يوم الاثنين الماضي انطردت مقذوفة من الشمس حزمة هائلة من لهيبها الناري، طولها يعادل صفا من 20 كرة أرضية مجتمعة، وبسرعة مليونين و700 ألف كيلومتر بالساعة، وأحدثت تغيّرات مناخية جعلت شتاء الأرض يبدو صيفاً هذه الأيام بعدد من الدول، خصوصا في القارة الأوروبية ودول عربية مجاورة.
كانت، وما تزال، عاصفة شمسية اخترقت الميزان العادي للطقس، ومعها ارتفعت الحرارة إلى ما شجع كثيرون على النزول الى البحر للسباحة في عز الشتاء، وتم التقاط موجات راديو قصيرة في جميع أنحاء العالم لصوت صدر عنها شبيه الى حد كبير بزئير الأسد، وأقوى من صوت صدر في أوائل 2012 عن عاصفة شمسية سجلته "ناسا" الفضائية الأميركية وغيرها .
الوكالات وغيرها نقلت بعد يومين عن "ناسا" الفضائية وهيئات علمية أخرى أن ما حدث وبلغ الأرض، كان "عاصفة مغناطيسية متوسطة القوة ناتجة عن تحرر البلازما والرياح الشمسية المنطلقة من الثقوب الإكليلية للشمس، وأن خبراء في مراكز عدة للجيوفيزياء التطبيقية ذكروا أن مستوى ما وصل للأرض كان 6 درجات" بحسب ما ورد في موقع "روسيا اليوم" الخميس الماضي.
الجمعية الفلكية بجدة سبقت غيرها بالتحذير
ويوم الأحد الماضي، أي قبل انتشار خبر العاصفة الشمسية بيوم تقريبا، ذكرت "الجمعية الفلكية بجدة" ملاحظة علمية مهمة منها، نشرتها صحيفة "عكاظ" السعودية كخبر أطلعت عليه "العربية.نت" بعددها في اليوم التالي، وفيه تحذير من "أن عددا من البقع الشمسية ينتظم في خط مستقيم على خط استواء الشمس، وأن إحداها ازدادت في الحجم وفي غاية النشاط" على حد ما ورد بالخبر.
بعدها نقلت الوكالات عن هيئات علمية أن ما سبق العاصفة كان تحررا هائلا من البلازما، وهي حالة رابعة من المادة بعد السائل والصلب والغازي "تنفصل معه الإلكترونات من ذراتها لشدة تعرضها لحرارة عالية" وبدأ يوم 14 فبراير الجاري باتجاه الأرض.
في الوقت نفسه انطلق تيار قوي من رياح شمسية أحدثت على الأرض اضطرابات متنوعة "أثر بعضها حتى على صحة من يتأثرون بتغيّر الظروف المناخية، وشكل خطرا على حياة المعانين من ارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه، وأيضا على المعتلين بأمراض القلب" طبقا للعبارات الواردة من الهيئات العلمية، وأهمها "ناسا" الأميركية.
وأوضحوا في شرح مسهب أن إحصائيات من أبحاث علمية تشير إلى أن من 50 إلى 75% من سكان الأرض يشعرون بالعواصف المغناطيسية، لكنهم لا يعلمون حقيقتها، أو بأنها السبب في "صداع نصفي" يشعرون به، أو خفقان وأرق وخمول وغيرها من الأعراض، ولا يعيرونه اهتماما.
بسرعة 45 ألف كيلومتر بالدقيقة
ويوم الخميس الماضي استشارت "فوكس نيوز" التلفزيونية الأميركية عالما بالتغيرات المناخية، هو الأميركي توني فيليبس، المشرف على موقع Spaceweather.com والمختص بالأحوال الجوية، فأخبر أن ما قذفته الشمس كان لهبا على شكل هالة غاز بلازمي مكثف، محمّل بالطاقة المغناطيسية "وطوله يزيد على صف من 20 كرة أرضية على الأقل" وفق مقارنته.
وذكر فيليبس الأغرب أيضا، وهو أن ما انطلق منطردا من الشمس "كانت سرعته في الفضاء 1.7 مليون ميل بالساعة" أي 45 ألفا من الكيلومترات بالدقيقة الواحدة يوم الثلاثاء الماضي، واصفا الظاهرة بأنها نموذج لنوع من عواصف الشمس تحدث بعد تغيرات تطرأ فيها.
عن تلك التغيرات أصدرت "ناسا" تقريرا في أغسطس الماضي، بثت الوكالات ملخصا عنه كخبر طالعته "العربية.نت" أيضا، وفيه توقعت "انقلابا" سيبدأ في حقل الشمس المغناطيسي خلال أسابيع "تنخفض شدته تدريجيا لتتناقص حتى الصفر، ثم يظهر ثانية بقطبية معكوسة بعد 3 أو 4 أشهر" على حد ما ذكرت.
منذ شهر سبحوا في لبنان بعز الشتاء
ظاهرة التغيّر بقطبي الحقل المغناطيسي الشمسي، معروفة للعلماء بأنها تحدث مرة كل 11 عاما تقريبا، حيث يحتل الشمالي مكان الجنوبي، وبالعكس، وهذه "مرحلة انتقالية" ترافقها عواصف شمسية حاسمة يتغير معها المناخ الأرضي إلى درجة تجعل الشتاء صيفا، لذلك نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية خبرا بعنوان Summer in the middle of winter لفت الانتباه يوم الجمعة الماضي.
لكن ما لم يلفت انتباه أحد، حتى ولا "ناسا" الأميركية، هو خبر نشروه قبل شهر تماما في لبنان بعنوان "سباحة و"برونزاج" بدل التزلج في كانون الثاني" وتحدث عمن نزلوا في يناير الماضي للسباحة قرب الجامعة الأميركية ببيروت، وأحدهم اسمه محمد ماجد، بدا من صورته أنه في السبعينات من العمر، وكان يسبح بعزيمة الشباب في عز الشتاء بدلا من التزلج مع أحفاده على ثلج الجبال.