استمرّت الغارات الجويّة والقصف وما تخلّفه من قتلى مدنيّين، الأحد في سورية، قبل أقلّ من 24 ساعة من دخول الهدنة التي اتّفق الرّوس والأميركيّون عليها، حيّز التّنفيذ مساء الاثنين.
ولم يصدر أيّ ردّ رسميّ من الفصائل المقاتلة والمعارضة السّياسيّة على اتّفاق جنيف الجمعة، في حين أكّد النّظام السّوريّ وحلفاؤه وفي مقدّمتهم إيران وحزب الله اللبنانيّ أنّهم سيحترمونه.
ويفترض أن يبدأ مفعول الهدنة عند المغرب الإثنين، اليوم الأوّل من عيد الأضحى، في محاولة جديدة ضمن سلسلة مبادرات حفلت بها سنوات النّزاع الخمس الدّامية سعيًا لإيجاد تسوية لحرب مدمّرة حصدت أكثر من 290 ألف قتيل وشرّدت الملايين.
وأوضح المبعوث الأميركيّ الخاصّ إلى سورية، مايكل راتني، أنّ هدنة أولى لمدّة 48 ساعة مقرّرة ستبدأ السّاعة 19:00، غدًا الإثنين. وفي حال صمودها سيتمّ تمديدها 48 ساعة إضافيّة، وفق ما أوضح وزير الخارجيّة الرّوسيّ، سيرغي لافروف، الذي تفاوض مع نظيره الأميركيّ، جون كيري، على الاتّفاق.
ويتطرّق الاتّفاق الذي أعلنه كيري ولافروف الجمعة، في إحدى نقاطه إلى مدينة حلب التي تشهد وضعًا إنسانيًّا مروّعًا وتسيطر قوّات النّظام على إحيائها الغربيّة في حين يسيطر المعارضون على أحيائها الشّرقيةّ التي يحاصرها النّظام.
وينصّ الاتّفاق على الانسحاب من طريق الكاستيلو، بما سيؤدّي الى منطقة خالية من السّلاح. وكانت الفصائل المقاتلة تستخدم هذه الطّريق في حلب للتموين قبل أن تسيطر عليها قوّات النّظام.
وبموجب الاتّفاق، سيتمّ تحديد مناطق تواجد 'المعارضة المعتدلة' بدقّة وفصلها عن مناطق 'جبهة فتح الشّام'، جبهة النّصرة سابقًا، قبل أن تعلن فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة.
ومن أبرز نقاط الاتّفاق، إدخال مساعدات إنسانيّة إلى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، بما فيها حلب.
وبعد مرور سبعة أيّام على تطبيق وقف الأعمال القتاليّة وتكثيف إيصال المساعدات، تبدأ الولايات المتّحدة بالتّنسيق مع الرّوس تنفيذ ضربات جويّة مشتركة ضدّ 'جبهة فتح الشّام' وتنظيم الدّولة الاسلاميّة (داعش).
وقبل أقلّ من 24 ساعة على بدء تنفيذ الاتّفاق، تواصلت الغارات الجويّة والقصف على جبهات عدّة في البلاد.
وأفاد المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان، أنّ طيران النّظام قصف الأحياء الشّرقيّة المحاصرة في حلب، ما أسفر عن مقتل ستّة مدنيّين بينهم ثلاثة أطفال وإصابة 30.
وقال أبو عبد الله، أحد سكّان حلب الشّرقيّة 'نصلّي لكي ينجح وقف إطلاق النّار من أجل رفع الضّغط عن المدنيّين'، مشيرًا إلى غارات 'ليلًا نهارًا'.
وأضاف 'لم يعد لدى السّكّان أمل كبير' بتطبيق وقف لإطلاق النّار.
وقال صفوان بدوي إنّ 'الشّعب السّوريّ، سواء كان يعيش في مناطق يسيطر عليها النّظام أو المعارضة، فقد أيّ ثقة بالطّرفين'.
وفي مدينة دوما، بريف دمشق، التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة والمحاصرة منذ 2013، أعلن المجلس المحليّ الذي يدير شؤون المدنيّين في بيان تأييده للهدنة، داعيًا إلى السّلام.
والسّبت، أسفرت غارات لطائرات تعذّر تحديد هويّتها عن 62 قتيلًا بينهم 13 طفلًا في مدينة إدلب بشمال غرب البلاد، فيما كان السّكّان يتسوّقون استعدادًا لعيد الأضحى، بحسب ما أفاد المرصد السّوريّ، الأحد.
ويدعو الاتّفاق الأميركيّ الرّوسيّ، مقاتلي المعارضة إلى النّأي بأنفسهم تمامًا عن الجهاديّين الذين يتحالفون معهم في محافظتي إدلب وحلب.
وكان لافروف قد أعلن بدء العمل في 12 ايلول/سبتمبر على إقامة مركز مشترك للتحقّق من تطبيق الهدنة، على أن تشمل التّحضيرات تبادل المعلومات وتحديد مناطق تواجد جبهة النّصرة والمعارضة.
وأكّدت تركيا وفرنسا وبريطانيا والاتّحاد الأوروبيّ دعم الاتفاق.
وتشنّ أنقرة منذ 24 آب/أغسطس هجومًا في شمال سورية، وأرسلت دبّابات وقوّات خاصّة لدعم فصائل مقاتلة وطرد تنظيم الدّولة الإسلاميّة (داعش) من المنطقة الحدوديّة.