نجح سلاح الجو الأميركي في تجربة قيام برنامج مساعد طيار افتراضي، يعمل بالذكاء الاصطناعي، بقيادة طائرة تجسس من طراز U-2 في كاليفورنيا، وهي المرة الأولى التي يتولى فيها نظام للذكاء الاصطناعي التحكم الكامل في مركبة عسكرية أميركية، وفقا لما نشرته مجلة "بوبيولار ميكانكس" Mechanics Popular.
خص الدكتور ويل روبر، مساعد وزير القوات الجوية الأميركية للاقتناء والتكنولوجيا واللوجستيات، مجلة Popular Mechanics بلقاء حصري تناول فيه تفاصيل الإنجاز الذي تمكن من تحقيقه هو وفريق العلماء والخبراء والمطورين في سلاح الجو الأميركي، والذي يصنع تاريخا جديدا في عالم الحروب العسكرية.
قفزة عملاقة
لم يعد توظيف الذكاء الاصطناعي لمساعدة قائدي الطائرات مجرد مسألة خيال علمي أو أفلام رائجة، ففي يوم الثلاثاء الموافق 15 ديسمبر 2020، نجح سلاح الجو الأميركي في تشغيل مساعد طيار افتراضي يعمل بالذكاء الاصطناعي على متن طائرة تجسس من طراز U-2 في كاليفورنيا، فيما يعد قفزة عملاقة لـ"الكمبيوتر" في العمليات العسكرية المستقبلية.
عصر رقمي بالغ التعقيد
بدأت أولى خطوات تلك القفزة العملاقة نحو العصر الرقمي البالغ التعقيد والتطور من جانب سلاح الجو الأميركي منذ ثلاث سنوات، تم خلالها إعداد برامج حاسوبية عسكرية وتم تشكيل أول فرق تطوير تابعة للبنتاغون وبرمجة نظم تشفير وبناء شبكة إنترنت قتالية هجومية أمكن بواسطتها اعتراض صاروخ كروز بسرعات فائقة للحاسوب. لكن ما تم تحقيقه في التجربة العملية الأخيرة بواسطة برنامج الذكاء الاصطناعي.
مساعد الطيار ARTUµ
قام فريق التطوير بسلاح الجو الأميركي بتدريب µZero، وهو برنامج كمبيوتر رائد عالميًا يهيمن على الشطرنج وألعاب الفيديو دون معرفة مسبقة بقواعدها، لتشغيل طائرة تجسس من طراز U-2. وتم الإشارة إلى مساعد الطيار الافتراضي برمز ARTUµ، والذي تولى دور قائد المهمة وصاحب سلطة القرار النهائي في فريق جمع بين البشر والآلة. وعلى الرغم من حجم المخاطر الكبيرة على مستوى الذكاء الاصطناعي العالمي، فقد كان الشعار الذي رفعه فريق المطورين هو "تجاوز القدرات العسكرية لآفاق الخيال العلمي".
محاكاة حاسوبية لهجوم صاروخي
وتم تنفيذ الرحلة التجريبية في شكل مهمة استطلاع خلال هجوم صاروخي محاكى حاسوبيًا على قاعدة بيل الجوية. قام مساعد الطيار ARTUµ بالبحث عن قاذفات العدو، التي يمكن أن تشكل تهديدًا في نفس الوقت الذي كان يقوم فيه الطيار العسكري البشري بنفس الإجراء، وتشاركا في استخدام رادار المقاتلة طراز U-2. اتخذ برنامج ARTUµ القرارات النهائية بشأن تخصيص الرادار لرصد الصواريخ لضمان الحماية الذاتية، مع مراعاة عدم تجاوز الطيار البشري.
ميزة القرار المعزز
وأوضح الدكتور روبر أن تولي مساعد الطيار ARTUµ موقع القيادة لم يكن أمرًا مرتبطًا بأي مهمة معينة بقدر ما كان يتعلق بمدى احتضان الجيش الأميركي للذكاء الاصطناعي بالكامل للحفاظ على ميزة القرار المُعزز في ساحة المعركة.
وشرح المسؤول الأميركي أن الطيار المقاتل يحتاج إلى معرفة الاحتمالات المختلفة في سيناريوهات القتال المعقدة، مشيرًا إلى أن التعاون مع الذكاء الاصطناعي الموثوق به عبر جميع جوانب الاشتباك أثناء معركة، بما في ذلك وضعه في موقع المسؤولية في بعض الأحيان، يمكن أن يقلب هذه الاحتمالات لصالح المقاتل الأميركي.
الثقة الكاملة وحرية الاختيار
إن تصميم البرامج هو المفتاح للحصول على الثقة الكاملة في الذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال أعطى صندوق قاطع الكود، على متن الطائرة U-2، لمساعد الطيار الافتراضي ARTUµ القدرة على التحكم بشكل كامل في الرادار أثناء وضعية "إيقاف تشغيل"، وإذا كان سيناريو المحاكاة الحاسوبية يدور في مجال به احتمالية أكثر لوجود رادارات للعدو، فسيمكن ضبط مفاتيح التبديل "التشغيل والإيقاف". وتعني تلك الخاصية أن التصميم يسمح للمشغلين باختيار ما لن يفعله الذكاء الاصطناعي لقبول المخاطر التشغيلية لما سيفعله.
قوات خارقة ذاتية التحكم
واستطرد الدكتور روبر، مساعد وزير القوات الجوية الأميركية للاقتناء والتكنولوجيا واللوجستيات، قائلًا إن سلاح الجو الأميركي يطمح إلى تخطي مساعدي الطيارين الافتراضيين والمجندين المحوسبين إلى مرحلة بناء قوة آلية ذاتية التحكم ومستقلة تمامًا، خاصة أن العمل بدأ بالفعل لتطوير مقاتلات صغيرة ذاتية التحكم في إطار برنامج Skyborg للقوات الخارقة.
ذكاء اصطناعي شبحي
وأشار المسؤول الأميركي إلى أنه بينما يتم استكمال بناء الجيل الأول من الذكاء الاصطناعي العسكري، يجب على فرق التطوير أن تعمل أيضًا على دعم برمجيات لخوارزميات شبحية وإعداد تدابير دفاعية مضادة لأي ضربات مفاجئة أو خادعة من العدو، مع العمل على دعم برامج الذكاء الاصطناعي بغرائز مماثلة لما يتمتع به الطيارون البشر وإتقان قيادة المقاتلات فائقة السرعة.