منذ بضعة أعوام صنع في مدينة مشهد بإيران جهاز أتوماتيكي لغسل الأموات، الأمر الذي أثار جدلاً شرعياً واجتماعياً حول إمكانية تحويل مهمة الغسل والدفن إلى عمل آلي، ففي البداية قيل إن الجهاز من صنع الصين، الأمر الذي زاد من رفض المجتمع وضع جثث الموتى في جهاز من صنع غير المسلمين، نظرا لوجود ترتيبات شرعية مرتبطة بنهاية حياة الإنسان المسلم.
وكانت وسائل إعلام إيرانية أكدت رفض المراجع لاستخدام مثل هذا الجهاز دون أن تذكر اسم أي من هؤلاء الرافضين، في حين نقلت وسائل إعلام أخرى آراء وفتاوى مراجع مؤيدة لاستخدام هذا الجهاز على أن يتم مراعاة الشروط الشرعية.
وكانت وكالة مهر للأنباء الإيرانية نفت صنع الجهاز في الصين، موضحة أنه عبارة عن مشروع داخلي ينتج جهاز الغسل في مدينة مشهد الإيرانية.
ونقلت وكالة فارس للأنباء نقلا عن "محمد بذیرا" مساعد بلدية مشهد التنفيذي في شؤون المقابر قوله: "بما أن عدد الوفيات في مشهد هو الثاني في إيران بعد طهران، لهذا السبب تم صنع جهاز لغسل الموتى وبعد استفتاء المراجع بدأت العملية من خلال مشروع قدم لجامعة فردوسي بمشهد".
وذكر موقع "شيعة أونلاين" أن مراجع شيعة يجيزون استخدام مثل هذا الجهاز مع مراعاة الشروط ونقلت ردود مراجع شيعة من قبيل السيستاني ومبشر كاشاني ومكارم شيرازي وجرجاني وخامنئي، حيث أكد جميعهم أنه "لا مانع من ذلك لو كان وفقا لما جاء في الرسائل العملية"، والقصد هنا من الرسائل العملية هو كتاب يجمع فتاوى الفقيه في الأمور الشرعية حول العبادات والمعاملات لاتباعه.
فعلى سبيل المثال رد السيستاني على سؤال بهذا الخصوص، ": "لو كان وفقا للشروط المذكورة في الرسالة العملية لا مانع فيه".
وفي معرض رده على نفس السؤال أوضح مرجع آخر، وهو ناصر مكارم شیرازي: "الشخص الذي يستخدم الجهاز يجب عليه أن يغتسل شخصياً قبل أن يضغط على زر تشغيل الجهاز" ويقول مرجع آخر وهو جرجاني: "ينبغي أن يطبق في الجهاز مراحل الغسل الترتيبي".
عمل واستيعاب الجهاز
ونشر موقع الثقافة والفن التابع لبلدية العاصمة الإيرانية طهران تقريرا مفصلا حول طريقة عمل جهاز غسل الموتى جاء فيه: "بإمكان هذا الجهاز أن يغسل ثلاثة موتى خلال ساعة واحدة وبعض الأجهزة يمكن أن تغسل عشرة موتى في الساعة، حيث يستغرق غسل أي من الموتى 20 دقيقة تقريبا، ويقوم الجهاز بغسل الميت بشكل دوراني، ويتم فيه مراعاة كافة مراحل الغسل اليدوي من قبيل استخدام السدر والكافور لغسل الموتى".
ولكن يبدو أن المجتمع لم يتقبل هذه الظاهرة الحديثة بسهولة، لأن ذوي الموتى يفضلون أن ينتقل فقيدهم إلى العالم الآخر، حسب عقديتهم الدينية من خلال ترتيبات شرعية تنفذ على يد بشر مثلهم وليس بواسطة أجهزة.