اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيليّ، مؤخّرًا، ثلاثة فلسطينيّين، بشبهة انتسابهم لحركة حماس، وبزعم تخطيطهم لاغتيال رئيس الحكومة الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، في مدينة القدس المحتلّة.
وقال موقع 'والا' الإسرائيليّ الإخباريّ، أنّ النّيابة العامّة قدّمت لوائح ضدّ اثنين من المشتبه بهم. بينما قدّمت النّيابة العسكريّة لائحة اتّهام ضدّ رئيس الخليّة، أحمد عزّام (25 عامًا)، من قرية ياسوف، جنوبيّ مدينة نابلس، وهو يقطن حيّ أبو ديس بالقدس الشّرقيّة منذ عدّة سنوات.
وأفادت المصادر الإسرائيليّة أنّ عزّام كان في مراحل متقدّمة 'من إنشاء بنية تحتيّة لحماس، إذ تلقّى تمويلاً وتوجيهًا من رجالات التّنظيم في قطاع غزّة'. ومن بين التّحضيرات التي قام بها عزّام، استنادًا على ما نشره الإعلام العبريّ، فقد اشترى عزّام موادّ كيميائيّة، واستأجر شقّة في القدس الشّرقيّة المحتلّة، حيث أنشأ بداخلها مختبرًا لغاية تحضير العبوّات النّاسفة.
وأشار موقع 'والا' إلى أنّ عزّام 'قام بتجنيد من كان من المفروض أن يدخل العبوّات النّاسفة، أو إحداها، إلى القدس، بهدف تنفيذ العمليّات التّفجيريّة: حازم صندوقة، الذي حظي بلقب الميكانيكيّ'.
وصندوقة يبلغ من العمر 22 عامًا، طالب جامعيّ يدرس اللّغة العربيّة في جامعة القدس – أبو ديس، اختار هدف الاغتيال القادم: رئيس الحكومة الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو. قام عزّام، خلال شهر تشرين الثّاني/نوفمبر الماضي، بتجنيد صندوقة، الذي وقع عليه الاختيار، لكونه مقدسيًّا يعرف المدينة جيّدًا.
ووفق ادّعاءات النّيابة، فقد طولب صندوقة بشراء موادّ كيميائيّة، من داخل إسرائيل، وإدخالها إلى الشّقّة المستأجر في القدس الشّرقيّة. وبالفعل قام صندوقة بشراء كميّات كبيرة من مادّة البوتاسيوم، بيروكسيد الهيدروجين والسّماد، وذلك من مشاتل ومن صيدليّات في منطقة القدس وقرية أبو غوش.
وذكر موقع 'والا' أنّ عزّام طالب صندوقة بشراء سيّارة أكبر من خاصّته، بغية إدخال أكبر قدر من الموادّ، وكذلك لأجل تهريب 'منفّذي عمليّات' من الضّفّة الغربيّة إلى داخل إسرائيل.
وأدرج موقع 'والا' قسمًا من السيناريو الذي دار بين صندوقة والمحقّق الإسرائيليّ، حول تفاصيل وحيثيّات تخطيط العمليّات التي نفّذت. إذ ذكر أنّه خطّط لتنفيذ عمليّة اختطاف أو تفجير إمّا بمجمّع 'المالحة'، أو بقاعة 'آرنا' الرّياضيّة أو بالكنيس الكبير بالقدس، إذ: 'يصل لهذه الأماكن الكثير من النّاس، ومن ضمنهم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو'، هكذا صرّح صندوقة للمحقّق.
وأشار التّقرير إلى أنّ رئيس الخليّة نجح بتجنيد شابّ عربيّ من النّقب 'أعرب عن دعمه للدولة الإسلاميّة (داعش) ووافق على الاشتراك بنشاط الخليّة'.
واعترف صندوقة للمحقّق: 'عملت أيضًا في آرنا بالقدس، وعملت بإنشاء المنصّة في القاعة. فكّرت بداخلي أنّ هذا المنبر ملائم لوضع عبّوة وتفجيرها، حينما يكون رئيس الحكومة ومقرّبوه واقفين فوقه. لم أقم بتنفيذ الأمر لأنّني لا أعرف كيفيّة تنفيذه، كما لا أعرف تركيب موادّ متفجّرة وعبوّات ناسفة'.
وحينما سأل المحقّق صندوقة حول نيّته الاستشهاد، أجاب، وفق السيناريو الذي نُشر من التحقيق: 'لم تكن لديّ نيّة كهذه، برغم إدراكي أنّ الشّهادة هي أقدس ميتة'.
ويشير التّقرير إلى أنّ كبار المحقّقين في جهاز الأمن العامّ (الشاباك) شاركوا بالتّحقيق بالقضيّة. وتخوّف المحقّقون، في بداية المطاف، من كون الحديث يدور عن خليّة تابعة لداعش، تعمل داخل إسرائيل. وتركّز المحقّقون، بنهاية المطاف، بعزّام الذي قضى محكوميّة بالسّجون الإسرائيليّة طيلة سنتين. ومن داخل السّجون الإسرائيليّة قرّر عزّام التّوجّه لحركة حماس من أجل تمويله لتنفيذ عمليّة.
