا ... في وحدتنا نعزز قوتنا ... نرعى مصالحنا ونسمو في تطلعاتنا... نطور اهتماماتنا و نتحدى همومنا وصعابنا...الكثير ما يوحدنا... لغتنا وتراثنا وعادتنا وتقاليدنا وتطلعاتنا وهمومنا ومطالبنا وحقوقنا وتاريخنا وجغرافيتنا وتواصلنا وتصاهرنا وزعترنا وزيتوننا وفننا ودبكاتنا وكوفيتنا... هل ننسى هذه القواسم؟ وهل لنا خيار آخر غير الوحدة؟ وحدة الهوى والمصير ... فلنعزز وحدتنا من اجل المواطنة الكاملة الغير منقوصة... من اجل الكرامة والعدل والمساواة ... ولنستعرض قوتنا و لنفرض بإرادتنا وجودنا وبقاءنا ... ولنناضل حتى يكفوا عن الاستخفاف بنا ويلفظوا الاقصاء ويتخلصوا من العنصرية ويتنازلوا عن فكرة التهجير والفصل ... وان اصروا على الرفض فليعتبرونا شوكة في الحلق...
 
بما يخص المقاطعة... ما جدواها ونحن في اكثر المنعطفات حرجا... نحن في مفترق حسم والحال يقتضي استنهاض الهمم والمشاركة والتأثير... فلندع الانتقادات جانبا... حتى لو كانت موضوعية او مبدئية... ولنصب كل قوانا في اتجاه واحد... فان دوام الحال من المحال وحتمية التغيير فوق كل جدال ... لا ينبغي تفويت الفرصة للتأثير...ولا ينفع الندم بعد فوات الاوان...
من حقنا الحياة... من حقنا التعايش السلمي الآمن العادل ... فلنغلب وحدتنا وتضامننا على كل النزعات الفئوية والمصلحية ... هلا بالشراكة والاشتراك والمواطنة المشتركة... وهلا بالمشتركة...
 
سعد عبد الغافر
 
اضف تعقيب
الإسم
عنوان التعليق
التعليق
ارسل
  • 05:12
  • 11:42
  • 02:27
  • 04:45
  • 06:07
  • You have an error in your SQL syntax; check the manual that corresponds to your MariaDB server version for the right syntax to use near ')) order by `order` ASC' at line 1