شهد العراق خلال الأسبوع الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2019 موجة احتجاجات واسعة في العاصمة بغداد، وعدد من محافظات الجنوب ومنطقة الفرات الأوسط، سقط خلالها عشرات القتلى (بعض الإحصاءات تعدّهم بالمئات)، وآلاف الجرحى، بعد أن تعرّضت لقمع غير مسبوق، يرجح أن بعض الفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة مسؤولة عنه. وقد طرح ذلك أسئلة عديدة عن مدى قدرة الدولة على السيطرة على المليشيات، وعن مستقبل النظام السياسي برمته الذي نشأ بعد الغزو الأميركي للبلاد في عام 2003.
شهد العراق خلال الأسبوع الأول من تشرين الأول/ أكتوبر 2019 موجة احتجاجات واسعة في العاصمة بغداد، وعدد من محافظات الجنوب ومنطقة الفرات الأوسط، سقط خلالها عشرات القتلى (بعض الإحصاءات تعدّهم بالمئات)، وآلاف الجرحى، بعد أن تعرّضت لقمع غير مسبوق، يرجح أن بعض الفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة مسؤولة عنه. وقد طرح ذلك أسئلة عديدة عن مدى قدرة الدولة على السيطرة على المليشيات، وعن مستقبل النظام السياسي برمته الذي نشأ بعد الغزو الأميركي للبلاد في عام 2003.
رافق تصاعد عملية التحشيد نهاية أيلول/ سبتمبر أجواء سياسية معقدة، وخلافات متصاعدة داخل هيئة الحشد الشعبي، بين فصائل محسوبة على قوى عراقية وفصائل تدين بولائها لإيران، على خلفية هجماتٍ تعرّضت لها مخازن سلاح تابعة للحشد، واتهامات متبادلة داخليًا وإقليميًا بشأن المسؤولية عنها. وقد شكل ذلك مناسبةً لظهور رأي عام ضاغط، يرفض دخول العراق إلى جانب أي طرفٍ في الصراع القائم بين إيران والولايات المتحدة.
وقد ازداد الاحتقان مع صدور قرار مفاجئ من رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي، بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، بنقل أبرز قادة المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وهو الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، من منصبه قائدا رفيعا في قوات النخبة وجهاز مكافحة الإرهاب، إلى دائرة الميرة والمحاربين؛ ما يعني تجريده من دوره العسكري، ومنحه وظيفة إدارية، تعد بمنزلة تجميد لضابط كبير.
ويمثل الساعدي لدى شريحة واسعة من العراقيين رمزًا لصعود الشعور الوطني العابر للانقسامات الطائفية، حيث برز دوره في لحظة استعادة الجيش مكانته بعد انتكاسة عام 2014 التي أظهرته عاجزًا أمام مقاتلي تنظيم داعش، ومحتاجًا إلى دعم فصائل مسلحة يرتاب الجمهور من مصادر تسليحها وتدريبها وتمويلها ومن مشاركتها في النزاع في سورية.
لذلك أصبحت إقالة الساعدي، قبل بضعة أيام من الاحتجاجات، عامل غضب وتحشيدًا إضافيًا. وقد لوحظ رفع صور له في ساحة التحرير، رافقتها شعارات واتهامات لإيران بالمسؤولية عن قرار استبعاده. وعزّزت ذلك تصريحات لقادة من فصائل الحشد تتهم الساعدي بالتآمر، والتحريض على التظاهر. وقد زاد رئيس الحكومة الوضع سوءًا، عندما صرّح إن هناك ضباطًا في الجيش يتمرّدون ويترددون على سفارات أجنبية؛ ما ترك انطباعًا بأن الساعدي قد يكون جزءًا من محاولة انقلاب عسكري تطيح الطبقة السياسية الفاسدة، وهو أمر يلقى صدى بين شريحة بارزة من المتظاهرين الناقمين على أداء السلطة.