الرئيسية » مشاركات القراء » السعي دائما نحو التميز بقلم د. نزار جرن
السعي دائما نحو التميز بقلم د. نزار جرن
22/11/2015 - 09:49
قال عبد الرحمن بن عوف: إني لوا:ف يوم بدر في الصف، فنظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما_ في سن صغير_ فتمنيت أن أكون بين أظلع منهما، فغمزني أحدهما 
 
فقال: يا عم أتعرف أبا جهل؟ 
فقلت: نعم، وما حاجتك به؟
قال: أخبرت أنه يسب رسول الله عليه السلام، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده؛ حتى يموت الأعجل منا.
فقلت: فتعجبت لذلك.
فغمزني الآخر وقال لي أيضا مثل ذلك، فنظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس، فقلت لهما: ألا تريان؟ هذا صاحبكم الذي تسألان عنه.
فذهبا إليه وضرباه بسيفيهما حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبراه الخبر.
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: أيكما قتله؟
فقال كل منهما: أنا قتلته يا رسول الله.
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: هل مسحتما سيفيكما؟
قالا: لا يا رسول الله.
فنظر النبي عليه الصلاة والسلام في السيفين ووجد فيهما أثر الدم قال: كلاكما قتله .
الإنسان العظيم هو ذلك الشخص الذي يسعى لأن يكون متميزا عن غيره في فكره وعمله وأدائه وانجازه، فهو قادر على تحديد ما يريد، معتقد في قرار داخله أنه قادر أيضا على تحقيقه مع تحمل 
 
مسؤوليات قراره وأفعاله، وهذا الشيء هو الذي يحفزه على الإقدام بشجاعة وبسالة دون أن يخاف النتائج.
هذان الغلامان أرادا أن يتميزا، فوضعا لأنفسهما هدفا، وسُجل ضمن الأهداف الدعوية الكبرى التي حققها المسلمون إبان تلك الفترة، وهي قتل أي جهل، وهذه مسألة لا تتعلق بإرواء الغليل لمجرد إزهاق 
 
روح أو سفك دم، وإنما هي مسألة تعبر عن إزالة أحد الأحجار الضخمة التي تعيق تمدد الإسلام وتشوش عملية انتشار قيّمه الفكرية في المجتمع، فكان أبو جهل وما يتمتع به من مركز قوي يمثل أحد 
 
المحطات الرئيسية التي تمارس التخريب والانحلال وتشجع عليه.
حين تصبح فكرة " أريد التميز" قناعة عقلية لدى الفرد فإن قوته تتضاعف، وتضاءل أمامه كل التحديات حتى لا يعد يرهبه الفشل.
الناس جميعهم مشتركون في ثلاثة؛ الولادة، الحياة، والموت، فلا شيء يجعلك متميزا عن سائر الناس إلا حين تضع لنفسك أهدافا كبرى وتسعى جاهدا في تحقيقها.
وبعدها فقط تشعر بلحظة التميز، هذه اللحظة التي تضفي عليك الشعور باللذة، شعورا يُنسي الإنسان حجم الآلام وما اجترعه من بؤس وأوجاع، فسرعان ما تنجلي جميعها عن القلب وتبقى السعادة وحدها 
 
ساكنة في القلب.
نعم. إنها السعادة بمذاقها العذب، إنها سعادة التميز والنجاح، وعلى قدر الآلام تأتي السعادة.
حوادث التاريخ الكبرى يصنعها بامتياز أفراد قلائل، ويعيش بفضلها مئات الملايين من الناس على مر الدهور والعصور .
 
اضف تعقيب
الإسم
عنوان التعليق
التعليق
ارسل
  • 04:34
  • 11:24
  • 02:28
  • 04:52
  • 06:09
  • You have an error in your SQL syntax; check the manual that corresponds to your MariaDB server version for the right syntax to use near ')) order by `order` ASC' at line 1