بقلم – عبدالهادي عماد خروب
الاخصائي النفسي وباحث علم المجتمع والانتروبولوجيا
قد يكون في حريتك ان تعتقد ما تشاء ولكن ليس من حقك ان تفرض معتقداتك كما تشاء . اخترت ان ابدأ هذا المقال بهذه الجملة لانها حسب رأيي تجسد نواة الديموقراطية الحقيقية ، هذه الديموقراطية التي تمنح المواطن في جلجولية امكانية انتخاب رئيس واعضاء مجلس محلي بحرية . بالاضافة اريد في هذا المقال أن ابحر في عالم تحليل معالم شخصية الناخب في قريتي الحبيبة جلجولية .
من وجهة نظري هنالك ثلاثة عوامل رئيسية مميزة لشخصية الناخب في جلجولية ، أولا العائلية والعصبية القبلية . هذا العامل الحظه من حديث الناس والحوار الدارج في اروقة الانتخبات لرئاسة المجلس المحلي . من الجمل التي نسمعها " هذه العائلة مؤيدة لنا " ، "احنا عيلتنا مع فلان " ، "العيلة عملت اجتماع والكل بدو يمشي حسبها " ، "لن ننتخبه لأنه ابن العائلة الفلانية ". في كل هذه العبارات حذف معنى العائلة الحقيقي وممكن ان نستبدل مصطلح "القبيلة أو العشيرة " بدلاً من العائلة وها نحن ندخل نفق الزمن لنرجع الى الوراء سنوات ضوئية لزمن العصبية القبلية الذي يتسمى بالجهل .
نسأل السؤال ما هو المعنى الحقيقي للعائلة ؟ القاسم المشترك لجميع المواطنين في هذه القرية هي القرية "جلجولية " فلماذا لا نكون عائلة واحدة ؟ ولماذا عقلنا الباطني يحذف من قاموسه العائلة التي تسمى "جلجولية " ؟
يقول توماس جيفيرسون : اللحظات الأسعد في حياتي هي تلك القليلة التي أقضيها في المنزل في أحضان عائلتي. وانا أقول : اللحظات الأسعد في حياتي هي تلك القليلة التي أقضيها في منزلي جلجولية في أحضان عائلتي جلجولية.
ثانيا العامل "فوبيا من التعددية وحذف الرأي الآخر " ، نلتمس من لغة بعض الناخبين الغاء الرأي الأخر ، الغاء الطرف الأخر ليصبح الإختلاف بالرأي خلاف . مثلا عبارات مثل " الوحدة مع الحق ونبذ الباطل " الرأي المخالف أصبح باطلا ، وحدة من ضد من ؟! . الانتخابات هي الية تتجسد فيها معاني الحرية والتعبير عن الرأي . فمهما كان الاختلاف وتعدد الالوان في مجتمعنا فلا يجب ان تكون اللغة السائدة بين الناخبين لغة قذف ، تجريح والغاء الآخر . "انني اختلف معك في كل كلمة تقولها لكنني سأدافع حتى الموت عن حقك في ان تقول ما تريد. (فولتير)".
ثالثاً "الراحة في التغييىر والراحة في اللا تغير " فكر الناخب محصور ما بين ابقاء الرئيس الحالي وما بين تغيير شخصية الرئيس الحالي وكأن التغيير هو فقط تغيير بالاسماء . هذا التناقض و التخبط يجذبنا كناخبين الى دوامة فقدان المعنى والمضمون ويبعدنا عن هدفنا المشترك كأبناء هذه القرية وهو اعمار واصلاح القرية بجميع المفاهيم الجمة .
كيف نوازن ونغير بانفسنا لكي نستطيع ان نغير ما حولنا نحو الافضل ؟ كيف نجعل من الانتخابات عرس للديموقراطية ؟ كيف تكون الانتخبات يوم والحياة دوم ؟
حري بنا ان نستمع وننظر الى البرامج اللتي يطرحها كل المرشحين بشكل موضوعي . يجب ان نناقش ونتحاور حوار يتسمى بالاحترام والاخلاق العالية . يجب ان تكون منصة النقد مفتوحة .
كان بين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورجل كلامٌ في شيء، فقال له الرجل: اتَّقِ الله يا أمير المؤمنين! فقال له رجل من القوم: أتقولُ لأمير المؤمنين اتّقِ الله؟ فقال عمر: دَعْهُ فلْيَقُلها لي! نِعْمَ ما قال؛ لا خير فيكم إذا لم تقولوها لنا، ولا خير فينا إذا لم نقبلْها منكم.
يجب ان ننمي ثقافة التسامح بيننا ونوسع الآفاق نحو مستقبل أفضل للجميع دون استثناء ، اريد ان أن أختم بقول لجورج إليوت : " مسؤولية التسامح تقع على من لديهم أفق أوسع."