رغم معرفتها بأن الأسلحة الكيماوية قد استخدمت قبل أكثر من عام، وتحديدا في تموز 2012 من قبل النظام السوري، إلاّ أن الإدارة الأمريكية لم تحرك ساكنا في حينه بحجة أن الأدلة التي قدمتها الاستخبارات الأمريكية لم تكن كافية.
صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية نقلت عن مسؤولين في واشنطن الجمعة قولهم إنه كانت هناك تقارير تشير إلى استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية "على نطاق ضيق" غير أن تلك التقارير لم تكن حاسمة، على حد قولهم.
وكانت تلك التقارير قد وردت إلى البيت الأبيض قبل شهر من تحذير الرئيس الأمريكي أوباما من أن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا "سيتجاوز الخطوط الحمراء ويدفعه إلى تغيير حساباته" حول التدخل عسكريا في سوريا. وكانت إدارة الرئيس أوباما تحفظت على ما وردها من معلومات حول استخدام الأسلحة الكيماوية ولم تفصح عنها إلاّ بعد عدة أشهر حين صرح مسؤولون في شهر نيسان وقتها بأنهم "يعتقدون" أن النظام السوري قد استخدم أسلحة كيماوية.
ويسعى الرئيس الأمريكي في الوقت الحالي لإقناع الكونغرس بضرورة التدخل عسكريا في سوريا وذلك بعد الهجوم بالأسلحة الكيماوية في الحادي والعشرين من آب الماضي والذي ذهب ضحيته أكثر من 1400 سوري بينهم أطفال ونساء.
وهنا يتساءل بعض المسؤولين السابقين والحاليين في الإدارة الأمريكية حول التباطؤ في ردة فعل البيت الأبيض لاستخدام السلاح الكيماوي في المرات السابقة، وما إذا كان باستطاعة الرئيس أوباما أن يحول دون الضربة الكيماوية التي وقعت في ريف دمشق لو أنه وجه تحذيرات واضحة للنظام السوري، أو اتخذ خطوات أكثر صرامة كتوجيه ضربات محدودة أو تزويد الثوار بأسلحة أكثر تعقيدا، على حد تعبير الصحيفة الأمريكية.
أحد كبار الضباط السابقين في وكالة الاستخبارات الدفاعية والمختص بشؤون الشرق الأوسط جيفري وايت يصف صمت الإدارة الأمريكية إزاء التجاوزات التي حدثت العام الماضي في سوريا بالقول "إن السكوت في مثل هذه الحالات من علامات الرضى."
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد صرح أمام نواب الكونغرس بأن بلاده كانت تعلم باستخدام السلاح الكيماوي 11 مرة من قبل النظام السوري قبل الهجوم الذي وقع في شهر آب، وهذا الرقم يفوق بكثير ما كانت قد صرحت به الإدارة الأمريكية من قبل. ويسود الاعتقاد في الأوساط الأمريكية بأن تلك الهجمات قد راح ضحيتها قرابة 150 إنسان. وفي محاولة لتبرير موقف الرئيس أوباما، أشار كيري إلى "أن الرئيس لم يكن يعتقد بأن الاستخدامات السابقة للأسلحة الكيماوية مقنعة بما فيه الكفاية لتكسب تأييد الشعب الأمريكي والعالم بضرورة التدخل العسكري."
بدوره قال النائب الأمريكي مايك روجرز الذي يرأس لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب في الكونغرس إنه كان على إدارة أوباما أن ترد بصرامة أكثر على الهجمات الكيماوية السابقة في سوريا، وذلك للحيلولة دون مزيد من استخدام الأسلحة الكيماوية كما حدث في آب، على حد قوله.
ويضيف روجرز أن الأدلة التي قدمها الخبراء حول الضربة الكيماوية الأخيرة كانت متوفرة في المرات السابقة، والفارق الوحيد، كما يقول، هو أن الضربة الأخيرة في ريف دمشق قد تصدرت عناوين الصحف. "لقد ترددنا وكانت النتيجة هجوم تصدر عناوين الصحف ومئات القتلى من الأطفال،" على حد وصف المسؤول الأمريكي.