قالت المعارضة السورية يوم الجمعة إن الحكومة تحشد قواتها على عدة جبهات على الرغم من اتفاق وقف القتال وشككت في إمكانية استئناف محادثات السلام المزمعة هذا الأسبوع.
وبينما سقطت صواريخ أطلقتها القوات الحكومية قرب مدينة جسر الشغور الخاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة إدلب قال تجمع مهم للمعارضة إنه لا يمكن أن يكون هناك وقف لإطلاق النار مع استمرار الهجمات.
وأثمر اتفاق أمريكي روسي غير مسبوق في هدنة دخلت حيز التنفيذ يوم السبت الماضي وساهمت في إبطاء وتيرة الحرب الدائرة منذ خمس سنوات لكن معارضين يقاتلون ضد الرئيس بشار الأسد قالوا إن قواته لم تكف عن شن هجمات على جبهات ذات أهمية إستراتيجية.
ولم تعلن المعارضة حتى الآن إن كانت ستحضر مباحثات السلام المقررة يوم الأربعاء المقبل. وقال رياض حجاب منسق الهيئة العليا للتفاوض التي تمثل المعارضة إن الظروف "غير ملائمة" للمباحثات لكنه أضاف أن من المبكر جدا التكهن بما يمكن أن يحدث.
ويقول الأسد الذي تعزز وضع قواته بفضل الغارات الجوية الروسية على مدى خمسة أشهر إن الجيش يحترم الاتفاق. ولا يشمل الاتفاق جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة ولا تنظيم الدولة الإسلامية إذ تعهدت موسكو ودمشق بمواصلة الحرب عليهما.
ولجبهة النصرة حضور قوي في غرب سوريا حيث تتداخل مع فصائل وافقت على اتفاق الهدنة وهي فصائل يصفها الغرب بالمعتدلة. ولم تتحدث وسائل الإعلام السورية بشكل يذكر عن العمليات في غرب البلاد منذ بدء سريان اتفاق وقف القتال.
ويبدو موقف المعارضة السورية متناقضا مع مواقف داعميها الغربيين بشأن فرص نجاح الاتفاق.
وأبلغ قادة أوروبيون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترحيبهم بصمود الهدنة الهشة وأكدوا له ضرورة استغلال ذلك لتحقيق سلام بدون الأسد.
لكن حجاب قال إن القوات الحكومية هاجمت أكثر من 50 منطقة تسيطر عليها المعارضة حيث تتمركز فصائل وافقت على الهدنة.
وقال محمد علوش رئيس المكتب السياسي لجيش الإسلام لرويترز إن "خروقات كبيرة من جهة النظام" قد سمحت له بالاستيلاء على مناطق جديدة "واستخدام كافة أنواع السلاح لاسيما الطيران والبراميل المتفجرة في بعض المناطق وحشود لاحتلال مناطق استراتيجية مهمة جدا."
وقال جيش الإسلام في بيان منفصل "بالنسبة لنا لم تتوقف الحرب عمليا على الأرض في ظل هذه الانتهاكات أما في حال تمت الهدنة فهي فرصة لإعادة بناء المجتمع والإنسان حيث حاولت آلة الحرب تدميرهما."
وقال زعيم جماعة مسلحة أخرى طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية إن نحو 40 مركبة عسكرية محملة بأسلحة شوهدت تتقدم صوب الشمال مساء يوم الخميس.
وقال زعيم الجماعة المسلحة الثانية إن العمليات التي تقوم بها القوات الحكومية ركزت على حمص وخاصة في المناطق الساحلية بينما تشهد حلب هدوءا نسبيا وهي التي كانت هدفا لهجوم القوات الحكومية منذ نحو شهر.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الحكومية استهدفت بالقذائف والصواريخ يوم الجمعة مدينة في محيط جسر الشغور الواقعة تحت سيطرة المعارضة وسقطت صواريخ بالقرب من مدينة الغسانية الواقعة بين الحدود التركية وجسر الشغور.
