قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فاتو بنسودا، إن المحكمة قد تحقق وتقاضي مسؤولين ذوي مناصب متدنية إذا اتضح أنهم نفذوا جرائم حرب، وليس فقط كبار الضباط. وبحسبها فإنه 'من مصلحة إسرائيل وفلسطين التعاون مع المحكمة الدولية'.
وردا على سؤال ما إذا كان ذلك يستدعي قلق كل ضابط أو جندي خدم في قطاع غزة أو الضفة الغربية، في مقابلة مع صحيفة 'هآرتس'، قالت بنسودا إنه في حال فتح تحقيق فإن سياسة التحقيق والمقاضاة ستوجه أساسا إلى من يتحملون المسؤولية بشكل أكثر من غيرهم عن تنفيذ جرائم حرب، وأنه من الممكن أن يجري التحقيق ويقاضى مرتكبو جرائم معروفون، أو مرتكبو جرائم على مستويات متدنية أو متوسطة، بحيث يسير العمل من الأسفل إلى الأعلى لبناء ملف قوي أكثر ضد المسؤولين عن الجرائم.
وقالت أيضا إن طاقم الفحص سيعمل بشكل نزيه وموضوعي، ويرفض أي ادعاء بالانحياز ضد إسرائيل.
وأكدت أنها تعمل بموجب ميثاق روما، وبشكل مستقل دون تحيز أو خوف أو تفضيل، وأن قراراتها بما يتعلق باستمرار العمل في كل مرحلة سيكون بموجب القانون والأدلة وبدون اعتبارات خارجية، وأن هذه هي طريقة عمل المحكمة بشأن فلسطين أو في أي مكان آخر، وأن عمل المحكمة وقراراتها حتى اليوم يؤكد أنها تطبق القانون بشكل موضوعي في كل الحالات، ولن يكون في فلسطين مختلفا.
وقالت بنسودا أيضا إنها مدركة لمدى تعقيدات الصراع المستمر، وأنها ستشدد على تطبيق ميثاق روما باستقلالية كاملة وبدون تحيز. وبحسبها فإن الاعتبارات السياسية لم تلعب أي دور في اتخاذ القرارات.
وشددت على أهمية التعاون مع المحكمة الجنائية من جانب الدول والهيئات، وقالت إنه لا يوجد قوات شرطة لدى المحكمة أو هيئة إنفاذ، وإنما تعتمد على أن الدول تنفذ قراراتها وتدعم عملها، وأن التعاون أمر ضروري وناجع وسريع، في تنفيذ أوامر الاعتقال التي تصدرها المحكمة، على سبيل المثال.
وأضافت أن تعاون فلسطين وإسرائيل مع المحكمة سيساعد في التوصل إلى قرار رصين في نهاية عملية الفحص الأولية، وأن هناك مصلحة سواء لإسرائيل أم لفلسطيني في التعاون.
وردا على سؤال بشأن اعتقاد الإسرائيليين بأن التحقيق قد يزعزع حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، قالت بنسودا إن القانون الدولي لا يهدف إلى المس بالدفاعات الوطنية للدول ولا يتناقض معها وإنما يعززها، ويضمن أن تخوض الأطراف القتال بموجب القانون الدولي، وبشكل يقلص المعاناة إلى الحد الأدنى، وخاصة في وسط المدنيين، ويردع الأطراف عن ارتكاب جرائم من خلال التحقيقات والدعاوى.
وتابعت أنه في المرحلة الحالية فإن المحكمة الدولية لا تجري تحقيقا، وإنما تجري فحصا أوليا فقط غير محدود زمنيا. وقالت: 'نجمع ونجري تقييمات لمعلومات من مصادر موثوق بها من كل الأطراف، بما فيها إسرائيل، حول جرائم نفذت من قبل أي طرف في الصراع'.
أما بشأن القرار بفتح تحقيق، بحسبها، فإن ذلك سيخضع لضرورات العدل، و'مبدأ التكامل' الذي ينص على أنه لا يوجد للمحكمة الدولية صلاحية قضائية في الحالات التي تقوم بها الدولة أو الهيئة ذات الصلة بإجراء تحقيق نزيه، مشيرة إلى أن الدول لديها الفرصة الكاملة لتفعيل صلاحياتها القضائية للتحقيق مع مرتكبي الجرائم ومقاضاتهم.
وردأ على سؤال بشأن التحقيقات التي تستجسب لشروط مبدأ التكامل، وما إذا كانت تحقيقات الجيش الإسرائيلي تعتبر نزيهة، قالت بنسودا إن المؤسسات الوطنية للدول هي الخط الأول للدفاع لمواجهة جرائم واسعة النطاق، ولذلك لها المسؤولية الأولى في التحقيق والمقاضاة، وعندما ترفض هذه الدول أو تكون غير قادرة على إجراء تحقيق تدخل المحكمة الدولية إلى الصورة.
وقالت إن المدعي العام في الجنائية الدولية ينظر إلى سلطات الادعاء الوطنية، مدنية أو عسكرية، على أنها مكملة، وأن دوره لا يتناقض مع عمل المحققين والمدعين في الدول، وإنما يدعم عملهم طالما كان نزيها ويتماشى مع ميثاق روما.
وأضافت بنسودا أن أية معلومة تقدمها الحكومة الإسرائيلية أو الفلسطينية بهذا الشأن سيتم تقييمها لتحديد ما إذا كانت التحقيقات والدعاوى الوطنية نزيهة.
إلى ذلك، ترفض بنسودا ادعاءات إسرائيل بأن فلسطين ليست دولة مستقلة، وبالتالي لا يمكن الموافقة على إنفاذ صلاحيات المحكمة الدولية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وقالت إنه منذ اللحظة التي منحت فيها الأمم المتحدة فلسطين مكانة دولة مراقب فإنه يجب اعتبارها دولة بموجب ميثاق روما.