تبسيطاً لآلية عمل هذه الحمية من الناحية العلمية، فإنه من المعروف علمياً أن خلايا الجسم بما فيها الخلايا العضلية تحتاج إلى الطاقة بشكل متواصل، وهذه الطاقة يحصل عليها الجسم من عملية حرقه للكربوهيدرات والسكريات (أي أن الكربوهيدرات والسكريات تتحولان بعد الحرق إلى جلوكوز أي إلى طاقة يستخدمها الجسم للقيام بمهامه الطبيعية).
ومن هنا، فإن هذه الحمية تعتمد كما ذكرنا في الجزء الأول من المقال على إضافة كميات عالية من الدهون بموازاة تخفيض كمية الكربوهيدرات في الأطعمة بشكل كبير قد يصل إلى درجة التوقف عن تناول الكربوهيدرات كلياً على مدى أسبوعين متواصلين. إذاً عندما يجد الجسم بأنه ليس هناك من كربوهيدرات ليحرقها، فإنه حتماً سيعتمد على حرق مخزونه الاحتياطي من الدهون ليتمكن من توليد الطاقة التي تحتاجها خلايا الجسم للقيام بواجباتها اليومية المعتادة (سواءً بالنسبة لغير الرياضيين أو بالنسبة للرياضيين). وهنا تبدأ خسارة الوزن بشكل مُمَنهج ومُركّز اعتباراً من اليوم الأول لتطبيق هذه الحمية. وإذا ما أردنا التوسع أكثر في شرح الآلية العلمية لعمل هذه الحمية، فإن ثمة علاقة عضوية متينة بين الدهون وهرمون يفرزه الجسم هو "الإنسولين".
يُفرَز هرمون الإنسولين كلما تناول الإنسان الطعام، إذ تكمن مهمة هذا الهرمون الرئيسية من كونه ناقل للجلوكوز إلى داخل الخلايا، ومن المعروف أن الجلوكوز هو الوقود الذي تستخدمه أجسامنا لتوليد الطاقة. أما نسبة الإنسولين التي يفزها الجسم فتعتمد على نوعية الأطعمة التي نتناولها. فعلى سبيل المثال تُعدّ كل من السكريات والكربوهيدرات (التي يقوم الجسم سريعاً بتحويلها إلى جلوكوز) المصدر الرئيسي لهرمون الإنسولين، أو المحفّز الأكبر لإفراز هذا الهرمون في الجسم، إن جاز التعبير. علينا أن نلاحظ هنا أنه كلما زاد استهلاكنا للسكريات والكربوهيدرات كلما ارتفع معدل هرمون الإنسولين في الجسم والعكس صحيح. أما البروتينات فإنها تستغرق وقتاً أطول من الكربوهيدرات والسكريات لتتحول إلى جلوكوز، لذا فإنها لا تولّد نفس معدلات الإنسولين التي يولّدها تناول الكربوهيدرات والسكريات.
بالعودة إلى حمية "تناول الدهون"، فإن تنال الأطعمة المشبعة بالدهون يتطلب عدة خطوات معقدة لتحويل تلك الأطعمة إلى جلوكوز، لذا فإنها لا تحفّز إفراز هرمون الإنسولين إطلاقاً.
لذا فعندما نتناول الأطعمة المشبعة بالدهون لا يقوم الجسم بإفراز هرمون الإنسولين بسبب عدم احتواء الأطعمة التي تتضمنها هذه الحمية على السكريات أو حتى الكربوهيدرات التي يمكن تحويلها إلى جلوكوز بواسطة الإنسولين.
وهنا تقوم خلايا الجسم مُجبَرَةً بالاعتماد على الدهون الاحتياطية المختزنة لتوليد الطاقة. إذاً فإن حمية "تناول الدهون" تقوم كما قلنا سابقاً على مبدأ رفع مستوى الدهون بموازاة خفض مستوى الكربوهيدرات والسكريات إلى الحد الأدنى، وهو ما يؤدي إلى إيجاد حالة جسمانية تكون فيها معدلات الإنسولين في حدودها الدنيا، وبذلك يتم عزل مصدر الطاقة الرئيسي للجسم وتحييده.
وهنا يشعر الجسم أنه قد دخل في حالة حرجة تستدعى منه استخدام مخزونه الاحتياطي من الدهون لتوليد الجلوكوز (أي الطاقة)، فتبدأ عملية حرق الدهون في الجسم بشكل آلي. يُطلق العلماء وأخصائيو التغذية على هذه الحالة اسم "Ketosis". وفي كل مرة نتناول خلالها الطعام، يقوم الجسم بحرق جزء من الدهون المختزنة لديه لتوليد الجلوكوز ما يعني خسارتنا لغرامات إضافية من الدهون مع كل وجبة نتناولها يومياً! فتبدأ الخلايا الدهنية بالانكماش تدريجياً، وتبدأ ملامح خسارة الوزن بالظهور سريعاً على الجسم.