قيل الكثير عن تغيير معالم الحيز العام في المدينة ككل وفي اي بلدة عربية وتم رفع النداءات عاليا مرارا وتكرارا ضد تغييب الأشخاص مع اعاقة من المشهد العام وها هي المنارة اليوم تضع خطة مفصلة تحت شعار "بتسوى بلدي تكون متاحة" وارتأت ان تتخذ من "يوم الأعمال الخيرية" اطارا للخروج بفعالية خاصة محورها الحق في الاتاحة. وتعتبر فعالية هذا النهار رائدة بفكرتها حيث نظمت الجمعية انطلاق حافلتين من مقر الجمعية بالناصرة تقل نشطاء فعالين بالجمعية تكتسح الأولى قرى ومدن المثلث في حين تتجه الحافلة الثانية شمالا لتضع رحالها في كل مرة بالبلدات والمدن التي تمر بها.
مسارين ورسالة واحدة
تبدأ الحكاية من القناعة الراسخة لدى جمعية المنارة وشركائها في الهم والرؤية بحتمية تضافر الجهود وتكثيفها من اجل اتاحة الحيز العام امام الجميع، وتشمل كلمة الجميع من يرى جيدا ومن يحتاج الى معينات ليرى، من يتنقل على قدميه بسهولة ومن يستخدم وسائط من اجل الحركة. وهنا في الواقع يبدو الحيز العام في قرانا ومدننا العربية هزيلا ومتقاعسا في حالات كثيرة عن تطبيق الاتاحة بحيث تشمل الطرق ومداخل المباني والمرافق الحيوية. غير ان الاتاحة لا تتوقف عند تذليل العامل الفيزيائي بل تتعداها الى توفير الخدمات ذاتها على نحو يضمن الكرامة والاحترام وبشكل مستقل وآمن. مستقل لأن الأشخاص مع اعاقات بوسعهم القيام بمهماتهم المختلفة تماما كغيرهم دون ان يكونوا رهن مرافقة أحدهم وهم يفضلون ويتوقون للتحرك بحرية ولكن تقف بوجههم العوائق المتمثلة بعدم اتاحة الحيز العام وتبدأ من الوعي حيال هذه القضية وأهميتها وسبل ترجمتها الى واقع. وهنا يأتي دور المنارة وسائر الجمعيات المنضوية تحت راية التغيير لصالح الأشخاص مع اعاقة. غير ان عمل المنارة اليوم يتخذ بعدا رسميا الى حد كبير لا سيما على ضوء المسؤولية التي القت بها الاتفاقية الدولية لمساواة حقوق أشخاص مع اعاقة على عاتق الدول التي وقعت هذه الاتفاقية واسرائيل هي واحدة منها.
وأصدرت المنارة منشورا على شرف "يوم الأعمال الخيرية" يلقي الضوء على واقع الحال من خلال نماذج بسيطة فيقول المنشور: "هل تعلم أن واحدا من كل اربعة اشخاص قد لا يستطيع الذهاب الى البنك بمفرده؟؟ وأنه في المطعم يوجد اشخاص يعيشون بيننا لا يستطيعون اختيار وجبة طعام من القائمة ناهيك عن اشخاص يحرمون من الذهاب لحضور مسرحية او برنامج ثقافي او مباراة رياضية بسبب انعدام الإتاحة". كما تم تسجيل اصدار صوتي يحمل نفس الرسالة ليتم تشغيله في عدة منابر بدءا من الحافلة ذاتها مرورا بموقع المنارة وصفحة الفيسبوك ويوتيوب. يشار الى ان هذه الفعالية هي ثمرة التعاون بين المنارة وجمعية "الروح الطيبة" وبمبادرة سيدة الأعمال شيري اريسون. كذلك جندت المنارة لحملتها ناشطين من مشروع مجتمع متاح - شركة المراكز الجماهيرية.
"بتسوى بلدي تكون متاحة"
اطلقت المنارة على الحملة التي استهدفت اثارة موضوع التوعية الى قضية الإتاحة وترجمتها الى واقع الشعار "بتسوى بلدي تكون متاحة". ويرافق هذا الشعار كافة النشاطات المتعلقة بما فيها نشاطات هذا النهار. ولضرب النماذج المطلوب تذويتها وتبنيها تعاقدت المنارة مع شركة نزارين تورز للسياحة والسفر التي وفرت حافلتين متاحتين بمعنى مجهزتين لاستقبال اشخاص مع اعاقة حركية.
هدف الحملة: الجليل والمثلث
تهدف المنارة الى ايصال رسالة الاتاحة الى كل المدن والقرى العربية في البلاد وتولي هذه القضية مكانة بارزة في اجندتها، حيث وضعت مسارات عديدة بحيث تشمل خارطة مدننا وقرانا العربية من الشمال وحتى النقب. أما البداية فكانت على النحو التالي: مسار الشمال ويشمل عددا من القرى والمدن العربية ابتداء من الناصرة فالرينة فالمشهد فكفركنا فعرابة فسخنين. هذا ووصلت الى شفاعمرو حيث نزلت في ماعس شفاعمرو كما وكان للمركز الجماهيري في طمرة نصيب اما يركا فهي محطة النهاية.
وتم التواصل سلفا مع المسؤولين في كل بلدة يصلون اليها سواء المجلس البلدي او المركز الجماهيري او بيت المسن وصندوق المرضى وغيره ويتم تفقد المرافق الحيوية في كل بلد وبلد للوقوف على وجود الإتاحة من عدمها وابداء الملاحظات بهذا الشأن أضافة الى توزيع المناشير الخاصة بالحملة.
أما مسار المثلث فعرج بداية على قرية إكسال فدبورية لتليها وقفة في مدينة ام الفحم حيث تم اللقاء بناشطين من جمعية ابو الطيب والمركز الجماهيري لتجنيدهم الى اهمية التوعية للحق في الاتاحة الذي تكفلة القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية لتتبعها وقفة في كفر قرع وتليها باقة الغربية حيث كان في استقبال حافلة المثلث رئيس البلدية المحامي مرسي أبو مخ الذي أصغى إلى أهمية الاتاحة البنيوية والاتاحة الخدماتية في المدينة، ثم تلتها قلنسوة والطيبة حيث استقبل الحافلة السيد هلال حاج يحيى مدير المجتمع العربي في جمعية الروح الطيبة ورافق مدير المنارة للقاء برئيس البلدية ومديرة قسم المعارف السيدة درية ابو عيطة وختامها كان الطيرة .
وفي حديث مع المحامي عباس مدير جمعية المنارة أعرب عن شكره لجمعية الروح الطيبة على دعمهم للمشروع الذي وضع حجر الاساس لمسيرة المنارة الطويلة لتذويت الحق في الاتاحة لدى أصحاب القرار في القرى والمدن العربية.