نعيش في عالم تخضع فيه كل نواحي حياتنا لملاحظة دقيقة من الآخرين، حيث نتعرض للتصنيف والنقد والاستغلال بغرض تحقيق الربح من ورائنا. وأسوأ ما يمكن أن يحدث لك هو أن تكون بدينًا، وأفضل ما يمكن أن يحدث لك هو ألا تعاني من البدانة، كما أنك ستغدو ثريًا لو قمت بنشر كتاب تحكي فيه معاناتك مع البدانة وكيفية تخلصك منها. إن من الصعب تخيل أن أي إنسان على وجه البسيطة قد لا يتعرف على شخص سمين عندما يراه. ولكن وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في المجلة البريطانية للممارسة العامة، يعاني الآباء في معرفة ما إذا كان أطفالهم يعانون من السمنة أم لا.
شملت الدراسة 3000 عائلة من المملكة المتحدة، حيث قام الباحثون بتصنيف الأطفال حسب مؤشر كتلة الجسم إلى «وزن طبيعي، وزن زائد (يزيد على 85%) ووزن زائد جدًا (بدين وفقًا للتصنيف الأميركي، حيث يزيد على 95%)». ثم طلبوا من الآباء أن يحددوا إلى أي فئة ينتمي أطفالهم.
ووفقًا لمجلة فوربس، فقد تبين أن كل الآباء تقريبًا كانت تخميناتهم خاطئة:
“لقد تبين أن الآباء لم يوفقوا أبدًا في تحديد ما إذا كان أطفالهم زائدي الوزن أم يعانون من السمنة. فمن بين 369 طفلاً يعانون من زيادة شديدة في الوزن، أربعة منهم فقط اعترف آباؤهم بذلك. وعندما حلل الباحثون الأرقام بشكل أكبر، رأوا أن الطفل الذي يزيد وزنه بنسبة 98% على مؤشر كتلة الجسم، يعتقد 80% من الآباء أن وزنه عادي. وقد تطلب الأمر أن يزيد وزن الطفل بنسبة 99.7% على مؤشر كتلة الجسم حتى يقول الآباء إن وزنه زائد، ناهيك عن قول إن وزنه زائد جدًا”.
تعتقد الكاتبة أن هذا شيء جيد. فعدم قدرة الآباء على تحديد ما إذا كان أطفالهم يعانون من السمنة أم لا يعني أنَّ ثمة شخصيْن في هذا العالم لن يُشعرا هؤلاء الأطفال أنهم محطمون وبلا قيم، وأن ثمة شخصين لن يغرسا القلق من تناول الطعام في الأطفال حتى قبل أن يبلغوا سن المراهقة، وأن يمنعوا عنهم السعرات الحرارية بينما لا يزالون في مرحلة النمو، وتقويض قدرتهم على التمتع بعلاقة صحية مع الطعام.
لا يعني هذا أنه ليس على الآباء الاهتمام بصحة أطفالهم، فهذا واجب عليهم. ولكن ثمة طرقًا لحماية صحة الأطفال من دون تقويض لآدميتهم.
تعدد الكاتبة بعض النصائح الهامة عند التعامل مع الأطفال البدناء:
1- إذا كنت تشك أنك أب لطفل سمين، لا تذكر له ذلك! تحدث في الأمر مع زوجتك أو طبيبك أو معالجك النفسي! ولكن اترك أمر إخبارهم بذلك إلى مدرب الرياضة أو أصدقائهم، وكل ما سيحتاجونه منك هو تشجيع غير مشروط. فحماية صحة أبنائك تشمل أيضًا حماية صحتهم العقلية.
ولهذا السبب، ما رأيك بعدم إبداء أي تعليقات على مظهرهم الجسدي بالمطلق، خاصة إذا كان لديك فتاة؟ فستقضي بناتك وقتًا طويلاً في استيعاب أنهن يتعرضن للتمحيص والتقييم في كل مكان يذهبن إليه، بما في ذلك التعليقات الإيجابية. بدلاً من ذلك، لمَ لا نمدحهم على حس الفكاهة؟ أو مهاراتهم في الهندسة؟
2- توقَّف عن التركيز على جعل أطفالك نحفاء وركز على تحسين صحتهم. أطعمهم طعامًا مغذيًا وخذهم في نزهة أو ارقص معهم أو اهزمهم في لعبة التنس. امنحهم الطاقة وسبل إحراقها، لأن الرياضة مسلية وليس لأنهم يعانون من البدانة.
3- إذا أبدى لك الأطفال قلقًا من أوزانهم، تأكد من إدراكهم أن حجم الجسد لا علاقة له بقيمة الإنسان أو تفكيره أو إمكانياته.
4- بالنسبة إلى هذه المسألة، كن رحيمًا بنفسك. كفّ عن انتقاد نفسك، فأطفالك يسمعونك.
5- أخيرًا، اهتم بالترويج للصحة على نطاق واسع. قم بدعم السياسات التي تتيح البقالات التي تحوي أطعمة مغذية في الأنحاء الفقيرة. قاوم حتى تصبح تلك الأحياء أكثر أمانًا ونظافة. وناضل من أجل حد أدنى للأجور أفضل، حتى لا يضطر الآباء للعمل لساعات مضاعفة، وحتى يتاح لهم الوقت للطهي والأكل في البيت مع عائلاتهم.
6- قاتل من أجل كرامة من يعانون من البدانة. تشير الأبحاث إلى أن الشعور بالعار من شكل الجسد يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن. إذا كنت تسعى للمساهمة في القضاء على البدانة، اترك من يعانون من السمنة يعيشون حياتهم بلا إساءة أو سخرية.