على عمق 15 مترا تحت سطح الأرض مغطاة بطبقة سميكة من الاسمنت المسلح وفي درجة حرارة لا تتجاوز 22 درجة مئوية في جميع فصول السنة هناك قرب قرية دالية الكرمل المحاذية لمدينة حيفا يقع أهم موقع إسرائيلي مخصص لاستضافة وحماية كوابل وخوادم " سيرفرات " الانترنت الرئيسية التي تضم "مخازن" المعلومات المتعلقة بكبريات الشركات والمؤسسات الإسرائيلية .
في هذه اللحظة إذا كنتم تستخدمون الانترنت حاليا فلا بد أن تمر معلوماتكم وتفاصيلك عبر شبكة واسعة لتصل أخيرا إلى الموقع الحصين ومنه عبر الكابل البحري إلى العالم أو أن معلوماتكم تمر حاليا عبر خوادم كبريات الشركات المزودة لخدمة الانترنت والتي هي الأخرى تضح خوادمها في نفس الموقع الحصين الذي ألقى موقع " ذي ماركر" الاقتصادي التابع لصحيفة " هأرتس" العبرية نظرة هي الأولى من نوعها عليه وكشف ما جادت به الرقابة العسكرية وسمحت بنشره عن هذا الموقع الاستراتيجي ونشر تقريرا مفصلا مدعوما بالصور .
ويصنف الموقع المعروف إسرائيليا باسم Med-1 " كأكبر مركز لتخزين المعلومات "Data Center" في إسرائيل ويعتبر هذا التقرير المرة الأولى التي يسمح فيها لصحفي مع طاقم تصوير بالدخول إلى الموقع الخاضع للحراسة المسلحة على مدار الساعة ويخضع لعملية رقابة الكترونية تصور كل سم من الموقع الضخم لكن ضابط امن الشركة انضم لطاقم التصوير ليتأكد بأنه يصور ما سمح له بتصويره فقط .
وقال مدير عام الموقع شدا الذي رافق الطاقم الصحفي واصفا الموقع" انه مثل القفص ومكون من طابقين تحت الأرض وفي كل طابق أربعة مناطق مختلفة والدخول إليها يتم فقط عبر غرفة " مرور" بعد الحصول على إذن وتصريح الحارس ".
واضاف " حين دخلنا الموقع وسرنا في ممر بعرض متر ونصف المتر وتقع على يمينه ويساره غرفا يطلق عليها اسم " أقفاص" لم نعد نسمع سوى همهمة الخوادم .
"وهناك الكثير من الغرف" الأقفاص" المغلقة التي تستضيف خوادم الزبائن " الشركات المؤسسات " التي اختارت " 1–Med "1 - لتأتمنه على معلوماتها ومنها جميع البنوك العاملة في إسرائيل وجميع المؤسسات المالية وكافة الوزارات الحكومية والأذرع الأمنية الإسرائيلية بكافة أنواعها ولاحظنا غياب أية يافطات تحمل أية أسماء على غرف الأقفاص كما لا يمتلك مدير عام الموقع مفاتيح هذه الأقفاص التي لا يدخلها سوى عمال الشركة أو المؤسسة التي نطلق عليها اسم " الزبون " كما يزود الموقع زبائنه بخدمات يطلق عليها اسم "خدمة الإصبع" التي تسمح لأحد موظفي موقع التخزين بالدخول إلى القفص لتشغيل الخادم بعد طلب الزبون هذا " قال معد التقرير الصحفي " اميتي زيف " .
وقال مدير عام الموقع المعروف باسم " شدا " :" حين طلب زبون ما خدماتنا نجلس سويا ونضع تصورا لاحتياجاته والزبون يحدد المساحة التي يريدها وقوة التيار الكهربائي وبعد ذلك يقدم طلباته الخاصة المحددة فهناك بعض الزبائن يطلبون سقفا للقفص وتبريد ارضي وإغلاق الباب بواسطة بطاقة الكترونية ذكية وهناك من يرد وضع كاميرا خاصة به داخل القفص ليصور كل ما يجري بداخله إضافة للكاميرات الموجودة أصلا التابعة لموقع التخزين".
ويضيف مدير الموقع" يمتد موقع Med-1 " على 7500متر مربع ومحاطا بخندق مائي بقطر 1 كلم تقريبا ومحصن ضد الصواريخ والهزات الأرضية ومجهز لمواصلة العمل في ظروف الحرب البيولوجية والكيماوية ويضم بداخله خزانين للمياه وأربعة مولدات كهرباء ضخمة جدا بإمكانها توليد 10 ميغاواط " ما يعادل حاجة مدينة إسرائيلية متوسطة من التيار الكهربائي " ما يمكن الموقع العمل دون مساعدة خارجية لفترة 72 ساعة وإذا وصلت شاحنات السولار في الوقت المناسب يمكن للموقع العمل لفترات أطول في ظل أصعب الظروف ".
