عقّب مراقبون فلسطينيّون، على كشف كتائب عزّ الدّين القسام، الجناح العسكريّ لحركة حماس، النّقاب لأوّل مرّة عن وجود '4 جنود إسرائيليّين أسرى لديها'، الجمعة، متطرّقين إلى التّوقيت والهدف، قائلين إنّ الإفصاح عن تواجد الأسرى، مع كشف صورهم لأوّل مرّة، ما هو إلّا رسالة معلومات للاحتلال الإسرائيليّ، من أجل دفعها نحو إبرام صفقة تبادل أسرى.
ويقول الكاتب السّياسيّ، والباحث في الشّأن الإسرائيليّ، عدنان أبو عامر، إنّ 'كتائب القسّام' أرادت من خلال كشفها عن عدد الجنود الإسرائيليّين الأسرى لديها، 'تفعيل ملفّ الأسرى المفقودين في قطاع غزّة'.
ويضيف أبو عامر 'اليوم تجري حرب معلومات بين كتائب القسّام وإسرائيل، هذه المعلومات والرّسائل عبارة عن صراع أدمغة، وبين الفينة والأخرى، تخرج المزيد من المعلومات والرّسائل'.
ويعتقد، أن 'القسّام قفزت خطوة متقدّمة وكبيرة نحو الأمام، عبر كشفها عن صور الإسرائيليّين الأربعة '.
ويقول إنّ 'الذّراع العسكريّ لحركة حماس، ردّ على حديث نتنياهو عن مفاوضات استعادتهم، بهذه الصّور، التي جاءت أيضًا بالتّزامن مع بعض الفعاليّات الإسرائيليّة لعائلات المفقودين، وهو ما يجعلنا أمام معركة عضّ الأصابع'.
وكشفت كتائب القسّام، مساء الجمعة، لأوّل مرة، عن وجود '4 جنود إسرائيليّين أسرى لديها'، نافية في الوقت ذاته، وجود أيّ اتّصالات مع الجانب الإسرائيليّ، حول هؤلاء الجنود.
وقال المتحدّث باسم كتائب القسّام، أبو عبيدة، في خطاب متلفز، بثّته قناة 'الأقصى' الفضائيّة، التّابعة لحركة حماس، بينما ظهرت في الخلفيّة صورة لأربعة جنود إسرائيليّين، إنّه 'لا توجد أيّ اتّصالات حول جنود العدوّ الأسرى، وإنّ أيّ معلومات عن مصير هؤلاء الجنود الأربعة لن يحصل عليها العدوّ'. وأضاف أبو عبيدة، أنّ 'العدوّ لن يحصل على معلومات عن مصيرهم سوى بدفع أثمان قبل وبعد المفاوضات'.
ولم يقدّم أبو عبيدة، في خطابه تفاصيل أخرى حول مصير الجنود، أو إن كانوا أحياءً أو قتلى، كما لم تعقّب سلطات الاحتلال الإسرائيليّ رسميًّا على ما نشرته كتائب القسّام.
ويرى أستاذ العلوم السّياسيّة في جامعة بيرزيت في الضّفة الغربيّة، بروفيسور عبد السّتّار قاسم، فيما نشرته كتائب القسّام، 'رسالة إلى الرأي العامّ الإسرائيليّ'.
ويقول قاسم إنّ 'القسّام تنشر لأوّل مرّة صورًا لأربعة جنود إسرائيليّين بعد أن كانت تكتفي ببعض الإشارات، وعلامات الاستفهام على صور، في رسالة واضحة لتحريك الشّارع الإسرائيليّ، خاصّة أهالي المفقودين لمعرفة مصير أبنائهم'.
ويتوقّع قاسم، أن تحرّك هذه الصّور الإعلام الإسرائيليّ للسؤال عن مصيرهم وإذا ما كانوا أحياءً، مستدركًا بالقول 'وربّما إجبار إسرائيل على دفع ثمن للقسّام مقابل الكشف عن مصيرهم، أو معلومات بشأنهم'.
