البروفيسور فؤاد عوده: تنظيم أكثر من 1000 احتفالية للحوار في إيطاليا والأراضي المقدسة
ثمة نتائج جد إيجابية لاحتفاليات الحوار التي تم تنظيمها في الفترة من 1 إلى 11 سبتمبر الجاري في إيطاليا وفي الأراضي المقدسة، قامت بتنظيمها والمشاركة فيها مجموعة كبيرة من منظمات المجتمع المدني وعلى رأسها "كوماي" و"جاليات العالم العربي في إيطاليا"، و"الحركة الدولية بين المهنية" و"متحدون من أجل الوحدة" و"الكونفدرالية الدولية العلمانية والحوار بين الأديان"، و"مسيحيون في المسجد" وذلك في كافة المحافظات الإيطالية في الفترة من 1 إلى 11 سبتمبر الجاري. وجدير بالذكر أن الفعاليات قد تضمنت تنظيم صلوات جماعية، ولقاءات، ونقاشات وحوارات عامة، وموائد عشاء تعبر عن الأخوة، وكان لهذه الاحتفاليات صدى واسعاً حيث ساهمت بشكل كبير في الحوار بين المسلمين والمسيحيين واليهود والمؤمنين بعقائد أخرى وعلمانيين، وكذلك في كسر أسوار الكراهية المتبادلة، والأحكام المسبقة، والإرهاب بمشاركة أكثر من 2500 من المتداخلين من الجاليات الإسلامية والدوائر الثقافية والجمعيات والجامعات والنقابات. وتجدر الإشارة إلى أن "الحفل الختامي الكبير" قد تم تنظيمه في روما، وفي ريجو إيميليا، وفي القدس يومي 10 و 11 سبتمبر الجاري.
وفيما يخص احتفاليات العاصمة الإيطالية روما، فقد دارت حلقة نقاش ومحاورة مكثفة ومستفيضة حول عدد من الأسئلة والاستفسارات وتم فيها كذلك تقديم اقتراحات ملموسة، وقد قام بتنظيم هذه الحلقة النقاشية والمشاركة فيها البروفيسور فؤاد عوده، رئيس "كو- ماي" و "متحدون من أجل الوحدة"، ومؤسس "مسيحيون في المسجد"، وبمشاركة الأسقف الانجليكاني لويس ميغيل بيريا كاستريلون، وذلك بمقر معهد الأخوات أوبلاتس القلب المقدس للمسيح، في شارع كازاليتو.
وقال البروفيسور إنريكو غرانارا، الوزير المفوض بوزارة الخارجية، ومنسق جهود التعاون في البحر المتوسط: "إننا ندرك فبل كل شيئ أن السياق المؤسسي الأنسب للعمل والفعل في ضوء تلك الوقائع التي ترغب في تطوير الحوار في منطقة البحر الأبيض المتوسط لا يمكن أن يكون سوى الاتحاد اليوروالمتوسطي، وهو المنظمة والكيان الوحيد الدولي المتجاوز للحدود الوطنية، والذي يضم 41 دولة، ويتعامل مع الأموال الداعمة من بروكسل، والمعني بشكل حقيقي وواقعي بالبحر الأبيض المتوسط كله".
على صعيد آخر قال البروفيسور فؤاد عودة، "همزة الوصل"، في قضايا الاندماج في إيطاليا باسم جمعية "تحالف الحضارات" و "أوناأوك"، و"منظمة أونو" اللتان قد بدأتا رسمياً مع "مسلمون في الكنيسة" في 31 يوليو 2016، "بعد أيام قليلة من حادثة نيس المأساوية، أنشأنا "كونفيدالية مسيحيون في المسجد"، إننا لا نريد بالتأكيد القيام بمعجزات، ولكن الحرب- دوماً بأسلحة الحوار والمعرفة المتبادلة والمعلومات الصحيحة ضد مروجي الكراهية، والاستعانة بالأدوات السياسية لحل المشكلات معقدة، وفي مقدمتها قضية الهجرة غير الشرعية. نريد أن يرى الأشياء من لا يريد أن يراها، دعونا ندفع غير الواعين نحو البدء في إعمال العقل والتفكير. ومن خلال احتفالات الحوار، نسعى لتوفير أداة لأفضل علاج ل"المناطق الرمادية"، تلك الغرف الخلفية للإرهاب. واليوم على وجه الخصوص، هو الحادي عشر من سبتمبر، أردنا فيه اختتام احتفالات الحوار بتخصيص هذه المشاركة الكبيرة لذكرى أرواح كل ضحايا الإرهاب. بينما نطلق في الوقت ذاته نداءً لإيقاف كافة أشكال التمييز وكافة المذابح العرقية والدينية".
