مع اقتراب موعد انتخابات الكنيست الـ24 في إسرائيل المقررة في 23 آذار/ مارس الجاري، يحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الترويج لخطة اقتصادية، والتركيز على الجانب في محاولة لتعزيز صدارته التي تظهر جلية في جميع استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي، على أمل بأن بدفع الأزمة الاقتصادية التي أنتجتها جائحة كورونا، بالناخب الإسرائيلي، إلى دعم معسكر اليمين، الأمر الذي قد يضمن لنتنياهو إمكانية تشكيل الحكومة الإسرائيلية القبلة.
وخلال الأيام الماضية، تحول نتنياهو لاستعراض "إنجازاته" في قطاع الاقتصاد، وخططه لتحريك عجلة الاقتصاد وتجاوز أزمة كورونا بعد الانتخابات القريبة، مقدما نفسه على أنه وزير المالية الأنجح في تاريخ إسرائيل ومدعيا أنه نجح بالفعل في إنقاذ إسرائيل من أزمتين اقتصاديتين قاسيتين.
وعند مراجعة برنامج نتنياهو الاقتصادي للانتخابات المقبلة، يظهر أن الإمارات متمثلة بولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، هي الداعم الأكبر لبرنامج نتنياهو الاقتصادي، بما يشمل أحد "المشاريع الخمسة الضخمة" التي تحدث عنها في نهاية الأسبوع الماضي، والصندوق الذي أقامته الإمارات للاستثمار في إسرائيل بقيمة 10 مليارات دولار، والاستثمارات الخاصة بشخصيات من الأسرة الحاكمة.
وفي تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي ("غالي تساهل")، قال نتنياهو، الإثنين، إن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، "تطوع" باستثمار 40 مليون شيكل (12 مليون دولار) في إسرائيل. وأضاف رئيس الحكومة الإسرائيلية، أن ولي عهد أبوظبي أبلغه بأنه "يريد أن يكون شريكا في مشاريع من شأنها تعزيز اقتصاد إسرائيل بعد (جائحة) كورونا".
والخميس الماضي، كان نتنياهو قد ألغى أول زيارة رسمية له إلى الإمارات، على خلفية "صعوبات طرأت على تنسيق مرور رحلته عبر الأجواء الأردنية". وعقب إلغاء الزيارة، أعلنت الإمارات إنشاء صندوق بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في إسرائيل، وفق بيان أوردته وكالة أنباء الإمارات الرسمية ("وام"). وتم الإعلان عن الصندوق عقب مكالمة هاتفية جرت بين بن زايد ونتنياهو في اليوم ذاته.
وعلى صلة، كشف صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، الإثنين، أن مشروع ميناء إيلات الذي يعتبر جزءا من مشروع بنية تحتية إقليمي ضخم تشارك فيه إسرائيل والإمارات، ومن المفترض أن يساعد في إعادة تأهيل الاقتصاد الإسرائيلي من تداعيات أزمة كورونا؛ بعد الانتخابات الإسرائيلية، هو أحد "المشاريع الخمسة الضخمة" التي تحدث عنها نتنياهو نهاية الأسبوع الماضي، في سياق عرضه لبرنامجه الاقتصادي الانتخابي لمواجهة الأزمة الراهنة.
وذكرت الصحيفة أن المشروع يشمل تشييد ميناء عميق المياه في خليج إيلات/ العقبة، لإنشاء طريق تجاري جديد من أوروبا عبر إسرائيل إلى الخليج. ولفتت إلى أن المخططين وضعوا سيناريوهين محتملين للمشروع، الأول هو مرور البضائع من الإمارات إلى ميناء إيلات عن طريق البر عبر القطارات وخطوط السكة الحديدية، والآخر هو مرور البضائع عن طريق البحر مرورا بالخليج العربي وصولا إلى خليج إيلات/ العقبة، ومن هناك برا إلى مدينة أسدود التي ستشحن عبر مينائها البضائع إلى الغرب.
وبحسب التقرير، فإن نتنياهو كان يعتزم الكشف عن هذه التحركات في لقاء يجمعه مع بن زايد في أبو ظبي، لكن الأردنيين "نسفوا الرحلة" على حد تعبير الصحيفة، حين منعوا نتنياهو من استخدام أجوائهم للطيران إلى أبو ظبي ردا على منع ولي العهد الأردني من زيارة المسجد الأقصى، الأربعاء الماضي، برفقة حراسه الشخصيين، ليتلاشى الأثر الذي أراده نتنياهو لزيارته الإمارات، التي طمح أن تساعده على حسم هذه الجولة الانتخابية؛ غير أن الصحيفة شددت على أنه بعيدا عن الانتخابات فإن مشروع "ميناء إيلات" يعتبر فرصة اقتصادية مهمة جدا بالنسبة لإسرائيل.
وأكدت "غلوبس"، في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني، أن المشروع سيتم تمويله بشكل أساسي من الصناديق الاستثمارية السيادية في أبو ظبي، وعلى رأسها جهاز أبوظبي للاستثمار (أديا) الذي تبلغ قيمته حوالي نصف تريليون دولار. وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال المحادثات المشتركة بين نتنياهو وبن زايد، أبدى الرجلان رغبة في التعاون بتعزيز الاستثمار في البنية التحتيةـ
وأشارت الصحيفة إلى أنه من بين المشاريع الضخمة التي طرحت على طاولة نتنياهو – بن زايد، مشروعين في مجال نقل البضائع: الأول، سكة حديدية من الإمارات عبر السعودية والأردن إلى ميناء حيفا. والثاني هو إنشاء ميناء ضخم مشترك بين إيلات والعقبة.
