فوجئ الإسرائيليون أول من أمس، الجمعة، إثر الإعلان عن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قام بزيارة رسمية إلى سلطنة عمان، دامت يومين ولم يعلن عنها مسبقا. ورغم أن هذه لم تكن الزيارة الأولى لمسؤول إسرائيلي إلى مسقط، فقد سبقتها زيارة رئيس الحكومة الأسبق، يتسحاق رابين، في العام 1994، وخلفه شمعون بيرس، في العام 1996، إلا أن توقيت زيارة نتنياهو أثار تساؤلات حول هدفها وما إذا حققت أهدافا.
ولفت محلل الشرون الأمنية في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان، ومحلل الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، تسفي بارئيل، إلى أن أهداف زيارة نتنياهو إلى سلطنة عمان ليست واضحة. رغم ذلك، أشارا إلى أن زيارة نتنياهو هذه تأتي بعد أيام قليلة من زيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى السلطنة. لكن المحللين استبعدا أن يكون نتنياهو يريد استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، إذ أن تطورا كهذا يتناقض مع سياسته وسياسة حكومته، خاصة مع اقتراب الانتخابات العامة في إسرائيل.
من الجهة الأخرى، فإن العلاقات الجيدة بين سلطنة عمان وإيران معروفة، وقد أجرت الولايات المتحدة محادثات مع إيران في السلطنة، عشية توقيع الاتفاق النووي مع إيران، عام 2015، والتقى وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جون كيري، مع مسؤولين إيرانيين في مسقط، في حينه.
ورأى ميلمان أن سلطان عمان، قابوس بن سعيد، ونتنياهو بحثا الموضوع الإيراني "من دون شك"، لكنه شدد على أن "الاستنتاج بأن عمان ستحاول التوسط أو تقريب إيران من إسرائيل أشبه ببعد الشرق عن الغرب" في إشارة إلى أن هذا احتمال غير واقعي.
يشار إلى أنه في أعقاب زيارة بيرس إلى مسقط، عام 1996، فتحت إسرائيل ممثليات لها في السلطنة، التي زارها ممثلون عن وزارة الخارجية الإسرائيلية, لكن هذه الممثليات أغلقت في أعقاب اندلاع الانتفاضة الثانية، عام 2000. وكان هدف زيارة رابين إلى السلطنة، تغليف اتفاق أوسلو مع الفلسطينية واتفاقية السلام مع الأردن، بدعم متعدد الأطراف من العالمين العربي والإسلامية، حسب ميلمان، وجرى حينها البحث في خطط تطوير إقليمية ومواضيع مشتركة مثل نقص المياه ومصادر الطاقة وتطوير الزراعة.
وأضاف ميلمان أنه على الرغم من إغلاق الممثليات الإسرائيلية في عمان، إلا أن العلاقات بين الجانبين استمرت، والتقت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، مع نظيرها العماني، يوسف بن علوي، في قطر في العام 2008.
وكانت بداية العلاقات بين إسرائيل وسلطنة عمان في سبعينيات القرن الماضي، "وأدار الموساد هذه العلاقات السرية"، وفقا لميلمان. "وعمليا، فإن جميع رؤساء الموساد منذئذ وحتى اليوم زاروا عمان والتقوا مع المسؤولين فيها وبضمنهم السلطان. ومثلما رافق رئيس الموساد الحالي، يوسي كوهين، نتنياهو في زيارته، رافق رئيس الموساد الأسبق، شبتاي شفيط، ونائبه إفرايم هليفي، رابين، ورئيس الموساد الأسبق، داني ياتومن رافق بيرس".
وبدأت هذه العلاقات على خلفية أحداث وقعت عند الحدود بين عمان واليمن الجنوبي، الذي كان مواليا حينها للاتحاد السوفييتي واستضاف منظمات فلسطينية في أراضيه. وبحسب ميلمان، فإن عمان طلبت مساعدة عسكرية من بريطانيا، "وأرسلت إسرائيل مستشارين من أجل المساعدة في تدريب وإرشاد جيش عمان. وبمرور السنين كانت هناك توجهات عمانية أخرى لإسرائيل من أجل الحصول على مساعدات أمنية وتكنولوجية، لكنها لم تكن بحجم كبير. والأهمية الكبرى هي بمجرد وجود العلاقات التي استمرت رغم الأزمات".
من جانبه، كتب بارئيل أنه مرافقة رئيس الموساد لنتنياهو ليس أمرا غريبا، وأن "للموساد مساهمة كبيرة ليس بتنظيم هذه الزيارة، وإنما بمساعدة حكم بن سعيد. فقد اعتمد بن سعيد في غالبية سنوات حكمه على الاستخبارات البريطانية".
بدوره، اعتبر محلل الشؤون العربية في صحيفة "يسرائيل هيوم"، عوديد غرانوت، أن "ثمة أمرا واضحا ليس موضع شك، وهو أن الإعلان عن علاقة مكشوفة بمجرد دعوة نتنياهو لزيارة رسمية، في موازاة زيارة وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، ميري ريغف، إلى الإمارات، يثبت أنه بنظر دول الكتلة العربية المعتدلة، التحدث مع إسرائيل حول شؤون إيران والمنطقة هام وملح الآن أكثر من حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني".