فرض الرئيس التونسيّ، قيس سعيّد، مساء الإثنين، حظر تجوال ليليّ لمدّة شهر كامل، وعطّل العمل بالإدارات المركزية والمحلية والمؤسسات العمومية في البلاد لمدة يومين، كما أصدر قرارا بإعفاء رئيس الحكومة، هشام مشيشي، ووزير الدفاع، إبراهيم البرتاجي، ووزيرة العدل بالنيابة، حسناء بن سليمان، من مناصبهم، وفق بيانات للرئاسة التونسية، في حين تواصلت ردود الفعل العربيّة والدولية، كما نفت حركة النهضة أنباءً تفيد بمنع رئيس البرلمان ورئيس الحركة، راشد الغنوشي من السفر، ووضعه قيد الإقامة الجبرية.
وقال المشيشي في بيان، إنّه "لن يكون عنصرا معطّلا وسيسلّم السلطة لمن يختاره الرئيس التونسيّ".
وذكر المشيشي أنّ "التباين بين التيارات السياسية عطّل عجلة العمل الحكوميّ خلال الفترة الماضية".
وقال سعيّد في كلمة متلفزة، خلال لقاء مع قيادات نقابية: "أدعو الشعب إلى التزام الهدوء وعدم الرد على الاستفزازات، ولا أريد أن تسيل قطرة دم واحدة".
وذكر أن الإجراءات التي اتّخذها جاءت "تنفيذا لنصّ الدستور"، مضيفا: "إن المسؤولية اقتضت أن ألجأ إلى الفصل 80 من الدستور... وأتعجب كيف يتحدث البعض عن انقلاب"، على حدّ قوله.
وتابع سعيّد: "لن نترك الدولة التونسية لقمة سائغة"، واعتبر أن "مؤسسات الدولة لا يمكن أن تستمر بالعمل بالشكل الحاليّ".
وقال إنّ "الدولة قائمة، وندعو التونسيين إلى التعقّل والانتباه إلى من يدعو للفوضى وإراقة الدماء".
وقالت الرئاسة التونسية في بيان أصدرته مساء اليوم الإثنين، إن سعيّد "أصدر اليوم الإثنين... أمرا رئاسيا يقضي بمنع جولان (حظر تجوال) الأشخاص والعربات بكامل تراب الجمهورية".
وأوضح البيان أن المنع سارٍ "من الساعة السابعة مساء إلى الساعة السادسة صباحا وذلك ابتداء من اليوم الإثنين... إلى غاية يوم الجمعة 27 أوت (آب/ أغسطس) 2021، باستثناء الحالات الصحية العاجلة وأصحاب العمل الليلي، مع إمكانية تعديل هذه المدّة ببلاغ يصدر عن رئاسة الجمهورية".
وأضاف البيان: "ويحجّر، بمقتضى هذا الأمر الرئاسي، تنقل الأشخاص والعربات بين المدن خارج أوقات منع الجولان إلا لقضاء حاجياتهم الأساسية أو لأسباب صحية مستعجلة، كما يُمنع كل تجمّع يفوق ثلاثة أشخاص بالطريق العام وبالساحات العامة".
وتابع: "وتُضبط هذه الحاجيات الأساسية ومقتضيات ضمان استمرار سير المرافق الحيوية طبقا للأحكام المتعلقة بضبط الحاجيات الأساسية ومقتضيات ضمان استمرارية المرافق الحيوية في إطار تطبيق اجراءات الحجر الصحي الشامل".
ودعت الأمم المتحدة في تصريح صحافيّ، التونسيين إلى ضبط النفس، والامتناع عن العنف وحل الخلافات بالحوار. كما دعا الاتحاد الأوروبيّ كافة الأطراف التونسية إلى احترام الدستور وتجنب اللجوء للعنف كذلك.
وأفاد بيان الرئاسة التونسية بـ"إعفاء هشام مشيشي، رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية، ووزير الدفاع الوطني إبراهيم البرتاجي، ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان من مناصبهم اعتبارا من يوم الأحد 25 تموز/ يوليو الجاري".
وأوضح البيان أنه "تقرّر تولي الكتاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية برئاسة الحكومة والوزارات المذكورة تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد وأعضاء جدد فيها".
وذكر بيان آخر أصدرته الرئاسة التونسيّة، أن سعيّد "أصدر... أمرا رئاسيا يقضي بتعطيل العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية".
وأشار البيان إلى أنّ تعطيل العمل بالمؤسسات المذكورة، سيكون ساريًّا "لمدة يومين بداية من يوم الثلاثاء 27 جويلية (تموز/ يوليو) 2021، مع إمكانية التمديد في مدة تعطيل العمل ببلاغ يصدر عن رئاسة الجمهورية".
ووفق البيان "يُتيح هذا الأمر الرئاسي لكل وزير معني أو رئيس جماعة محلية اتخاذ قرار في تكليف عدد من الأعوان بحصص حضورية أو عن بُعد. كما يُلزم الهياكل الإدارية التي تُسدي خدمات إدارية على الخط بتأمين استمرارية تلك الخدمات مع تمكين الرئيس المباشر بكلّ هيكل إداري أن يُرخّص في بعض الخدمات الإدارية الأخرى أو القيام ببعض إجراءاتها عن بُعد ولا سيّما عبر التراسل الإلكتروني".