ونقل الموقع عن رئيس المجلس الإسرائيلي للاقتصاد، بروفسور آفي سمحون، قوله إن مشروع السكة الحديدية قريب من التحقيق، وأن البنية التحتية الأساسية للسكة الحديدية جاهزة أصلا، وينقص لاستكمالها 300 كيلومتر معظمها في السعودية والأردن، مشددا على أن "طريق النقل السريع والرخيص هذا سيقصر بشكل كبير من نقل البضائع في جميع الاتجاهات، وسيتم استخدامه، من بين أمور أخرى، لنقل المنتجات الزراعية والغذائية الطازجة بسرعة وبأسعار أرخص بكثير من أوروبا وإسرائيل إلى الأردن والسعودية والإمارات".
وأشار سمحون، الذي شارك في بعض المحادثات التي أجراها نتنياهو مع ولي عهد أبو ظبي، إلى أن "المشروع يشمل كذلك توسيع ميناء حيفا وزيادة حقيقية في حجم الحركة البحرية فيه ومن خلاله عبر الطريق التجاري الجديد من الخليج والشرق الأوسط بأكمله إلى أوروبا".
كما ذكر سمحون أن المشروع الثاني الذي يتم الكشف عنه لأول مرة (ميناء مشترك بين إيلات والعقبة)، هو بناء ميناء بحري عميق في خليج إيلات. وأوضحت الصحيفة أن المستثمرين فحصوا إمكانية إنشاء ميناء مشترك بين الأردن وإسرائيل على المناطق الحدودية بينهما، مع حفر قناة عميقة على طول الخط الحدودي إلى الشمال، على أن تعتمد استمرارية طريق النقل هذا على سكة حديدية من إيلات إلى ميناء أسدود، وبالتالي إنشاء طريق تجاري آخر أقصر وأقل تكلفة.
ولفت التقرير إلى الجانب السياسي الإستراتيجي للمشروعين وأهميتهما لدول أخرى في المنطقة، بما في ذلك السعودية والأردن، وذكر بروفيسور سمحون أن "هذه المشاريع لها قيم سياسية واقتصادية مهمة بشكل خاص، وتوفر إمكانات هائلة للنهوض بالاقتصاد الإسرائيلي".
كما ذكر التقرير أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن المساهمة الأميركية في هذه المشاريع قد تساهم في الدفع بها وقد تشجع بعض دول المنطقة المترددة على المشاركة، كما تفيد التقديرات الإسرائيلية بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ستكون على استعداد للمشاركة في هذه المشاريع الضخمة بعد دراستها بعناية، وذلك للفرص الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية التي توفرها.
وفيما يعزو المشككون إعلان الاستثمار الإماراتي في إسرائيل إلى حملة نتنياهو الانتخابية، قالت الصحيفة إن لدى المسؤولين في الإمارات نوايا حقيقية بغض النظر عن الانتخابات الإسرائيلية القريبة وهوية الفائز. وذكرت أنه "يمكن أن تشير الروابط السريعة التي تم إنشاؤها بين كيانات من البلدين ومن جميع المجالات إلى أن هذه الاستثمارات ستكون ملموسة على الأرض".
وأشارت الصحيفة إلى أن "المشاريع الكبيرة مثل الموانئ ومسارات السكك الحديدية تستغرق وقتًا طويلاً، الذي قد يلزم لاتخاذ القرارات من حيث المبدأ والتقاضي الإقليمي وإعداد الأوراق والموافقات الرسمية في البلدان المعنية (...) أي أن الجرافات في مثل هذه المشاريع لن تكون على الأرض لبدء العمل إلا بعد سنوات". ورجح مسؤولون في الإمارات وإسرائيل أن ترى هذه المشاريع النور في غضون 10 – 15 عاما.
ولفت التقرير إلى أن معهد التصدير وسلطة الابتكار والتحديث الإسرائيلية سيقومان بالعمل على توجيه الاستثمارات الخليجية في السوق الإسرائيلي، وبالإضافة إلى الاستثمار في البنية التحتية، سيتم تقسيم الاستثمار الحالي إلى استثمارات في قطاع الأعمال/ الصناعة مع التركيز على التقنيات الإسرائيلية المتقدمة (الهاي تيك)، في عدة مجالات. ومن أبرزها: السيبرانية، والتكنولوجيا الزراعية، والمياه - تحلية المياه، وإعادة التدوير، والاستخدام الذكي للري، بالإضافة إلى قطاعات التكنولوجيا المالية، والفضاء والطاقة.
وذكر أن إسرائيل ستكون مسؤولة بشكل أساسي عن توفير الاتصال والمعلومات حول الشركات والصناعات العاملة في هذه المجالات، من خلال سلطة الابتكار والسلطة السيبرانية الإسرائيلية ومعهد التصدير. وأضاف أن الإمارات مهتمة كذلك في الاستثمار بقطاع الطاقة الإسرائيلي، بالإضافة إلى قطاع الصحة بما في ذلك تعاون بين الجامعات والمستشفيات وكليات الطب.