يتواصل مع مرور الزمن اكتشاف اعجاز القرآن الكريم، الذي انزله الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل الف واربعمائة عام. آخرها اكتشاف سر قول الله تعالى في كتابه العظيم “ كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة”، حيث حيرت هذه العبارة المفسرين، فلماذا قال الله تعالى الناصية ولم يقل اللسان أو الرأس أو الدماغ أو المخ أو اي شيء آخر ؟
في تفسير هذه العبارة لا بد أولا من التعريج على المعنى العلمي “للناصية”. حيث انها هي الجزء الأمامي من مخ الانسان الذي يأتي خلف جبهته مباشرة. لكن ما علاقتها بالكذب؟ ولماذا ذكرها الله تعالى دون عن غيرها من دماغ الانسان.
وفي تفسير ذلك، اظهر بحث لعالم كندي نشر مؤخرا سرا خطيرا يتعلق بالناصية، حيث قال في بحثه إن هذا الجزء من الدماغ، هو المسؤول المباشر عن الكذب والخطأ في تصرفات الانسان، كما أنه المسؤول عن “ اتخاذ القرارات”.
واستنادا إلى ذلك فإن التفسير العلمي لمعنى الناصية يوضح تماما، سبب ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم “ لنسفعا بالناصية. ناصية خاطئة كاذبة”، فلو قطع هذا الجزء من المخ الذي يقع خلف الجبهة مباشرة فإن صاحبه لا تكون له إرادة مستقلة ولا يستطيع أن يختار، وبالتالي فإن الله تعالى أراد أن يعاقب هذا الجزء المسؤول عن اتخاذ القرارات.
وبالعودة إلى تفسير هذه الآية من سورة العلق. نرى ان هذه الآية نزلت في أبي جهل، حين هدد النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن قرر الصلاة عند بيت الله الحرام في مكة المكرمة، وقال أبو جهل له إنه سيمنعه. فنزلت الآية الكريمة، والتي توعد فيها الله عز وجل ابا جهل، بالسفع بالناصية إن لم ينتهي عن تهديده. حيث ان الناصية هي المسؤولة عن هذا القرار الذي اتخذه ابو جهل وعليه قرر الله عقابه بجره منها (لنسفعا بالناصية) أي نأخذه ونحرقه بجريرته.
ابحاث اخرى منشورة مؤخرا تظهر ان “الناصية” عند الحيوانات صغيرة وضعيفة، وهي لا تملك القدرة على قيادتها وتوجيهها، كما يفعل الانسان. وإلى هذا يشير المولى سبحانه وتعالى (ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها).
إلى جانب ذلك كله، اثبت العلم الحديث أيضا أن الانسان حين يسجد، والسجود يتم عبر الناصية مباشرة فإن طأطأة رأسه “ يــُخرج الشحنات السالبة من الرأس ألى الأرض ويصل الدم إلى أجزاء الدماغ وبالتالي تصبح القرارات اكثر صوابا”، وفي الدين الاسلامي، شرع الله صلاة الاستخارة، وهي الصلاة التي حين يؤديها المسلم يسجد فيها ايضا على ناصيته، المكان الي يتخذ القرارات.