أقيم، مساء أمس في مقر رئيس الدولة رؤبين ريفلين بالقدس، حفل تنصيب القضاة الشرعيين الجدد الذين كانت لجنة اختيار القضاة الشرعيين، برئاسة وزيرة القضاء ايلييت شاكيد، قد اعلنت عن اختيارهم قبل حوالي الشهر.
وجرى الاحتفال تحت رعاية رئيس الدولة رؤبين ريفلين، ووزيرة القضاء ايلييت شاكيد، وبحضور لفيف من المدعوين والقضاة المحتفى بهم.
والقى رئيس الدولة كلمة بارك فيها القضاة وهنأهم بالتعيينات الجديدة. وقال فيها: "أقدم لكم أحر التهاني، يا من يتم تعيينكم اليوم قضاة في المحاكم الشرعية اللوائية، وفي محكمة الاستئناف الشرعية. على الجانب الشخصي، بالنسبة لكل فرد منكم، يعبر هذا المنصب عن إنجاز شخصي كبير. إنجاز أساسه العمل الدؤوب، الامتياز، والعلم المثبت في الأحكام الشرعية. لكن، وكما نعرف جميعنا، ليس هذا المنصب منصبا شخصيا فحسب. إن تعيينكم اليوم يخدم، بصورة مباشرة وفعلية، كل الجمهور العربي-المسلم في إسرائيل. هذا الاحتفال اليوم، هام جدا ومثير للمشاعر بصورة خاصة، وذلك لأن آخر احتفال لتنصيب وتعيين قضاة شرعيين تم في بيت الرئيس، كان قبل أكثر من 6 سنوات. إن تنصيبكم اليوم هو شهادة شرف للعمل الهام الذي قامت به لجنة تعيين القضاة الشرعيين، والتي أرغب بتقديم جزيل الشكر لها بصورة شخصية. إن الطاقات الجديدة التي تنضم اليوم إلى جهاز القضاء الشرعي، إنما تجدد نشاط، وتمنح الطاقات الجديدة والروح الجديدة لأحد أقدم وأهم أجهزة القضاء في دولة إسرائيل.
السادة المحترمين، إن وجود جهاز القضاء الشرعي الرسمي في إسرائيل، إنما يعكس الاعتراف البالغ الأهمية بحيوية مختلف الفئات، الثقافات، والعادات المختلفة في نسيج حياة الدولة الحديثة. تعكس صلاحيات المحكمة الشرعية، كما تم ضمانها من خلال القوانين الإسرائيلية، بنظري، حقيقة أساسية: وهي أن الانتماء إلى دين، إلى تراث، إلى فئة أو ثقافة ما، لا يقتصر على كونة أمرا خاصا يعني الفرد وحده. إن هذا الانتماء هو حق أساسي من حقوق المواطنين في الديمقراطية؛ وبوصفه حقا من هذا النوع، فمن واجب الدولة أن تدعمه وتنهض به.
حضرة القضاة المحترمين، بالإضافة إلى الصلاحيات التي يتم وضعها اليوم بين يديكم، هنالك مسؤولية كبرى وثقيلة تقع على كاهلكم. من اليوم فصاعدا، يفترض أن تجلسوا في المحكمة وتقرروا بشأن مصائر الناس، نساء وأطفال، ممن سيمثلون أمامكم بصفتكم أصحاب القول الفصل. عليكم، يا قضاة المحاكم الشرعية اللوائية، تقع هذه المسؤولية بأضعاف مضاعفة، حيث من المنتظر - في غالبية الحالات - أن يجلس كل واحد منكم بصفته قاضيا وحيدا. يأمل أصحاب القضايا بتحقيق العدالة، ويكون هذا الأمل مصحوبا في كثير من الحالات بحالة من الشك وعدم اليقين، تنبع من اللقاء المباشر مع قوة الدولة وهي ممثلة بالقاضي أو الحاكم. بناء على ذلك، فإن أي إجراء قضائي، مهما كان بسيطا، يؤدي إلى حالة من الخوف وعدم الارتياح، بطبيعته. كذلك، أيها القضاة الأعزاء، فإن الشؤون التي سيخوض فيها كل فرد منكم هي مواضيع بالغة الأهمية والحساسية. إنها شؤون العائلة وداخليات البيوت. سيحضر إليكم المواطنون الذين أصاب التصدّع والتكسر جدران عالمهم وحياتهم الداخلية الخاصة؛ ذلك العالم الذي كان ينبغي أن يكون - الأكثر حماية واستقرارا من أي عالم آخر. عندما تنوون الحسم في هذه المواضيع، فإنني أتمنى أن تنجحوا بالدمج بين أحكام الشريعة وبين رحمة الله الرحمن الرحيم. في اللحظة التي تقررون فيها إصدار الحكم بأية قضية من القضايا، انظروا إلى الإنسان الواقف أمامكم، وأصغوا إليه.
