يبدو ان المعركة الفلسطينية الإسرائيلية الدائرة لكسب الرأي العام العالمي تدور اعنف جولاتها هذه الايام حيث تشهد مواقع الصحف العالمية التي تشكل وتعيد صياغة الوقائع الشرق أوسطية والتي تسمح لمتصفحيها التعليق على الأخبار والمقالات المنشورة إضافة إلى صفحات الفيسبوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي جولة عنيفة من المواجهة الالكترونية، يواجه فيها جيشا إسرائيليا صغيرا متخصصا مدعوما بعدد من مؤيدي إسرائيل سيلا هادرا من الردود والتعليقات التي ينشرها ملايين المؤيدين للفلسطينيين وحقوقهم وفقا لموقع صحيفة "معاريف" العبري الذي نشر اليوم الأربعاء تحقيقا موسعا تناول فيه جيش المدونين الإسرائيليين الذين يدافعون عن إسرائيل أمام الهجمات الفلسطينية والهجمات المؤيدة للفلسطينيين حسب تعبير الموقع.
وحاول الموقع الإجابة عدة أسئلة تتعلق بالموضوع مثل من هم المدونين الإسرائيليين ؟ هل تقوم إسرائيل بدفع مبالغ مالية لهم لقاء تصديهم للهجوم الفلسطيني؟.
في الحادي عشر من تموز الماضي عاد الشرق الأوسط ليحتل عناوين الصحف الايطالية علما بان صاروخا لم يسقط داخل إسرائيل ولم تقم الطائرات الإسرائيلية باغتيال أي فلسطيني في ذلك اليوم لكن خبرا واحدا رفض مغادرة صدارة الصحف الايطالية خاصة صحيفة "ريبوبليكا " وهي واحدة ان اهم صحيفتين ايطاليتين وأكثرهما انتشارا هذا الخبر رفض مغادرة العناوين الرئيسية لأكثر من 24 ساعة ومفاده " جنود إسرائيليين يعتقلون طفلا فلسطينيا " وعززت الصحيفة الخبر بفيلم فيديو قصير يوثق عملية الاعتقال لورغم تأكيد الجيش الإسرائيلي بان الطفل لم يعتقل بل جرى توقيفه لفترة قصيرة ومن ثم أعيد إلى بيته إلا إن الايطاليين المصدومين من هول المنظر لم يسمعوا التأكيد الإسرائيلي وكان الفيلم كافيا بالنسبة لهم لإطلاق العنان لتعليقاتهم دون قيود والحديث على لسان الموقع العبري لصحيفة "معاريف".
كتب احد المعلقين الايطاليين الذي قرأ الخبر على صفحة الفيسبوك التابعة لصحيفة "ريبوبليكا" والتي يتلقى أكثر من 1:2 مليون إنسان الاخبار عبرها معلقا " إسرائيل تستحق الإبادة والتدمير يجب على هتلر ان يعود كي يدمركم ويبيدكم أيها الفاشيون القذرون".
ورأى بعض المعلقين بان إسرائيل تفعل بالفلسطينيين ما فعله هتلر باليهود حيث كتب احد رواد الموقع ويدعى " تيري " هؤلاء هم نازيو الألفية الثالثة لكن لأنهم يمتلكون المال ويحظون بصداقة أمريكا يتم عرض الفلسطينيين كإرهابيين "وهنا ردت مستخدمة تدعى " فيانا فسكا " قائلة " إسرائيل دولة قاتله تنفذ تطهير عرقي غير مسبوق إن الفلسطينيين مساكين".
وخلال لحظات تجمع اكثر من 600 تعليق على خبر اعتقال الطفل الفلسطيني قبل ان يتدخل احدهم ويصد هجوم السيدة " فيانا فيسكا " معلقا باللغة الايطالية " ماذا تقولي عن أي تطهير عرقي تتحدثين ؟ تحدثي عن الاستهداف اليومي للنساء والأطفال لدي أدلة على ذلك انك تطلقين الاهانات والاتهامات جزافا تذكري ان الواقع ليس ابيض او اسود بل يجب علينا دائما الاطلاع على الأمور عن قرب قبل ان نتخذ موقف حاد وقاطع كما فعلت انت ".
