«لم أجد مفراً أخيراً من الطلاق كحلّ لمشكلتي مع زوجي مدمن الإنترنت، علّه يتنبه إلى أخطار ما يقترفه بسبب ولعه به، ويعود لي، أو وضع حدّ للعلاقة معه نهائياً. فهو لم يعد يُحتمل بهذه الصورة». تضيف ليلى الرواش التي لم يستمر زواجها أكثر من عامين. وتقول الرواش إن زوجها يمضي معظم وقته على شبكات التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي «أفقد به التواصل معه على رغم جلوسنا في الغرفة ذاتها»، مشيرة إلى أن ولعه بالإنترنت جعله يتخلى عن واجباته الزوجية والاجتماعية.
وأوضحت الرواش أن زوجها أدخل كلمة سر إلى جهازه ما جعل الشك يدخل إلى قلبها، إلا أنها لم تعر الأمر أهمية كبيرة، وفق قولها، حتى جاء يوم نسي فيه جهازه لتكون صدمتها أكبر مما تتوقع. وتقول: «لم أعد أعرف من أين أبدأ فهو مثل الأخطبوط في كل موقع له اسم ومشارك فيه، ولديه عدد لا يحصى من الصديقات والصور وتبادل الرسائل وأشياء عدة أخرى صدمتني»، موضحة أنها بعد كل ما رأته «لم أحتمل» الاستمرار، خصوصاً أنها وجدت خصوصيات «لا تحتمل» فقررت الانفصال.
وتؤكد أستاذة علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتورة أمل العواودة، أن «انتشار وسائل الاتصال والإعلام ساهم بطريقة غير مباشرة في انتشار الخيانة الزوجية، ما جعلها أحد أهم أسباب الطلاق الذي تصل نسبته في الأردن إلى 25 في المئة وهي نسبة مرتفعة»، معتبرة أن «انتشار وسائل الاتصال والتعارف الإلكتروني مع انتشار الإنترنت ساهما في شكل كبير في تفاقم هذه الظاهرة». وتظهر آخر الأرقام الرسمية المحلية أن عدد مستخدمي الإنترنت عموماً في الأردن ارتفع الى 3.5 مليون مستخدم أي 56 في المئة من عدد السكان، فيما يقدّر عدد مستخدمي الـ «فايسبوك» بحوالى 2.4 مليون مستخدم، وعدد مستخدمي «تويتر» بحوالى 60 ألفاً.
ويرى مختص الشؤون الأسرية والزوجية، المحامي الدكتور فتحي طعامنة، أنه من خلال إطلاعه وتحليله الخلافات الزوجية التي تؤدي إلى الطلاق، فإن هناك حجماً لا بأس من هذة الخلافات سببه وسائل الاتصال الحديثة وشبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. ويشير إلى أنه سواء حدث ذلك في طريقة مقصودة أو غير مقصودة، فإن هذا عائد إلى عدم تفهّم الطرف الآخر الأمر، مبيناً أنه من المهم جداً أن يكون الأشخاص واضحين حتى لا يضطروا إلى الوقوع في إشكالات الوسائل الحديثة.
«الصمت الزواجي»
فيما يؤكد مختص علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي أن انتشار الإنترنت ساهم في إيجاد عزلة بين الزوجين، أو ما يُعرف بالصمت الزواجي وانعدام الحوار داخل الأسرة، وهو من أهم مسببات الطلاق في العصر الحديث، بسبب ما توفره من فرص للخيانة الإلكترونية. في حين يؤكد الشاب محمد الحامد أن الإنترنت بالنسبة له تعتبر «المتنفّس الوحيد» الذي يأخذه إلى فضاءات أرحب، خصوصاً أن زوجته تفضّل بقاءه بجانبها في المنزل طوال الوقت حتى لو «لم أكن أفعل شيئاً»، ومن دون أن يلقى أي اهتمام منها. ولأنه يحبها ولا يريد الابتعاد عنها وإغضابها، يعوّض عن بقائه في المنزل بتمضية وقته مستخدماً الإنترنت وناشطاً على مواقع التواصل الاجتماعي و «الماسنجر»، يتحدّث مع آخرين ويعقد صداقات، ما يجعله، على حدّ تعبيره، أكثر سعادة ويجدد حياته بعيداً من «نكد زوجته». وكان إحصاء صادر عن دائرة قاضي القضاة، أظهر حصول 16086 حالة طلاق العام الماضي، توزعت على: 3024 طلاقاً رجعياً، 6355 طلاقاً بائناً قبل الدخول، 6283 طلاقاً بائناً بعد الدخول، و424 طلاقاً بائناً بينونة كبرى.
ويشير مدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان إلى أن نتائج الدراسات الميدانية للجمعية في أعوام سابقة، كشفت أن معظم حالات الطلاق في الأردن، وهي تعادل 43 في المئة من حجم الزيجات تتم قبل الزفاف، يليها الطلاق في السنوات الأولى من الزواج، مؤكداً أهمية التوفيق بين التواصل الإعلامي لطرفين والوفاق الزوجي وهي قضية ضرورية غائبة عن أزواج كثر. واعتبر أن حصول ذلك يتطلّب أموراً عدة أهمها: تربية الشباب والبنات تربية حسنة وتوعيتهم وتدريبهم على الطرق السليمة للتعامل مع وسائل الاتصال للاستفادة منها بطريقة إيجابية، وأن تكون عنصراً لتفعيل التواصل بين الأزواج.