أعلنت شركة آبل يوم الإثنين عن هاتفها الجديد iPhone SE الذي يحمل شاشة بقياس 4 إنش ويُباع بسعر يبدأ من 399 دولار، مما يجعله واحدًا من أرخص الهواتف التي طرحتها آبل على الإطلاق، ودون التضحية بالمواصفات إذ يمتلك الجهاز بشكلٍ أساسي نفس مواصفات هاتفها البارز الأخير iPhone 6S.
ورغم أن الجمهور استقبل هاتف آبل الجديد بشيءٍ من الفتور، وافترض أنه مُجرد مُحاولة من آبل لتحقيق المزيد من الانتشار في سوق الهواتف المتوسّطة التي يُسيطر عليها أندرويد، وهذا صحيح في جزءٍ منه، لكن يبدو أن آبل لا تُفكّر بالأسواق العالمية المُختلفة بقدر تفكيرها في زيادة حصتها السوقية في أسواق شرق آسيا، وبشكلٍ أكثر تحديدًا في الأسواق الصينية.
تولي آبل للسوق الصينية اهتمامًا كبيرًا، ورغم أن أجهزتها مُرتفعة الثمن بشكلٍ عام، وخاصةً بالنسبة لسوقٍ كالسوق الصينية، إلّا أن الشركة تستحوذ بحسب دراسة أخيرة نشرتها شركة IHS على الترتيب الثالث في الصين بعد كلٍ من شياومي وهواوي، وقد درجت الشركتان المذكورتان، وخاصةً بالنسبة لشياومي، على طرح هواتف تتميّز بقوة المواصفات العتادية وجودة الصناعة بأسعار متوسطة مُقاربة لسعر الهاتف الجديد من آبل.
وتجتاح السوق الصينية حاليًا موجة من الهواتف التي اصطُلِحَ على تسميتها بهواتف (أعلى الفئة المتوسّطة) من شركات مثل “وَن بلس” OnePlus و “أوبو” Oppo و “فيفو” Vivo و”ميزو” Meizu إضافةً إلى “شياومي” Xiaomi بالطبع. معظم هذه الهواتف تأتي بشاشات عالية الدقة، وأجسام مصنوعة من المعدن، وذواكر كبيرة، وتُباع بسعر يبلغ نصف أسعار الهواتف البارزة مثل “سامسونج جلاكسي إس 7” أو “آيفون 6إس”.
ورغم أن سامسونج هي الشركة الأولى عالميًا على سوق الهواتف الذكية من حيث عدد الأجهزة المشحونة، إلّا أنها تحتل المرتبة السادسة على السوق الصينية، والسبب الرئيسي لذلك هو أنها لم تتمكن من مُنافسة شياومي وأخواتها على فئة الهواتف المتوسطة. في الحقيقة ليست سامسونج فقط، بل لم تتمكن معظم الشركات الشهيرة الأخرى سواء كنا نتحدث عن موتورولا مثلًا أو سوني أو إتش تي سي أو إل جي من المُنافسة في سوق الأجهزة المتوسطة، لأن الهواتف التي تنتمي إلى هذه الفئة، والتي تطرحها الشركات الشهيرة تأتي دائمًا مُرتفعة الثمن نسبةً لمواصفتها، لهذا يكون الحل الأفضل للمُستخدم الصيني هو اللجوء إلى شياومي أو وَن بلس وغيرها من الشركات الشبيهة.
آبل أدركت جيدًا أن المُنافسة الآن باتت على سوق هواتف (أعلى الفئة المتوسّطة)، ولم تعد بشكلٍ رئيسي على سوق الهواتف الرائدة كما كان الحال عليه خلال السنوات الفائتة، لهذا فإن طرح هاتف iPhone SE يهدف إلى ضرب عصفورين بحجرٍ واحد، الأول هو زيادة حصتها عالميًا في هذا السوق، والثاني والأهم ربما بالنسبة لآبل هو زيادة حصتها في السوق الصينية تحديدًا، وهي السوق الهائلة التي تتنافس الشركات الآن على خطبِ ودّها.
وفي الوقت الذي لم يعد مُعظم المُستخدمين في أوروبا أو أمريكا أو الشرق الأوسط يرغبون فيه بالهواتف ذات الشاشات الصغيرة، ما زال قياس الـ 4 إنش رائجًا جدًا ومُفضّلًا في الصين وغيرها من أسواق شرق آسيا، لهذا يبدو نظرًا إلى كل هذه العوامل بأن آبل صنعت هاتف iPhone SE وفي تفكيرها كلمة واحدة فقط: الصين! ولا بأس بعدها إن حققت بعض المبيعات في الأسواق الأخرى!