رغم التوترات الشديدة في منطقة الخليج العربيّ، بين الولايات المتحدة الأميركيّة وحلفائها وبين إيران وحلفائها، إلا أن الهجوم الإسرائيلي على أهداف إيرانيّة في سورية، أمس، الجمعة، يشير إلى تراجع حدّة هذه التوترات لا إلى تصعيد مقبل، بحسب المحلل العسكريّ لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي.
وادّعى بن يشاي أنّ كل من يتابع تطورات الأيام الأخيرة في الخليج العربي، خصوصًا عندما وصلت ذروتها، يلاحظ أن إسرائيل خفّضت من حدّتها بكل ما يتعلّق بإيران، "تقريبًا لم نسمع أي تصريحات (إسرائيليّة) في هذا الموضوع. باستثناء تصريح واحد لرئيس الحكومة (الإسرائيليّة) يدعم فيها الولايات المتحدة".
كما أن الجيش الإسرائيلي، بحسب بن يشاي، امتنع عن أي تصريح أو نشاط يمكن أن يُفسّر على أنه استفزاز لإيران أو أذرعها في الشرق الأوسط، "ويمكن التقدير أن ’ضبط النفس’ الذي أبداه الجيش الإسرائيلي أثناء مسيرات العودة، الأسبوع الماضي، جاء بتأثير الرغبة بعدم تحدّي حركة ’الجهاد الإسلامي’ التي تعمل لصالح إسرائيل، وألا تعطى أسبابًا لزيادة التوتّر جنوبيّ إسرائيل".
ويشير الهجوم الإسرائيلي قرب دمشق إلى أن السلطات الإسرائيليّة قدّرت أنّ هجومًا من هذا النوع لن تؤدي إلى ردّ إيراني سواء من قبل الحرس الثوري الإيراني أو من قبل أذرعه في سورية، أو عبر "حزب الله" اللبناني، بحسب بن يشاي، الذي قدّر أن يكون الهجوم تم باستخدام صواريخ أرض - أرض، ادّعى السوريّون أنها انطلقت من الجولان أو من الجليل، لا جوًّا، كما في ضربات سابقة.
وادّعى بن يشاي أنه يمكن للرادارات السورية والروسية الموجودة في المنطقة رصد السمت الذي انطلقت منه الصواريخ، "كما أنها لم ترصد طائرات حربية قبالة شواطئ سورية، لذلك استنتج السوريّون أن الضربة تمت بصواريخ أرض – أرض قصيرة دقيقة، يبلغ مداها بين 40 إلى 100 كيلومتر".
أمّا عن أسباب امتناع إسرائيل عن استخدام طائراتها لشنّ الهجوم، فعزا بن يشاي ذلك إلى الرغبة الإسرائيليّة "بعدم تحدّي الجيش الروسي المتواجد في سورية، الذي يقوم جنوده بتدريب السوريين على استخدام منظومة إس-300، التي مرّرتها روسيا إلى سورية بعد إسقاط طائرة روسيّة قبالة اللاذقيّة، اتهمت روسيا طائرات إسرائيليّة بالتستّر خلفها، في أيلول/ سبتمبر الماضي".
وافترض بن يشاي أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ووزير دفاعه طلبا من رئيس الحكومة الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، في زيارته الأخيرة إلى موسكو، في نيسان/ أبريل الماضي، تقليص الهجمات الجويّة، "كي لا يضطرا إلى الالتزام بتعهداتهم لتمرير بطاريات صواريخ بعيدة المدى لجيش النظام السوري".
وربط بن يشاي بين الهجوم الإسرائيليّ وبين ما كشفت عنه صحيفة "ذا غارديان" البريطانيّة، أول من أمس، الخميس، أن رئيس "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بحث مع قادة ميليشيات عراقيّة، أبرزها "الحشد الشعبي"، ترتيبات نقل مقاتلين وعتاد عسكري إلى "حزب الله" اللبناني، مرورًا بالعراق فسورية.
كما ذكر موقع "ذا غارديان" أن إيران مرّرت، مؤخرًا، صواريخ إلى سورية، عبر مدينة الأنبار العراقيّة، تحت أنظار الجيش الأميركي في العراق والجيش الإسرائيلي.
وبرغم أن موقع "ذا غارديان" لم يكشف عن مصادره، إلا أنه، بحسب بن يشاي، "يمكن التوصل من بين السطور إلى الجهة الاستخباراتيّة التي شاركت المعلومات مع الصحافيين البريطانيين، ولماذا"، وشرح بالقول "من الممكن أن يكون الكشف رسالة تحذيريّة للإيرانيين لا تعتقدوا أننا لا نعرف بالصواريخ، إلا أننا اخترنا ألا نقصفها في ذروة التوتّر في الخليج، وكل ضربة في العراق أو سورية من الممكن أن تؤدي إلى زيادة منسوب هذه التوترات، أو إلى تفجيرات وصدامات بالنار بين القوات المواليّة لإيران وبين الولايات المتحدة الأميركيّة ودول الخليج العربي".
ويستنتج بن يشاي من الامتناع الأميركي عن قصف الصواريخ في العراق أو سورية، ومن القصف الإسرائيلي بالأمس، أن التقديرات الأميركيّة والإسرائيليّة تشير إلى انخفاض مستوى التوتّر في الخليج العربي.
وافترض بن يشاي أن واحدة من بين الأهداف التي قصفت، على الأقلّ، في منقطة دمشق، "المعروفة بأنها محطّة تهريب للسلاح من العراق إلى لبنان، كانت مخازن الصواريخ التي نقلت من إيران إلى سورية عبر العراق".