وعلى طريقة ومنهجية "أريدك" جاءت مداخلة الأسقف الأنجليكاني لويس ميجويل بيريا كاستريلون، نائب رئيس "مسيحيون في المسجد" والتيأشار خلالها إلى أن "كل منا لديه إمكانية ولو قليلة للمشاركة في تغيير العالم، وواجبنا ألا نترك هذه الفرصة تفوت.في الواقع، نحن مدعوون جميعاً إلى التغيير عبر التزاماتنا، بداية من حياتنا اليومية، وقوة الحوار يجب أن تسود في المجالات الثقافية والسياسية والرياضية، وفي كافة جوانب الواقع الذي نعيشه" . وبالطريقة ذاتها وفي الاتجاه ذاته، جاء حديث الجزائري كامل ببلايتوش، سكرتيرعام كوماي قائلاً: " كل حضارة من الحضارات عبر التاريخ قد تطورت بفضل الحوار والتبادل مع الحضارات الأخرى، وليس بالإنغلاقات والنعرات القومية المبالغ فيها والمتبلدة". بينما أشار الإمام سلامة عاشور، رئيس قسم الحوار بين الأديان في كو- ماي، إلى المبدأ الأساسي، المشترك بين جميع الديانات التوحيدية الرئيسية الثلاثة، وهو المساواة الأساسية بين البشر. في حين أشار عبده راض، وهو كاهن كاثوليكي لبناني، إلى "الجذور ذات الأصول المشتركة في كافة الديانات، ألا وهي الاعتقاد والإيمان بالله، وإلى طبيعة الديانات المختلفة، وأن الفروع في الحقيقة تأتي جميعها من الشجرة ذاتها. ولهذا أيضاً فإن الحوار هو في حد ذاته احتفال مستحق". من جانب آخر، تحدث كوروش دانيش، مسئول النقابات العمالية (شي جي إي إل) عن سياسات الهجرة (نيابة عن السكرتير العام سوزانا كاموسو)، كما تحدث أندريا تاشوتي، سفير إيطاليا لدى عدد من المنظمات بين الحكومية، وكذلك تحدثت سوور سويجيتا اكسافيير، من راهبات أوبلات القلب المقدس للمسيح، ولها خبرة في العمل بين المسلمين في بلدها، وفي الهند، وفي غينيا بيساو قائلة: "من الأهمية بمكان الاستثمار في الأجيال الجديدة، مقدمين لهم أمثلة إيجابية يمكن أن يستلهموها"، وذكرت مانويلا ترومبتا، منسقة قسم التعليم في جمعية "متحدون من أجل الوحدة"، وصاحبة فكرة مشروع "س.ك.أوو. أو. لا" الذي تدعمه أسي واليونيسيف والمتمثل في ضرورة تفعيل الحديث عن القيم الأخلاقية والتضامن إلى الشباب ما بين سن 8 إلى 13 سنة، ومن ثم فإن احتفاليات الحوار هي واحدة من هذه الأمثلة والنماذج، وهي مناسبة يتم الحديث خلالها عن الأخوة وقيمة الاحترام المتبادل، والصداقة، والمعرفة، وتجنب جرثومة الأحكام المسبقة".