وهنا تدخل فلسطيني يدعى موسى وهاجم الإسرائيلي الذي عر نفسه باسم " اهود " قائلا " اهود لماذا ترفض اسرائيل العودة لحدود 67 بدلا من بناء المستوطنات ولا تهتم بحقيقة ان الفلسطينيين اعترفوا بوجودها بأي حق سرقت إسرائيل وطني؟ وهنا رد " اهود " على موسى محاولا اصطناع الأدب " قبل ان نتحدث عن الحدود يجب ان يحدث تطورا هاما وحقيقيا وهي وجوب اعتراف الشعبيين بضرورة تقاسم هذه البلاد ولأسفي الشديد لا زال هذا الاعتراف بعيدا عن النضج سواء تصريحات حماس المعارضة لوجود إسرائيل أو بناء مستوطنات جديدة تشير الى عدم نضج الظروف للاعتراف بضرورة تقاسم هذه البلاد ".
هذه عينة من مئات اليهود أو محبي صهيون كما يطلقون على أنفسهم الذي يشاركون خلال السنوات الماضية بالمعركة الدعائية والإعلامية الهادئة التي تشهدها مواقع الصحف العالمية التي تسمح بالتعليق ومواقع فيسبوك وتويتر وغيرها .
ويستخدم المشاركون بالمعركة الإسرائيلية الفلسطينية الهادفة لكسب التأيد العالمي هذه الايام ساحة حرب غير تقليدية وهي الساحة الوحيدة التي تسمح في العالم الافتراضي لمؤيدي ومعارضي إسرائيل إن يتواجهوا ويتصارعوا بشكل مباشر وتجرهم لنقاشات حادة ومواجهات عنيفة فورية ومباشرة وفي هذه المعركة جوابا لكل صورة وردا على كل رد وتعليق وكل تعليق يعيش لثوان معدودة قبل ان يفند ويقابل برد قوي من قبل الطرف الأخر لكن أي حقيقة ستنتصر في النهاية الحقيقة الفلسطينية أو الإسرائيلية ؟ النصر مرتبط كثيرا بالمواظبة على الرد والمواجهة ومدى قدرة المقاتلين على خوض معركة الأدمغة الطويلة والمرهقة .
4% يكتبون التعليقات و 30% يقرؤونها
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
شارك الدكتور " تسيفي ريخ " من قسم الإعلام في جامعة " بن غريون " ببحث دولي درس عادات متصفحي المواقع الالكتروني والمدونين وشملت الدراسة عادات متصفحي 24 موقعا إخباريا رائدا على مستوى العالم من أمريكا حتى فرسنا ومن ألمانيا حتى استونيا .
واتضح من الدراسة أن فرصة بناء المدونين لوقائع وبناء واقع عبر تعليقاتهم هي فرصة كبيرة جدا وهائلة قياسا لنسبتهم من سكان .
وقال الدكتور " ريخ " إن الأبحاث الدولية والإسرائيلية أظهرت أن 7-4% من متصفحي المواقع الإخبارية يكلفون أنفسهم عناء كتابة التعليقات لكن نسبة من يقرؤون هذه التعليقات عالية بواقع 30-40% من مجموع متصفحي المواقع الإخبارية .
" بإمكان مجموعة صغيرة ومدربة ومواظبة من المعلقين أن تسيطر على مقالة أو رأي سياسي في إسرائيل مثلا وان تظهر موقفها وكأنه رأي الأغلبية أو على الأقل الظهور وكان هراي الأغلبية رغم مخالفة هذا الأمر لواقع الحال كما يوج تأثير نفسي لهؤلاء المعلقين إذ يمكن لشخص ما أن يقرأ تعليقا على خبر أو مقالة ان يعيش شعورا بأنه في صف الأقلية ويشعر بعد الراحة ويعيش شعورا بانه قد يكون على الجانب الخطأ " قال الدكتور " ريخ ".