العشر الاول من ذي الحجة من المواسم العظيمة التي يعظم الله فيها الاجر ، وقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعات عموما في هذه الايام فعن بن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :( ما العمل في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله في سبيل الله ثم لا يرجع من ذلك بشيء)
والصيام من اعظم القربات ، وافضل العبادات لذلك كان يواظب الرسول صلى الله عليه وسلم الصيام في الايام البيض ناث عشر ورابع عشر وخامس عشر من كل شهر ، ويصوم الاثنين والخميس ويرغب فيه، والصيام يدخل في عموم قوله عليه السلام :” العمل الصالح ” ومع ذلك فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يصوم الايام التسعة الاول من شهر ذي الحجة ففي حديث هنيدة بن خالد عن امرأته قالت حدثتني بعض نساء النبي صلى الله عليه و سلم :( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَتِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنْ الشَّهْرِ وَخَمِيسَيْنِ)اخرجه النسائي وغيره ، وصححه الالباني رحمهم الله جميعا
كما انه شرع صيام يوم التاسع وهو يوم عرفة ، وهو داخل في عموم العشرة، وانما خرج اليوم العاشر وهو يوم النحر (العيد) من جواز الصيام فيه بالنص، لانه عليه السلام نهى عن صيام يومي الفطر والاضحى ، وقد ثبت ان رسول الله كان يصوم الايام العظيمة شكرا لله وتقربا، كما في عاشوراء لان الله سبحانه نجى فيه موسى عليه السلام ، والاثنين لميلاده ورفع الاعمال فيه ، والخميس لرفع الاعمال…الخ
لذلك جميعا فلا يصح القول ببدعية الصيام في ايام التسع الاول من ذي الحجة ، بل هو سنة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى ولو لم يصح هذه الحديث فانه لا خلاف في ان الصيام من العمل الصالح. وانما البدعة تكون فيما لم يشرع في اصله او بوصفة ، والصيام مشروع باصله في رمضان وغيره بل في ايام التسع من ذي الحجة ، وثبت صيامه عليه السلام في التسع وفي عرفة فهو مشروع بوصفة، وبذلك فلا ارى وجها للقول ببدعيته بل هو سنة من سنن المصطفى عليه السلام.
واما استدلال البعض بحديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنهما انها قالت : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام العشر قط ) فالحديث ايضا صحيح عند ابن ماجة وغيره صححه الالباني رحمهم الله جميعا
فهذا الحديث اقصى ما يدل عليه نفي العلم ، اي انها لم تعلم ذلك من فعله عليه السلام ، وهذا لا ينفي ان يطلع بعض ازواجه على ما لم تطلع عليه عائشة ، والعلماء يقولون:” المثبت مقدم على النافي” ، فبذلك يترجح قول المثبت على النافي .
كما ان ترك النبي صلى الله عليه وسلم للفعل لا يدل على عدم جوازه ، فقد كان يترك بعض الاشياء خشية ان تفرض على امته.