وذكر البيان أنه "يُستثنى من هذا الأمر الرئاسي أعوان قوات الأمن الداخلي والعسكريين، وأعوان الديوانة، والأعوان العاملين بالهياكل والمؤسسات الصحية العمومية، والأعوان العاملين بمؤسسات التربية والطفولة والتكوين، والتعليم العالي الذين يخضعون لتراتيب خاصة".
وذكرت "فيتش" في بيان أن "تحركات الرئيس الأخيرة، قد تضيف مزيدا من التأخير في برنامج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي من شأنه أن يخفف من ضغوط التمويل الكبيرة في البلاد".
وبحسب "فيتش"، فإن تونس ستحتاج إلى الحصول على مبالغ كبيرة من الدائنين الرسميين قبل نهاية العام، من أجل وقف التدهور في السيولة الخارجية لديها.
وأضافت "فيتش": "آفاق الإصلاحات التي من شأنها خفض العجز المالي، وتثبيت الديون، واحتواء ضغوط السيولة الخارجية كانت ضعيفة قبل هذه الأزمة".
وتثير تصرفات الرئيس شكوكا سياسية جديدة؛ بحسب الوكالة؛ ومع ذلك أضافت: "نعتقد أنه من غير المرجح أن يستخدم سلطاته للدفع من خلال تدابير صعبة لمعالجة ضغوط التمويل، مثل خفض فاتورة أجور القطاع العام الكبيرة (17 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020)".
وكانت "فيتش" خفضت تصنيف تونس إلى "B-" مع نظرة مستقبلية سلبية في وقت سابق من الشهر الجاري، بسبب تصاعد مخاطر السيولة المالية والخارجية، في سياق المزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي.
وتعتقد "فيتش" أن الفشل في الاتفاق على برنامج مع صندوق النقد الدولي، مما يؤدي إلى استمرار الاعتماد الشديد على التمويل المحلي، سيزيد من الضغوط على السيولة الدولية.
ورفضت غالبية الأحزاب التونسية، قرارات سعيد، القاضية بتجميد اختصاصات البرلمان، وإقالة رئيس الحكومة، فيما أعربت أخرى عن تأييدها لها.
واعتبر رئيس حركة "النهضة (53 نائبا من أصل 217)"، راشد الغنوشي، قرارات سعيد الأخيرة "انقلابا على الثورة والدستور"، مشددا في تصريحات صحفية تابعها مراسل الأناضول، على أن الشعب التونسي وأنصار "النهضة" سيدافعون عن الثورة.
بدورها، اعتبرت كتلة "قلب تونس" أن القرارات المتخذة من الرئيس قيس سعيد، "خرق جسيم للدستور"، ورجوع بالبلاد إلى "الحكم الفردي".
وعبرت الكتلة (29 نائبا) في بيان، عن تمسكها بدولة القانون والمؤسسات، وأضافت أنها "تحترم الشرعية الانتخابية وترفض أي قرار يتنافى مع مخرجاتها المؤسساتية".
فيما، أعرب حزب "التيار الدّيمقراطي" عن اختلافه مع "تأويل الرئيس قيس سعيد للفصل 80 من الدستور"، رافضا ما ترتب عنه من قرارات وإجراءات خارج نصوصه.
وقال الحزب (22 نائبا) في بيان، إنه "لا يرى حلا (للأزمة) إلا في إطار الدستور"، ودعا "التونسيات والتونسيين إلى التعبير عن آرائهم بكل سلمية".
من جهته، عبر "ائتلاف الكرامة"، عن رفضه القطعي للقرارات الأخيرة التي أعلنها الرئيس قيس سعيد، ودعا الشعب إلى الدفاع عن حريته وثورته.
وقال سيف الدين مخلوف، الناطق الرسمي باسم الائتلاف (18 مقعدا) إن "مجلس نواب الشعب ليس مجمدا ولن يُجمّد".
كما اعتبر حزب العمال غير الممثَّل، في بيان، ما أقدم عليه رئيس الدولة من الناحية القانونية "خرق واضح" للدستور ولأحكام الفصل 80 الذي اعتمده.
فيما، رفض الحزب الجمهوري التونسي غير الممثل بالبرلمان، في بيان، قرارات الرئيس سعيد، بتجميد أنشطة البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من مهامه، معتبرا أنها "انقلاب" على الدستور.
من جانبه قال الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري غير الممثل كذلك، لطفي المرايحي، إن "القرارات التي اتخذها قيس سعيد تتجاوز أحكام الدستور و تمثل انقلابا لا غبار عليه".
وتابع المرايحي أن "ما أتاه سعيّد انقلاب وليس تطبيقا للفصل 80، لأن تفعيل الفصل 80 لا يقتضي حل البرلمان وتعطيل الحكومة".