يصادف اليوم الجمعة، الخامس من حزيران، الذكرى السنوية الـ48 لهزيمة حرب عام 67 "النكسة"، والتي أفضت إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء والجولان السوري.
نشبت الحرب بين كل من الأردن ومصر وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، واستمرت من 5 إلى 10 حزيران لتسمى بحرب الأيام الستة. وتعد حرب 67 الحرب الثالثة ضمن سلسلة الصراع العربي الصهيوني والذي بدأ بعد جلاء الانتداب البريطاني وإعلان إسرائيل قيام دولتها المزعومة عقب حرب 48م.
وأدت الحرب لمقتل 15,000 - 25,000 شخص في الدول العربية مقابل 800 في الكيان الصهيوني، وتدمير 70 - 80% من العتاد الحربي في الدول العربية مقابل 2 - 5% في إسرائيل، إلى جانب تفاوت مشابه في عدد الجرحى والأسرى. كما كان من نتائجها صدور قرار مجلس الأمن رقم 242 وانعقاد قمة اللاءات الثلاثة العربيّة في الخرطوم، وتهجير معظم سكان مدن قناة السويس، وكذلك تهجير معظم مدنيي محافظة القنيطرة في سوريا، وتهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة، بما فيها محو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان في شرق القدس والضفة الغربية.
الحرب والهزيمة
واندلعت هذه الحرب عندما شنّ سلاح الجو الإسرائيلي هجوماً على جميع المرافق الجوية المصرية ودمرها خلال 3 ساعات، الامر الذي أربك الجيش المصري، الذي كان أكبر الجيوش العربية المشاركة في القتال وأفضلها تسليحًا، بحيث عطلت القدرة على استعمال 420 طائرة مقاتلة يتألف منها الأسطول الجوي المصري.
وتقدم جيش براً نحو غزة التي كانت تحت الادارة المصرية، واحتل القطاع بكامله بعد يومين، وواصل تقدمه نحو سيناء وتحديداً نحو العريش في الشمال التي سقطت، واستمرت المعارك ثلاثة أيام، وسقطت معظم المواقع والمدن والبلدات المصرية بما في ذلك شرم الشيخ في الجنوب، وانسحب آلاف الجنود المصريين نحو قناة السويس بعدما قطعوا 200 كم سيرًا على الأقدام في بيئة صحراوية جافة، وهو ما أدى إلى قبول مجموعات من الجنود تسليم أنفسها كأسرى للجيش الإسرائيلي، لتنتهي الحرب بعد ستة أيام احتل خلالها الإسرائيليون كل سيناء، ووصلوا الى القناة، فيما دخلت قوات إسرائيلية الضفة الغربية التي كانت تحت الإدارة الأردنية في 6 حزيران بعدما هاجم الطيران الإسرائيلي مطارات الأردن ومراكز التزود بالوقود، ودارت معارك بين الطرفين قبالة القدس، التي سيطر الجيش الإسرائيلي عليها في اليوم التالي، وتقدم نحو المدن الأخرى واحتلها تباعا، ووصل الى نهر الأردن وأغلق الجسور العشرة الرابطة بين الضفة الغربية والأردن رغم مساندة الجيش العراقي للجيش الأردني.
قرار 242
أما الهجوم البري على سوريا، فبدأ في 9 حزيران، حيث أعلن وزير الجيش الإسرائيلي موشي دايان أنه قد أعطى الأمر بشن عملية حربية ضد سوريا، وذلك لكون سوريا قد شنّت غارات على الجليل من جهة، ولدعم الحكومة السوريّة المنظمات الفلسطينية من جهة ثانية، ودارت معارك شرسة استطاع جيش العدو خلالها احتلال هضبة الجولان وعاصمتها القنيطرة، واتهم الجاسوس إيلي كوهين فيما بعد بأنه أعطى الاسرائيليين خريطة توزيع مناطق الدفاعات السورية المحصنة والألغام المزروعة الى ان توقفت الحرب في 10 حزيران بعد قبول كل الأطراف قرار وقف إطلاق النار الصادر عن الأمم المتحدة، وانجلت المعركة الخاطفة لمدة 6 أيام عن احتلال إسرائيل للضفة والقطاع وسيناء والجولان وتشريد أكثر من 500 ألف فلسطيني وعربي الى البلدان المجاورة، وسقوط آلاف الجنود العرب بين شهيد وجريح وأسير، وحلت الهزيمة والعار بالعرب.
وأصدر مجلس الأمن في 22 تشرين الثاني من ذلك العام القرار 242 القاضي بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت وإنهاء حالة الحرب والاعتراف ضمناً بإسرائيل دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين التي اعتبرها القرار مشكلة لاجئين. كما نصّ على احترام سيادة دول المنطقة على أراضيها، وحرية الملاحة في الممرات الدولية، حل مشكلة اللاجئين، إنشاء مناطق منزوعة السلاح، وإقرار مبادئ سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط. ولم تنته تبعات الحرب الأليمة، فما زالت إسرائيل تحتل مناطق واسعة جدًا في الضفة الغربية المحتلة، إضافة لضم القدس لحدودها، في حين أنها انسحبت من قطاع غزة وتفرض عليه حصارًا بريا وبحريا في وقتنا الحالي.
"انتكاسة عربية بامتياز"
ويرى مراقبون أن حرب 67 شكلت "انتكاسة عربية بامتياز"، حيث كان من نتائجها اعتراف الدول العربية بدولة إسرائيل وفتح باب التطبيع معها، وقبول العرب منذ مؤتمر مدريد عام 91 بمبدأ "الأرض مقابل السلام" والذي ينص على عودة إسرائيل لما قبل الحرب مقابل الاعتراف بها كدولة ذات سيادة.