ويضيف 'هذه الصّورة تقول لأهالي المفقودين، إنّ أولادكم قد يكونوا على قيد الحياة، ومهمّتكم تتمثّل في الضّغط على الحكومة الإسرائيليّة'.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، قد قال في مؤتمر صحافيّ، الأحد الماضي، ردًّا على سؤال وجّهه أحد الصّحافيّين بشأن الجنود المفقودين، إنّ 'هنالك جهود مضنية تجري بهذا الصّدد، وأنا أجري لقاءات بهذا الشّأن كلّ عدّة أيّام، وتمّ إطلاعي قبل يوميْن لا أكثر على تطوّر مهمّ'.
من جهته، المحلّل السّياسيّ في صحيفة 'الأيّام' الفلسطينيّة، طلال عوكل، إنّ كتائب القسّام نشرت هذه المرّة 'رسالة معلومات'.
ويضيف عوكل 'ما بثّته كتائب القسّام لم يكن عابرًا، أو حدثًا عاديًّا، كان عبارة عن رسالة معلومات، كي تتلقّفها الحكومة الإسرائيليّة'.
ويرى عوكل، أنّ كتائب القسّام قدّمت خطوة تتمثّل في الكشف عن صور الأربعة، من أجل أن يردّ صنّاع القرار في إسرائيل بخطوة أخرى.
وأضاف 'قد تشهد الأيّام المقبلة، ومن خلال وسطاء، تحريكًا وبدايةً لصفقة تبادل أسرى جديدة، لكن هذا يرتبط بمدى ما ستقدّمه إسرائيل من ثمن لحركة حماس'.
وفي التّاسع من تمّوز/يوليو 2015 أعلن جيش الاحتلال الإسرائيليّ، اختفاء أحد 'المواطنين الإسرائيليّين' في قطاع غزّة، مطالبًا باستعادته بعد أن قال إنّه محتجز لدى حركة حماس.
وقال الجيش 'في 7 أيلول/سبتمبر 2014 اجتاز أبراهام منغيستو، مواليد 1986، ومن سكّان مدينة أشكيلون، الجدار الحدوديّ إلى قطاع غزّة قصدًا، وقد اتّضح من المعلومات المتوفّرة بأنّ منغيستو محتجز لدى حماس في قطاع غزّة'.
كما تحدّثت القناة الثّانية للتلفزيون الإسرائيليّ، قبل عدّة أشهر، عن فقدان مواطن إسرائيليّ 'غير يهوديّ' على حدود قطاع غزّة، لكن دون أن يتمّ تأكيد ذلك من الجهات السّياسيّة الإسرائيليّة، لكن مصدرًا في حركة حماس قال إنّ 'إسرائيل سألت عبر وسطاء غربيّين عن شخص غير يهوديّ اختفت آثاره على حدود غزّة'.
وخلال الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على قطاع غزّة صيف العام الماضي، أعلنت كتائب القسّام، في 20 من تمّوز/يوليو 2014، عن أسرها الجنديّ الإسرائيليّ، شاؤول آرون، خلال تصدّيها لتوغّل بريّ لجيش الاحتلال الإسرائيليّ، شرقيّ مدينة غزّة. وبعد يومين، اعترف الاحتلال بفقدان آرون، لكنّه رجّح مقتله في المعارك مع مقاتلي حماس.
وتتّهم إسرائيل حركة حماس باحتجاز جثّة ضابط آخر يدعى هدار غولدن، قُتل في اشتباك شرقيّ مدينة رفح، يوم 1 آب/أغسطس 2014.
وسبق أن أعلنت حماس على لسان قادتها أنّها تقدّم أيّ معلومات حول الإسرائيليّين في قطاع غزّة، قبل إطلاق سراح محرّري صفقة شاليط.
وبحسب هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين، فإنّ سلطات الاحتلال الإسرائيليّة قامت باعتقال نحو 70 أسيرًا ممّن تحرّروا بموجب صفقة شاليط، وأعادت أحكام 34 أسيرًا، من بينهم أحكام بالمؤبّد.
وتمّت صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل في تشرين أوّل/أكتوبر 2011 برعاية مصريّة، أُفرج من خلالها عن 1027 من الأسرى الفلسطينيّين في السّجون الإسرائيليّة، مقابل الجنديّ الإسرائيليّ، غلعاد شاليط الذي أسرته حركة حماس عام 2006.