عاد فريق ديبورتيفو بالاستينو التشيلي إلى واجهة الأحداث من جديد، فقد تقدم رئيس جمعية اليهود في تشيلي بشكوى لاتحاد كرة القدم هناك يتهم فيه النادي بدعم الإرهاب وذلك لوضعه خريطة فلسطين كاملة على قميصه كما نقلت وسائل الإعلام.
وبعيداً عن تفاصيل القضية الحالية، نريد في هذا الموضوع تلخيص قصة هذا النادي كاملة من الألف إلى الياء.
البداية … مهاجرون قبل الاحتلال الصهيوني:
قبل أن يتم احتلال فلسطين من قبل الحركة الصهيونية بـ 27 سنة، وبالتحديد في 20 أغسطس 1920 تم تأسيس هذا النادي كي يشارك في بطولة محلية في مدينة أوسورنو التي تبعد عن العاصمة سانتياجو 945 كيلو متراً، ومؤسسو هذا النادي مجموعة من مهاجرين فلسطينيين، واختاروا له اسم يعني “النادي الفلسطيني التشيلي”، أو نادي الفلسطينيين في تشيلي.
وشارك ديبورتيفو بالاستينو في أول بطولة دوري عام 1952، حيث بدأت البطولة في تشيلي، وتم تصنيف النادي الفلسطيني في الدرجة الثانية التي صعد منها مباشرة إلى الدرجة الممتازة.
لماذا في تشيلي تحديداً؟
قد يسأل سائل لماذا لم نجد نادياً فلسطينياً خارج الأراضي العربية إلا في تشيلي، والجواب ديموغرافي بحت، فالجالية الفلسطينية في تشيلي تعد أكبر جالية فلسطينية خارج العالم العربي، فيصل العدد هناك إلى نصف مليون نسمة، وهو ثالث أكبر تجمع للفلسطينيين خارج البلاد على مستوى العالم بعد الأردن وسوريا.
هجرة الفلسطينيين إلى تشيلي بدأت أثناء حرب القرم في خمسينات القرن التاسع عشر (1850-1860)، ثم كانت الهجرة الثانية بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت الهجرة الثالثة الكبيرة والأخيرة عقب النكبة في عام 1948، وحسب ما توثق ويكبيديا فإن أكثر الفلسطينيين هناك من بيت جالا وبيت لحم وبيت ساحور.
النجاح الرياضي الفلسطيني في تشيلي ليس كرة قدم فقط:
يعد لويس خيمينيز لاعب الانتر السابق ولاعب أهلي دبي الإماراتي وصاحب الـ 26 مباراة دولية أشهر فلسطيني تشيلي من حيث النجاح الذي وصل إليه كلاعب كرة قدم، لكن هناك رياضياً شهيراً أخر وهو نيكولاس ماسو لاعب تنس فائز بالميدالية الذهبية الأولمبية عام 2004 لبطولتي الفردي والزوجي، كما أنه وصل التصنيف 31 عالمياً.
إنجازات النادي الفلسطيني:
فريق الفلسطينيين في تشيلي حقق لقب الدوري مرتين؛ أعوام 1955 و1978 واحتل المركز الثاني 4 مرات أخرها عام 2008، كما أنه فاز بلقب كأس تشيلي مرتين؛ وما أريد إيصاله أن النادي ليس مجرد إعلان وجود بل نادٍ يسعى للفوز بالألقاب، كما حقق لاعبوه لقب الهداف 5 مرات، وقائمة الأشهر التالية من المدربين واللاعبين تجعلنا ندرك ذلك أكثر.
النشيد الرياضي للنادي:
نشيد النادي جميل من حيث الحماس الذي فيه، هو يتحدث عن ألوان النادي “الوان العلم الفلسطيني” وأهميتها وضرورة اللعب بقوة من أجلها، كما فيه إشارة إلى الأصول الشرقية للفريق مع ترديد كلمة فلسطيني كلما سنحت الفرصة.
أفضل لاعبين في تاريخه:
أفضل لاعب في تاريخ الفريق التشيلي الفلسطيني هو هداف الدوري 3 مرات مع الفريق أوسكار فابياني، وهو رابع الهدافين في تاريخ البطولة التشيلية المحلية مسجلاً 188 هدفاً، مهاجم أرجنتيني لعب مع بالاستينو ما بين 1975-1979 وهدافهم في أخر بطولة في الدوري تم تحقيقها… أوسكار فابياني ورغم أنه أرجنتيني لكنه مثل منتخب تشيلي في 6 مباريات دولية.
