على مدى الشهرين الماضيين، أشار الرئيس دونالد ترمب إلى ما أسماه "الصاروخ المخادع". وروج الرئيس للصاروخ الذي لم يسمه على وجه التحديد، ثلاث مرات على الأقل هذا العام، وبدا كأنه يكشف عن تفاصيل سرية حول السلاح الفتاك الجديد من نوعه، وفقا لما نشرته مجلة Popular Mechanics الأميركية.
أدلى ترمب بأول تعليقاته حول الأسلحة "الفائقة" القوة والسرعة في فبراير 2020 خلال اجتماع عقده في البيت الأبيض وحكام الولايات قائلًا: "لدينا صواريخ فائقة السرعة - عدد هائل من الصواريخ فائقة السرعة. نحن نسميهم "فائق السرعة"، حيث إنهم أربعة وخمسة وستة بل حتى سبعة أضعاف سرعة أي صاروخ تقليدي. إننا بحاجة إلى ذلك لأنه يوجد بعض من الصواريخ المماثلة لدى روسيا والصين". في هذه التعليقات، ربما تعمد ترمب الخلط بين مصطلح "فائق السرعة" و"تفوق سرعته سرعة الصوت".
وفي مايو، خلال مناسبة تم استضافتها في البيت الأبيض بمناسبة إنشاء قوة الفضاء الأميركية الجديدة، قال ترمب: "لدينا – ما أسميه "صاروخا مخادعا". وأنه سمع الليلة الفائتة، أن سرعة هذا الطراز من الصواريخ تفوق سرعة أسلحة المنافسين بـ17 ضعفا في الوقت الحالي. وأضاف مؤكدا: "الآن لدينا اسم للصاروخ: "المخادع السوبر" وهو "أسرع 17 مرة مما لديهم (روسيا والصين) حاليًا". إن الافتراض الأكثر منطقية هو أن ترمب كان يتحدث عن صاروخ تفوق سرعته 17 مرة أسرع من صواريخ كروز التي تعمل بالطاقة التوربينية مثل توماهوك، التي تنطلق بسرعة تصل إلى حوالي 885 كلم/ساعة، مما يعني أن الصاروخ المخادع ينطلق بسرعة تساوي 15 ألف كلم/ساعة، أو 12 ماخ. ونوه ترمب بأن الصاروخ أسرع بثلاث مرات تقريبًا من الأسلحة الروسية أو الصينية التي تفوق سرعة الصوت، فيما يشير الخبراء إلى أن صاروخ أفانغارد الروسي تصل سرعته إلى 27 ماخ.
ثم عاد الرئيس ترمب، وتحديدًا في 13 يونيو في ويست بوينت، ليقول: "إننا نقوم ببناء المئات من السفن الجديدة والقاذفات والمقاتلات النفاثة والمروحيات والدبابات المتطورة والأقمار الصناعية والصواريخ والقذائف. ولدينا حاليًا صاروخ أسرع من الصوت ينطلق [بسرعات] تفوق بـ17 ضعفا أسرع صاروخ متوفر حاليًا في العالم ويمكنه إصابة هدف على بعد 1600 كم في غضون 35 سم من نقطة المركز. ويتضح من التصريحات الأخيرة أن "الصاروخ الخادع" أو "سوبر دوبر"، يتضمن إشارات مثيرة للاهتمام.
من المعروف أن هناك مجموعة مذهلة من برامج التسلح الأميركية، التي تفوق سرعتها سرعة الصوت قيد التطوير المتزامن، وأن الجيش الأميركي يقوم بتطوير سلاح جديد طويل المدى تفوق سرعته سرعة الصوت. كما تقوم القوات الجوية بتطوير سلاحين هما صاروخ الاستجابة السريعة ARRW طراز AGM-183 جو-جو بالإضافة إلى مفهوم جديد للصواريخ الفرط صوتية يوصف بأنه صاروخ يتنفس الهواء ويشار إليه اختصارًا بـHAWC. وتعمل وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة DARPA، فرع البحث والتحديث المتطور في البنتاغون، على تطوير مفهومين إضافيين للأسلحة فائقة السرعات هما Tactical Boost Glide وOpFires.
ولكن يجمع الخبراء على أن السلاح الذي يقصده الرئيس ترمب في تصريحاته من بين كل هذه الأسلحة، هو الصاروخ ARRW طراز AGM-183 الذي تتطابق مواصفاته بدرجة كبير مع المعلومات التي جاءت على لسان الرئيس ترمب في وصفه للصاروخ سوبر دوبر أو الصاروخ المخادع.
وتبلغ سرعة هذا الصاروخ 12 ماخ ويصل نطاقه إلى حوالي 1600 كم ويستطيع إصابة هدفه في حوالي سبع دقائق. وبالمقارنة، يستغرق صاروخ كروز "توماهوك" حوالي ساعة وعشرين دقيقة لإصابة نفس الهدف. وعلى حين أن الدفاع ضد الأسلحة فرط الصوتية ليس مستحيلًا، فإن الكشف عن صاروخ يسير بسرعة تزيد عن 5 كم/ ثانية وتتبعه ثم الاشتباك معه أو ليس بالأمر السهل، وربما لا يكون ممكنًا مع أنظمة صواريخ أرض-جو الدفاعية الحالية.
إنه من النادر أن يسمح البنتاغون بالإدلاء بتفاصيل عن مدى دقة أسلحته، أما إذا كانت درجة دقة صاروخ ARRW طراز AGM-183 هي درجة دقة إصابة الهدف للصاروخ سوبر دوبر، الذي تحدث عنه الرئيس ترمب، أي حوالي 35 سم. فإنها ستكون تفاصيل بالغة الأهمية، ومن المؤكد أنها ستجعل المهندسين الروس والصينيين يفركون أصابعهم ويقدحون زناد فكرهم بحثًا عن أي وسيلة يستطيعون من خلالها مواجهة مثل هذا المنظومة الصاروخية الموجهة بالغة التعقيد.
ويخمن بعض الخبراء أن بعض البيانات، التي تناولها الرئيس ترمب في تصريحاته، ربما يكون الغرض منها تضليل الأعداء بمعلومات مبالغ فيها تتسبب لهم في الارتباك وتدفعهم إلى البحث عن وسائل دفاعية يمكنها مجابهة هذه القدرات الوهمية، وفي كل الأحوال سيضطرون إلى إنفاق الملايين أو حتى المليارات حتى إذا كانت هناك شكوك بأنها تهديدات وهمية. ويختتم الخبراء قائلين إذا كانت البيانات صحيحة ودقيقة، فإن خصوم الولايات المتحدة أصبح لديهم حاليًا فكرة تقريبية عما يمكن تكبده في حال الدخول في مواجهة مستقبلية ضد قوة عسكرية تمتلك صاروخ "سوبر دوبر"، وسيتحتم عليهم الدخول في سباق مع الوقت للوصول إلى حلول قبل دخول الصاروخ المخادع إلى الخدمة في الجيش الأميركي.