وبالصدفة وجد الصحفي نائب مدير عام صندوق المرضى " كوبات حوليم " الذي جاء ليتفقد خادم الصندوق وسمح لطاقم الصحفي دخول القفص وقال ردا على سؤال " لماذا لا تحتفظون بالخادم في مبنى صندوق المرضى قريبا من رجال IT " الذين يحبون إن يكونوا قريبين من الخوادم ؟" اجاب" هذا الواقع كان قائما حتى عام 2005 وفي بداية العام المذكور توجب علينا اتخاذ قرار يتعلق بكيفية توسيع قاعدة المعلومات الخاصة بنا وفي هذه الحالة يجب إضافة خوادم جديدة وإضافة وسائل تخزين جديدة فوصلنا الى وضع لا تتسع فيه مكاتبنا لهذه التجهيزات ولا يمكنها تحمل الإضافات سواء من حيث الكهرباء او من ناحية الثقل الواقع على المتر المربع ولهذا فان الوضع الإنشائي للمبنى حيث مكاتبنا لا يسمح بذلك ولا يتيح لنا توسيع قاعدة المعلومات ونحن نطور برامج ونقوم بصيانتها لكن توسيع مركز المعلومات ليس من اختصاصنا لذلك قررنا إخراج هذا المركز خارج المبنى وتسليمه للجهة المختصة والخبيرة فوضعنا خطة لنفل مئات الخوادم والكثير من وسائل التخزين وتمت عملية النقل في ليلة واحدة عبر قافلة شاحنات عبرت طريق " يلون" وما ام بلج الصباح حتى كان التزام بكامل تفاصيله يعمل كالمعتاد ".
ويستضيف موقع التخزين إضافة لصندوق المرضى الموحد " كوبات حوليم مؤحيدت " مئات الشركات الأخرى ويستخدم جزء كبيرا منها موقع Med-1 " كمركزي رئيسي لحفظ معلوماتها وبمعنى اخر " القبل الحي للشركة " الذي يربط بين جميع فروع الشركة المعنية ومنظمة اتصالاتها الهاتفية فيما تستخدم شركات اخرى موقع " Med-1 " كنسخة ثانية اضافية لمركز داعم لمركز المعلومات الرئيسي .
ويقع تاريخ موقع " Med-1 " عميقا في قلب تاريخ الـ" هاي –تيك " الإسرائيلي والاتصالات الخلوية الاسرائيلية حيث اقيم هذا الموقع لاول مرة كمحطة هبوط للكابل البحري المعروف باسم " مد-ناوتيلوس " الذي بدأ تشغيله عام 2011 حينها كانت إسرائيل ترتبط بالشبكة الدولية عبر الكابل البحري المعروف باسم " لف" الذي كان يتمتع بطاقة استقبال منخفضة بشكل كبير قياسا مع الكابل الجديد .
أقيم موقع التخزين أيام " دوت كوم " وفقا لما قاله مديره العام الذي أضاف " استخدم جزءا بسيطا من الموقع كنقطة هبوط للكابل البحري فيما أقيم ببقية المساحات قاعات كمبيوتر كبيرة فكر أصحابها باستضافة شركات " تلكوم الإخبارية " لقد بنوا موقعا اكبر بكثير مما تحتاجه نقطة هبوط الكبال البحري وشرعوا بداية عام 2003 بعرض المساحات المتوفرة كأماكن لاستضافة خوادم الانترنت وفي البداية وصلت شركات استخدمت نظام " DR " وانا شخصيا كنت في تلك الفترة نائب مدير عام التكنولوجيا في شركة بيزك الدولية وبالتالي احد أوائل زبائن موقع " Med-1 " .
وجاءت أحداث البرجين في نيويورك لتجعل من الموقع موقعا استراتيجيا وحساسا ولتسرع عملية نقل وتخزين خوادم الانترنت حيث تسبب الإحداث بمسح وتدمير شركات كبيرة وضعت خوادمها وقاعدة معلوماتها والنسخة الإضافية من هذه القاعدة في ذات المبنى وبعد هذه الإحداث سادت قناعة بإمكانية إخراج الخوادم وحفظها في أماكن أخرى وهنا انهالت على الموقع الطلبات ووصلت موقع التخزين خوادم كافة المؤسسات الصحية والبنكية والمالية والطبية والامنية التي وجدت هنا ما لم تجده في مقراتها الرئيسية وهو شاشة الثقة بالخدمة " SLA " وتعهد بتقديم زمن عمل بنسبة 99:99% ما يعني بان الموقع يستطيع وقف الخدمة لمدة 52 دقيقة في السنة فقط لا غير ".
لكن موقع " " Med-1 " ليس الوحيد من نوعه في إسرائيل واعدت شركة الدراسات والبحوث " STKI" وثيقة قارنت فيها بين مواقع الاستضافة الإسرائيلية وقدرت الوثيقة سوق" مراكز المعلومات " في إسرائيل بـ 49 مليون دولار مع توقع نمو السوق إلى 65 مليون دولار حتى 2015 .
وأشارت الوثيقة إلى وجود عدد لا باس به من المنافسين في هذه السوق منها شركات دولية مثل " HPيوبام " وكافة شركات تزويد خدمة الانترنت مثل " بيزك الدولية" و " 012 سمايل" وشركات " IT" مثل شركة " مليم-تييم " وهناك شركة تعتبر الاستضافة صلب أعمالها وهي شركة " تريبل- سي" بمدينة بيت تحتكفا .