ومن وجهة نظر "كوماي" و"متحدون من أجل الوحدة"، فإن الاهتمام كبير كذلك بمشكلات أخرى دولية، كما أكد ذلك بيريا كاستريلون، وهو من أصول كولومبية، حيث أوضح أهمية عملية المصالحة الوطنية التي بدأت مؤخراً في كولومبيا بتوقيع اتفاق سلام بين الحكومة ومقاتلي فارك (بعد 53 عاماً من المعارك)، وهو اتفاق أثنى عليه مؤخراً البابا فرانشسكو خلال رحلته إلى كولومبيا ذلك البلد الأمريكي الجنوب". بينما كانت كوماي في الوقت ذاته تشارك في ذكرى الحادي عشر من سبتمبر مع ممثلين للجاليات الإسلامية والجاليات من أصول أجنبية في إيطاليا، في الاعتصام لوقف مذبحة الأقلية المسلمة في بيرمانيا والذي تم تنظيمه أمام السفارة البيرمانية في ميدان جوكي ديلفيتشي.
وفي الختام وفي محافظة ماركي، قام ميكري عبد القادر، مسئول المحافظة في جمعية "مسيحيون في المسجد" بتنظيم احتفالية أخرى للحوار في فابريانو كان من بين المشاركين كذلك عمدة ماركي جابرييلي سانتاريللي، ونائب العمدة أرشوني وأحميد بيريكسي سفير الجزائر في إيطاليا وكرواتيا ومالطا، ومدير كاريتاس في فابريانو "لقد كانت احتفالية جميلة للغاية، مع اتحاد كل الجمهور حول فكرة الحوار بين الأديان وبين الثقافات كأساس وقاعدة للحياة الاجتماعية". بينما تم تنظيم فعاليتين ختاميتين في إطار احتفالات الحوار إحداهما تم تنظيمها في ريجو إيميليا نظمها صوفي مصطفى، رئيس المؤتمر الأوروبي لأئمة وخطباء المساجد، والأخرى تم تنظيمها في الأراضي المقدسة، قامت بتنظيمها الكاتبة اليهودية شازاراهيل، نائب رئيس الكونفيدرالية الدولية العلمانية للحوار بين الأديان. وقد أشارت الكاتبة اليهودية شازاراهيل في هذا الصدد بقولها:" لقد تم استقبالي بحفاوة كبيرة من فداء عودة مدير مدرسة جاجوليا ومن هالة عودة نائب مدير المدرسة، وقد قررنا معاً إعطاء إشارة البدء في تنظيم لقاءات يستطيع من خلالها الأطفال المسلمون اكتشاف العالم اليهودي، وكذلك تمكين الأطفال اليهود من اكتشاف العالم الإسلامي، والالتفاف حول كل ما يجمعنا ويوحدنا. وهذا، على سبيل المثال، من خلال دعوة أحد أحبار اليهود ليتحدث عن اليهودية للشباب من الطلاب المسلمين، وتنظيم زيارة لهم لأحد المعابد اليهودية. وسوف نسعى كذلك لعمل العكس كي يكتشف الطلاب المسلمون العالم اليهودي، والهدف من هذه المبادرات في حقيقة الأمر هو أن نبذر في الأجيال الشابة بذرة الجمال التي تتولد من اكتشاف عالم الآخر، والتي تثري وتكمل عالمنا".
وتجدر الإشارة إلى أنه في يوم 11 سبتمبر، ذكرى التفجيرات المرعبة لبرجي التجارة في نيويورك والتي كانت بمثابة "نقطة تحول" في عام 2001، تحدث الحبر اليهودي مورديكاي كريكوي بمعهد "رحمن" في القدس عن هذه الموضوعات، بينما أعلنت الكاتبة شازاراهيل إطلاق المبادرة الثانية "مسلمون في المعبد اليهودي" بمشاركة من "كوماي" و"متحدون من أجل الوحدة"، وهي مبادرة تعنى بالإمكانات غير العادية الداعية للسلام في منطقة الأراضي المقدسة، والتي سيتم عاجلاً تنظيم عدد من فعالياتها سواء في الأراضي المقدسة أو في إيطاليا وفق اقتراح تقدم به البروفيسور فؤاد عودة رئيس "كوماي" وعميد كلية علوم التأهيل والعلاج الطبيعي في الجامعة الإنجليزية- الأمريكية سان باولو في روما.