وفي آب/أغسطس الماضي، تدّعي النّيابة العامّة أنّ عزّام باشر بالتّواصل عبر البريد الإلكترونيّ مع شخص يدعى 'أبو عمر الغزّيّ'، وذلك عبر تطبيق تليغرام وحساب الجيميل. بعث أبو عمر بملفّ يحمل برنامج مراسلات بالكمبيوتر، تمّ التّواصل بينهما عبره، إذ تلقّى عزّام التّوجيهات والإرشادات لتحضير عبوّات ناسفة.
ومن بين المواقع التي جمّع عزّام معلومات عنها، لأجل تنفيذ عمليّة بها، كانت: مدخل مستوطنة أريئيل، مدخل مستوطنة معليه أدوميم ومفترق تبواح. إذ أرسل خرائط لمشغّله من غزّة، موضحًا له الأهداف والطّرق والمخارج. كما أرسل عزّام قائمة بالقرى المحيطة بالأماكن المحتملة للتفجيرات، لأجل تجنيد منفّذي عمليّات.
ويشير التّقرير إلى أنّ عزّام واصل البحث عن منفّذي عمليّات محتملين من القدس ومحيطها، بإمكانهم أن يخرجوا العمليّات إلى حيّز التّنفيذ. إلاّ أنّه وجد صعوبة بهذا الأمر. استلم عزّام من وسيط لحركة حماس، عند دوّار المنارة بمدينة رام الله، عدّة مغلّفات ماليّة تحوي آلاف الدّولارات، كان من المفروض أن تموّل شراءه الموادّ الكيميائيّة. بعد استلامه المال، استأجر عزّام شقّة بحيّ أبو ديس ليباشر إنشاء 'المختبر' الذي من شأنه إنتاج موادّ متفجّرة. حاول عزّام تصنيع موادّ متفجّرة بيديه، إلّا أنّ محاولاته باءت بالفشل.
وبناء على طلب من مشغّله من حركة حماس، يسعى عزّام لتجنيد شابّ من القدس الشّرقيّة المحتلّة، يحمل بطاقة هويّة إسرائيليّة، لاستغلالها لحريّة التّنقّل. وهكذا يجنّد عزّام، الشّابّ حازم صندوقة المقدسيّ. وأوضح عزّام لصندوقة أنّ وظيفته تكمن 'بشراء موادّ كيميائيّة من إسرائيل، من أجل صناعة موادّ متفجّرة. قلت له أنّ مهمّته ستكون إدخال منفّ العمليّة الانتحاريّ أو العبوّات النّاسفة لداخل إسرائيل'، هكذا أقرّ.
بناء على تعليمات المشغل من غزة، قام صندوقة بشراء البوتاسيوم، السّمادّ السّائل، عشرات الكيلوغرامات من السّماد الزّراعيّ وحمض الكبريتيك والمزيد، إذ كان الهدف هو تصنيع سائل النيتروغليسرين لتحضير العبوّات النّاسفة.
وأشار التّقرير إلى أن حركة حماس خططت تحويل 5000 شيكل لعزام، عن كل كيلوغرام واحد من المواد المتفجرة ينجح بتصنيعه.
وفي هذه المرحلة من التّحضيرات والتّخطيطات، يطالب 'أبو عمر'، المشغّل من غزّة، عزّام بالتّحدّث مباشرة مع صندوقة عبر البرنامج الذي ثبّته بكمبيوتر عزّام. إلاّ أنّ اعتقال االسّلطات الإسرائيليّة لكلا المشتبه بهما، عزّام وصندوقة، حال دون التّواصل بين صندوقة والمشغّل من غزّة.
وأفاد التقرير أن عزام نجح بتجنيد شاب آخر للخليّة، وهو من المواطنين البدو بالنقب، الذي أبدى استعدادًا وحماسًا للإقدام على عمليّة انتحارية. وأفاد التّقرير أنّ الشّاب من عائلة أبو القيعان كان مؤمنًا بالأيديولوجيا الدّاعشيّة، إذ صرّح أنّ أعمامه خرجوا للقتال في صفوف داعش بسورية. وحينما سأل عزّام أبو القيعان عن استعداده تنفيذ عمليّة انتحاريّة، أجاب الأخير: 'سألني الشّاب إن كنت أتحدّث بجديّة. الشّابّ فرح (لاقتراحي) ووافق. أنا على استعداد لتنفيذ العمليّة بأيّ وقت'.
ووفق التّقرير، طالب أبو القيعان من عزّام، في حال تنفيذه عمليّة 'أن يتبنّاها هو وألّا يقولوا إنّ منفّذها كان حمساويًّا'. عزّام توّجه لمشغّله الغزيّ، الذي لم يعجبه انتماء الشّاب الفكريّ لداعش: 'أبو عمر قال لي إنّه لا يريد أن يدخل داعش بنشاطاتنا'.