ولا يمكن نسيان المدافع الياس فيجيروا الذي يعد أفضل مدافع في تاريخ تشيلي، بل هناك من يعده أفضل لاعب في تاريخ البلاد، وهو كان ضمن الفريق الفائز بأخر لقب دوري حققوه عام 1978.
أشهر المدربين في تاريخه:
يعد مانويل بيلجريني مدرب مانشستر سيتي الحالي أشهر مدرب عرفه الفريق في تاريخه، فنحن نتحدث عن مدرب بسمعة عالمية كبيرة دربهم في فترتين ما بين 1990- 1992 وكذلك عام 1998.
كما أن ثاني أفضل مدرب في تاريخ تشيلي “للمنتخبات” خوسيه سولانتاي قائد منتخب الشباب عام 2007 للمركز الثالث في كأس العالم سبق له تدريب الفريق الفسلطيني، كما أن الياس المذكور أعلاه كأفضل مدافع في تاريخ بلاده قام بتدريب بالاستينو، ولا ننسى ريكاردو دابروفسكي الأرجنتيني الفائز بثلاثة القاب دوري ولقب ليبرتادوريس مع كولو كولو ممن مروا على إدارة هذا الفريق.
ومن الأسماء الأخرىجوزيه دانيال كارينيو مدرب النصر الحالي الذي يقترب من قيادتهم إلى اللقب بعد غياب طويل جداً، وفرناندو رييرا صاحب الخبرة التدريبية الكبيرة في المنتخب وبنفيكا وبورتو واسبانيول، ومدرب برشلونة السابق الفائز معه كمدرب بلقبي دوري والذي درب ريال مدريد وفاز معه بلقب دوري واحد والحديث عن الأرجوياني إنريكي فيولا.
ملعبهم:
الملعب هو ملعب كيستيرنا البلدي ويتسع لـ 12 ألف متفرج وبني عام 1988.
خصومهم .. اسبان وطليان:
يعتبر دربي فريق بالاستينو مع فريقي أواداكس ايتاليانو ويونيون اسبانيولا، ومن أسمائهم نعرفهم؛ فالأول يمثل الجالية الإيطالية أما الثانية يمثل أصحاب الأصول الاسبانية هناك، بالتالي الفلسطينيون هناك يتنافسون مع الطليان والاسبان على زعامة المنطقة .. كرويا!
العلاقة مع بنك فلسطين:
يعد بنك فلسطين حالياً الراعي الرسمي للنادي الفلسطيني التشيلي، وقد سبق له رعايته ما بين 2009-2010.
أرقى نادي في تشيلي:
يتم وصف هذا النادي بأنه أرقى نادٍ رياضي في تشيلي كلها، وذلك ليس بسبب كرة القدم بل بسبب ما يقدمه النادي من خدمات أخرى راقية للغاية كمرافق التنس والسباحة والرياضات الأخرى، وأماكن مميزة لإلتقاء والتواصل الاجتماعي بين أعضائه.
إمداد منتخب فلسطين باللاعبين:
يذكر كثيرون قصة استدعاء منتخب فلسطين لعدة لاعبين من الجالية الفلسطينية في تشيلي ولعبهم مع المنتخب عدة مباريات، وأشهر اللاعبين كان روبرتو بشارة وأليكسيس نورامبوينا وروبرتو كاتلون وإدجاردو عبد الله وليوناردو زامورا.
تحسين صورة الفلسطينيين في تشيلي:
عانى الفلسطينيون كثيراً في بداياتهم في تشيلي وهناك كلمات عنصرية تم كتابتها في صحف تلك البلاد عانت منها الجالية كثيراً، ولكن التقارير تشير إلى أن وجود نادي كرة قدم يلعب باحترافية واحترام للقواعد والتنافس الشريف، ساهم كثيراً بتحسين الصورة لدى فئة كبيرة من السكان هناك خصوصاً أننا نتحدث عن شعب عاشق لكرة القدم، فالمشروع ليس ألقاب فقط ولا تنافس ولا إعلان وجود، بل هو أعمق من ذلك بكثير.
الدعم السياسي للقضية الفلسطينية:
لم يتوقف نادي بالاستينو عن دعم القضية الفلسطينية كلما سنحت الفرصة، فالقضية الأخيرة بوضع الخارطة كاملة ليست جديدة، فالجمهور هناك كان موجوداً في كل قضية معلناً الدعم ورفضه سياسة القتل والعقاب الجماعي في أحداث كثيرة منها حرب غزة والانتفاضتين الأولى والثانية.
كما أن النادي ملتزم بوضع ألوان علم فلسطين على قميصه عبر تاريخه وهو ما يعتبر دعماً مهماً أخر.