قال المفكر والباحث عزمي بشارة، إن نظام بشار الأسد يشن حربًا عاتية ضد شعبه، بعدما رفض إجراء إصلاحات ديمقراطية ترضي السوريين، مؤكداً في الوقت ذاته، على أن الأسد كان صاحب قرار في بداية حكمه، أما الآن، فأصبحت روسيا وإيران هما من يقرران ما يحدث في دمشق.
وتابع بشارة، في الحلقة السادسة والأخيرة من اللقاء معه في برنامج 'وفي رواية أخرى' على التلفزيون العربي، إن النظام السوري تردد بعد الحالة المصرية والتونسية في كيفية التعامل مع المظاهرات، وكان هناك عناصر داخل النظام تدعو لإجراء إصلاح، وطرف آخر كان يدعو للقمع ويرى أنه في حالة فتح النظام السوري أي مجال للإصلاحات فسيؤدي ذلك لانهياره.
وأضاف بشارة أن 'القوة التي ترى استخدام العنف كانت تؤيدها إيران ومن ورائها حزب الله في لبنان، وكان لديهم رؤية بوجوب ضرب الحركة الشعبية والمعارضة، وعدم إعطاء مجال لطرح أسئلة حول طبيعة النظام، وأدَّى ذلك في النهاية لشن حرب على الشعب السوري، وفي الواقع الحركة الشعبية ضُرِبَت بالقمع، ولا يوجد شعب يتظاهر بالملايين أمام قوة جيش عاتية، فالمظاهرات المليونية تنجح لو كان الجيش يقف على الحياد ولا يحاربها'.
وحمَّل بشارة النظامَ السوري مسؤولية الوضع القائم، مضيفاً 'ولا يستطيع أن يقول إننا لم ننبه، فأنا أمضيت 3 أسابيع أقول إن الإصلاح هو الطريق الوحيد والقمع سيأخذ البلد للمجهول، وكان الردُّ زيادة القمع بإطلاق الرصاص، واختراع تمثيليات امتلاك المواطنين للسلاح، والنظام اعترف بذلك لاحقاً وأنه كان مخطئاً'.
وأشار بشارة إلى أن نظام الأسد كان يختبر سقف المجتمع الدولي، وبعد تجربة استخدام السلاح الكيماوي أصبحت حربه العاتية ضد الشعب السوري ليس لها سابق في التاريخ. مضيفاً أن العالم لم يعرف أي نظام سبق واستخدم طائراته ضد شعبه، أي طبيعة لنظام كهذا، ولا يوجد مبرر لما يقوم به، والتنازل عن الحكم أشرف بكثير من تدمير الشعب والبلد، وكان بإمكانه إرضاء الشعب السوري بالمصالحة، ولا شك أن الشعب كان سيتقبل الإصلاحات.
وأكد بشارة أن النظام السوري لم يتحمل أي نقاش أو حياد بداخله، ولم يتحمل إقامة مؤتمر وطني لمناقشة الإصلاحات، وكان يتعامل بمنطق إما معي أو ضدي، وهذا النوع من التفكير يرى فى البلد مزرعة يملكها حكام المزرعة؛ حيث لا يوجد فكر دولة ولا وطن ولا مواطنة؛ لدرجة تفضيل ميليشات أجنبية على الشعب.
ويرى الدكتور بشارة أن النظام السوري متآكل الآن، وبشار الأسد كان صاحب قرار في بداية حكمه لقوة منصب الرئاسة، والآن لم يعد يقرر، بل أصبح القرار بيد إيران وروسيا.
وأبدى بشارة تعجبه من الانقسام الفلسطيني بين حركة فتح وحماس، وطالب بعودة منظمة التحرير الفلسطينية لدورها على المستوى الدولي للحديث باسم فلسطين وللمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني.
وقال بشارة 'أنا شخصياً أجد صعوبة في استبعاب الانقسام الفلسطيني، وأجد صعوبة في فهم الحرص على سلطات تحت احتلال'.
وأضاف أن 'المعضلة أنت على أرضك وقبلت بسلطة تحت الاحتلال؛ مما جعل الشعب يتنافس على السلطة قبل الاستقلال، تماماً مثل القوى المصرية السياسية التي تنافست على الحكم قبل أخذه، فنحن لم نصل لدولة وتصارعنا على دولة ليس لها سيادة وسلطات، بالطبع إسرائيل هي الدولة التي لها سيادة وتحدد لك حصتك في الطعام وعدد أفراد شرطتك فأي سلطة هذه؟، هذا مثل إدارة سجن تعطي السجناء حق تشكيل لجنة لإدارة شؤون السجن'.
وطالب بشارة باستعادة منظمة التحرير الفلسطينية لدورها ممثلاً للفلسطينين وبتبعية السلطة لها؛ لإعادة طرح قضية تحرير فلسطين، واستعادة دورها على المستوى العالمي لطرح قضية الضفة والقطاع.
وتابع أن 'حماس تحكم قطاع غزة وتفكر ليل ونهار في كيفية إعالة قطاع غزة، فكيف تناضل ضد الاحتلال وهي في الوقت نفسه توفر لقمة العيش لقطاع غزة، فهي وضعت نفسها في حصار من جهة مصر، وكذلك من جهة إسرائيل، ولو حدثت وحدة وطنية فحماس ستقول ما هو وضعي لو توحدنا، حيث يمكن أن يعاملونا كمعتقلين كما حدث مع إخوان مصر، لذا فعلى فتح توفير ضمانات ومنح حركة حماس الثقة فيهم'.
وعن أسباب عدم انتفاضة الفلسطينيين على الحركتين، قال بشارة إن أكثر من 90% من الشعب الفلسطيني مع الوحدة، ولا يقبلون تبريرات الأطراف لخلافاتهم، وكثرة المفاوضات والوعود بالوحدة خلقت نوعاً من عدم الثقة، لكن الشعب الفلسطيني ما زال يرى خصمه الرئيسي إسرائيل، والفلسطينيون كذلك يخشون الحرب الأهلية، إلى جانب أن قطاع غزة والضفة فيهما قبضة أمنية قوية.