تزداد حالات الطلاق في المجتمع العربي بنسبة عالية، وكشفت معطيات المحاكم الشرعية في البلاد ازدياد مقلق في حالات الطلاق، وفق الإحصائيات الأخيرة.
وعلى سبيل المثال، شهدت محكمة الناصرة الشرعية 1646 حالة زواج و273 حالة طلاق في العام 2009 وفي 2013 ارتفع عدد الزواج إلى 1851 حالة بينما ارتفع الطلاق إلى 339 حالة وفي 2016 بلغ عدد حالات الزواج 2035 حالة و314 حالة طلاق. وتقدم محكمة الناصرة الشرعية خدمات لأهالي المدينة وللبلدات المحيطة.
وسجلت في المحكمة الشرعية في عكا 1820 حالة زواج و261 حالة طلاق في العام 2009. في 2013 سجلت 2042 حالة زواج و298 حالة طلاق أما في العام 2016 فقد ارتفع عدد حالات الزواج إلى 2125 حالة غير أن حالات الطلاق بلغت 448 حالة ما يعني أنها تقريبا تضاعفت في 6 أعوام. وتقدم هذه المحكمة خدمات لأهالي عكا وبلدات الجليل الغربي.
وتقدم محكمة بئر السبع الشرعية خدمات لكل سكان النقب البالغ عددهم نحو مئتي ألف نسمة. بلغ عدد حالات الزواج بالنقب 1020 حالة و324 حالة طلاق خلال العام 2009، وفي العام 2016 جرى تسجيل 1440 حالة زواج و455 حالة طلاق، وهذا يعني ارتفاعا ملحوظا بنسبة الطلاق.
الخيانة الزوجية
قالت المطلقة "منال" لـ"عرب 48" إن "الطلاق أحيانًا يكون أرحم الحلول، وهذا هو الوصف الأقرب لتجربتي مع الزواج الفاشل. لا يمكنك تخيّل الحياة مع زوج يهينك كلما سنحت له الفرصة في البيت وأمام الناس، أما في البيت فالضرب هو سيّد الحوارات، ناهيك عن الخيانة الزوجية، على الرغم من تحملي مُره لسنوات كانت الخيانة هي القشة التي قصمت ظهر البعير".
وأضافت أن "مجتمعنا يتعامل مع الطلاق كأنه المصاب الأكبر ودائمًا ما يلقي اللوم على الأُنثى، ولكنني تحررت من قمعه ومصابي، واليوم لدي ولدين جهدت وتعبت كثيرًا ولا زلت لأُربيهما أحسن تربية ولي عملي الخاص الذي، والحمد لله، اعتبره ناجحا، وحتى أولادي تنفسوا الصعداء في الوقت الذي انفصلت فيه عن أبيهم".
الزواج المبكّر
وقالت محامية الأحوال الشخصية في جمعية "كيان"، ألحان نحاس داوود، لـ"عرب 48" إن "أسباب الطلاق متعددة، ولكن يمكن حصرها بانعدام الوعي والمعرفة للحقوق والواجبات عند شبابنا وشاباتنا، وذلك لتداعيات كثيرة منها وأهمها الزواج المبكّر الذي يُعد كارثة على المؤسسة الزوجية، كما هناك أسباب أخرى مثل العامل الاقتصادي وعدم المشاركة في مصروف البيت ليقع هذا الحمل على واحد من الطرفين، وفي الملفات التي عملنا بها رأينا في غالبية الحالات المسؤولية الاقتصادية تقع على عاتق الزوجة مما يؤدي إلى استهلاكها".
وأضافت أن "هناك أسباب أُخرى أخلاقية مثل العنف الأسري وتعنيف الزوجة، وهذا سبب وجيه لحالات الطلاق التي تصلنا، ناهيك عن الضغط الاجتماعي والتركيبة الفكرية المتخلفة التي يعاني منها مجتمعنا ليتناول حالات الزواج والطلاق بشكل خاطئ".
وأكدت نحاس داوود أن "ما يهمني بكل موضوع الطلاق هو تداعياته على الطرف الثالث في العلاقة، وهو الأبناء، الذين في كثير من الحالات يقعون ضحية عدم الاتفاق بين الزوجين في جزئية الطلاق، مما قد يستعملوهم كأداة في أروقة المحاكم، وكثير من الحالات التي تعاملنا معها لم يُراع الطرف الثالث أبدًا، كما أن هناك قوانين تزيد من معاناة الطرف الثالث مثل اقتراح قانون سن الحضانة، ففي الماضي كان الطفل يقبع تحت حضانة الأم حتى جيل 6 سنوات، أما اليوم فالاقتراح أن ينخفض لجيل سنتين، مما قد يؤثر على استقرار الطفل فور ولادته، أما أسباب القانون فهي مادية بحتة".
وختمت بالقول إن "المؤسسات تعاني من نقص في الميزانيات مما يمنعها من التعامل مع حالات التسوية بين الطرفين والسعي للحد من الظاهرة أو التعامل معها بمسارها الصحيح، لذلك نطالب بمؤسسات مستقلة. المشكلة أخلاقية والعلاج يجب أن ينظر على الجانب الأخلاقي للمجتمع فهذه الظاهرة كظاهرة العنف في المجتمع، هي مشكلة أخلاقية اجتماعية بحتة يوجب علاجها من جذورها".