والاتفاق هو الأول من نوعه في الصراع الذي أودى بحياة قرابة ربع مليون شخص وخلق أزمات لجوء في الشرق الأوسط وأوروبا.
ويوم الخميس قال ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا إن وقف إطلاق النار صامد بشكل عام لكنه ما زال هشا. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس أيضا إنه لم ترد انتهاكات مهمة للاتفاق خلال الساعات الأربع والعشرين السابقة.
وقال الأسد في وقت سابق هذا الأسبوع إن المعارضة المسلحة انتهكت الاتفاق منذ اليوم الأول وإن الجيش السوري يتحلى بضبط النفس بغرض توفير فرصة لنجاح الاتفاق.
ويسود الهدوء معظم المناطق في جنوب سوريا وبينها مناطق قرب الحدود الأردنية رغم أن متحدثا باسم المعارضة قال إن القوات الحكومية تقوم بتحركات. وقال أبو الغياث الشامي من جماعة ألوية سيف الشام إن الهدنة إذا انتهت فسيكون بوسع القوات الحكومية مهاجمة عدد من المناطق على الفور.
وبدعم من سلاح الجو الروسي ومقاتلين من إيران وحزب الله اللبناني سيطرت القوات الحكومية على مناطق مهمة على حساب المعارضة منذ بداية العام الحالي خاصة في غرب سوريا قرب الحدود تركيا والأردن.
وسعى دي ميستورا لعقد مباحثات سلام قبل شهر لكنها انهارت قبل حتى أن تبدأ.
ودعت فرنسا وبريطانيا وألمانيا المعارضة السورية لحضور المباحثات لكنها حذرت من أن المفاوضات لن تنجح إلا إذا سمح بوصول المساعدات الإنسانية واحترام الهدنة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو للصحفيين في باريس "إذا لم يتحقق هذان الشرطان فسيحكم على عملية التفاوض بالفشل وهو ما لا نريده."
تقول الهيئة العليا للتفاوض التي تمثل فصائل معارضة إن مطالب بوصول المساعدات الإنسانية لم تتحقق حتى الآن رغم أنها اعتبرت من شروط عقد مباحثات السلام. وتشمل هذه الشروط حرية دخول المساعدات الإنسانية للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتحاصرها القوات الحكومية وكذلك إطلاق سراح المعتقلين.
وقال علوش لرويترز إن تسليم مساعدات لمناطق تحت سيطرة المعارضة خلال الأيام الماضية "لا تكفي عشرة في المئة من الحاجات المطلوبة وأكثر المناطق لم يدخلها شيء."
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن بوتين أكد في اتصال هاتفي جمع أيضا قادة فرنسا وبريطانيا وإيطاليا التزام بلاده بالهدنة.
وتريد دول غربية أن يرحل الأسد عن السلطة بينما تسانده روسيا وتقول إن للسوريين وحدهم الحق في تقرير مصيره.
وقال دي ميستورا أيضا إن مستقبل الأسد يجب أن يقرره السوريون أنفسهم ولا يجب أن يقرر سلفا.
وأضاف في مقابلة مع محطة تلفزيون فرنسا 24 "ألا يمكننا ترك السوريين حتى يقرروا ما يريدون بهذا الشأن؟ لماذا يتعين أن نقول سلفا ما يجب على السوريين أن يقولوه إذا كانوا يملكون الحرية والفرصة كي يقولوا ذلك؟"
وقالت متحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنهم أبلغوا بوتين بضرورة استغلال الهدنة لتحقيق سلام دائم بدون الأسد لكن الغرض الأساسي من الاتصال كان الترحيب بحقيقة صمود الهدنة.
وقال الكرملين إن القادة اتفقوا على أن اتفاق وقف الأعمال القتالية بدأ في تحقيق نتائج إيجابية ومهد الطريق لتسوية سياسية.
وكرر حجاب شكاوى المعارضة من تنازلات تقدمها الولايات المتحدة لروسيا بينها اتفاق وقف الأعمال القتالية.