تحدّ آخر يكمن في مهمتكم الجديدة، يتعلق بهذه الفترة التي نعيشها. ألا وهو مكانة المحكمة الدينية في المجتمع العصري، الآخذة بالتقعد. إن المجتمعات التي تشبه مجتمعنا تتغير بسرعة. تتبع هذه المجتمعات قيما مختلفة عن القيم التي عرفناها على مدى سنوات طويلة، ولا تتردد في نقد التراث باسم هذه القيم. في كثير من الحالات، يتحول القضاء الديني إلى الحارس الأمين على التراث، الساعي إلى إنقاذ أعز ما يملك من التغيير الذي يشكل تهديدا. لكن تغير الأزمان، القيم والحقبات، ليس بالضرورة أن يشكل تهديدا فقط. بإمكان هذه الأمور أن تكون أيضا، فرصة للتجدد والانتعاش. من الدلائل الرائعة على هذه الفرصة، ذلك التغيير الذي طرأ على مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي عموما، وفي دولة إسرائيل خصوصا. في مصر، الأردن، السودان، ماليزيا، في الإمارات العربية المتحدة، وحتى في السلطة الفلسطينية، هنالك عدد كبير من القاضيات الشرعيات اللاتي يشغلن منصب قاضيات دائمات في المحاكم الشرعية. أدعوا الله وأصلي أن يتم في دولة إسرائيل أيضا، التخلص من العوائق النظامية سريعا، وأن نحظى بتنصيب قاضيات، إلى جانب القضاة. وإلى أن نحظى بذلك، أتمنى أن تنجحوا أنتم بمد الجسور بين تراث القضاء الشرعي التقليدي، وبين الفهم أن النساء والرجال متساوين في كافة الشؤون.
السادة المحترمين، بانطلاقكم في هذا الطريق الجديد في حمل الرسالة المقدسة، أرغب أن أختم تهنئتي هذه لكم بكلمات من القرآن الكريم من سورة الحديد، الآية 25، من ترجمة أبي ومعلمي، يوسيف يوئيل ريفلين، ليكن مثواه الجنة: ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ )، وأنتم تحملون الكتاب وميزان العدالة بين يديكم، أتمنى لكم النجاح في الحفاظ على العدل، وليبارككم الله!".
وخلال الاحتفال، تحدثت كذلك وزيرة القضاء، أييلت شاكيد التي قالت: "عند اتخاذ القرار بتعيين السادة الموجودين، توجهت إلى اللجنة الفرعية وطلبت من أعضائها التوصية بأسماء نساء بالإمكان ترشيحهن لشغل منصب قاضيات شرعيات. من شأن هذا الأمر - ويجب أن يكون - بشرى هامة للوسط العربي ولمجمل مواطني إسرائيل.
خلال السنوات الماضية، شهدنا تعيين مثل هؤلاء القاضيات في عدد من الدول الإسلامية، بضمنها الأردن، مصر وغيرهما، وليس هنالك أي سبب بألا تقوم إسرائيل، بوصفها دولة ديمقراطية ومتطورة، بالسير على خطى هذا التغيير الهام، بما يتلاءم وروح وثيقة الاستقلال التي تنص على أن دولة إسرائيل ستحقق المساواة بالحقوق بين جميع مواطنيها، دون تمييز على أساس الدين، الأصل أو الجنس.
علينا أن نبارك استعداد المجتمع العربي لدعم هذه الخطوة والقيام بكل ما هو ضروري من أجل ضمان التمثيل اللائق للنساء - وهو تمثيل سينهض بهن إلى مكانتهن اللائقة في مقدمة جهاز القضاء".
يشار الى ان القاضيين محمد ابو عبيد وزياد لهواني تم انتخابهما قاضيين في محكمة الاستئناف الشرعية، ليكملا تركيبته بعد اعتزال سيادة القاضي د. احمد ناطور رئيس المحاكم الشرعية في البلاد.
وتشمل قائمة القضاة الجدد للمحاكم الشرعية كلا من اصحاب الفضيلة: عصام ابو علوه من معاوية، احمد كيال من عكا، مأمون كنعان من طمرة، محمد أبو عبيد من الناعورة، ورأفت عويضة من الطيبة، وعباس عبد الكريم من نحف. بالاضافة الى سعادة القاضيين زياد لهواني من عرابة الذي عين قاضيا في محكمة الاستئناف الشرعية، والقاضي عبد الحكيم سمارة، من الطيرة، والذي أشغل حتى الان منصب مدير المحاكم الشريعة، حيث عين رئيسا للمحاكم الشرعية للاستئناف، بدلا من سعادة القاضي داوود زيني والذي يمضي حاليا إجازة مدتها سنة سيخرج بعدها الى التقاعد.