أعلن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، مساء اليوم، الثلاثاء، تسلمه رسالة من الأميركيين، أمس الإثنين، "موقعة" من قائد العمليات العسكرية الأميركية في البلاد، تفيد بـ"إعادة التموضع بهدف الانسحاب من البلاد"، غداة إعلان واشنطن أنها أرسلت من طريق الخطأ.
وأعلنت الولايات المتحدة الإثنين أنّها أبلغت العراق "عن طريق الخطأ" أنها تعدّ لسحب قواتها من أراضيه.
وفي رسالة رسميّة موجّهة إلى قيادة العمليات المشتركة العراقية أكّد مسؤولان عسكريان أميركي وعراقي صحّتها، قال الجيش الأميركي إنّ قوات التحالف التي تقودها واشنطن بصدد "اتخاذ إجراءات معينة لضمان الخروج من العراق" وستنفّذ عمليات "إعادة تمركز خلال الأيام والأسابيع المقبلة".
وأضافت الرسالة الموقّعة من قائد قوة المهمات الأميركية في العراق، الجنرال وليام سيلي الثالث، أن القرار جاء "احترامًا لسيادة جمهورية العراق"، مشيرة إلى أنه "ستكون هناك زيادة برحلات الطائرات المروحية داخل وحول المنطقة الخضراء (...) خلال ساعات الليل".
وقد لاحظ صحافيون عددًا من المروحيات تحلق في وسط بغداد منذ ليال عدّة. لكنّ رئيس أركان الجيش الأميركي، سرعان ما أعلن أنّ الرسالة عبارة عن "مسودّة" وتم إرسالها من طريق الخطأ.
وقال الجنرال مارك ميلي "إنّه خطأ ارتكبه ماكينزي"، في إشارة إلى قائد القيادة الأميركية الوسطى، الجنرال فرانك ماكينزي، مشدّدًا على أنّ هذه الرسالة "مسودّة" و"ما كان يجب أن تُرسل".
وأكد عبد المهدي الثلاثاء أنها كانت "رسالة رسمية في السياق الطبيعي (...) ليست ورقة وقعت من الطابعة أو أتت بالصدفة". وأضاف "قلنا لهم أيضًا إن الترجمة العربية تختلف عن الترجمة الإنجليزية، فأرسلوا لنا نسخة عربية أخرى تتطابق ترجمتها مع الإنجليزية".
ونفى وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أن تكون بلاده قد قرّرت إخراج قواتها من العراق. وقال "ليس هناك أيّ قرار على الإطلاق بمغادرة العراق... لم يتّخذ أي قرار بالخروج من العراق. نقطة على السطر".
واعتبر عبد المهدي خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة بثها التلفزيون الرسمي بعد ساعات من انتهائها، أن انسحاب القوات الأجنبية من البلاد هو المخرج الوحيد للأزمة المتصاعدة على خلفية مقتل قائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، والقيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.
وأضاف أنه إذا بقت القوات الأجنبية فإنها ستكون عرضة لهجمات فصائل "غير منضبطة"، وستقوم تلك القوات بالرد بداعي الدفاع عن النفس، لذلك ستتم اتخاذ قرارات مستقلة عن إرادة الدولة.
وأشار إلى أن الغارة الأميركية فجرت كذلك غضبًا شعبيًا داخل العراق، مشيرًا إلى أن "الأمور كانت تتجه نحو التصادم، لذلك كان علينا اتخاذ قرار تاريخي".
وتابع عبد المهدي أن القوات الأجنبية خرجت عن سياق مهامها وهي مساندة العراق في قتال تنظيم "داعش"، لكنها الآن دخلت في مسار النزاع الأميركي - الإيراني.
وأشار إلى أنه يتفهم مخاوف المكونات الأخرى التي لم تحضر جلسة البرلمان، الإثنين، والتي شهدت التصويت على قرار يطالب بموجبه الحكومة إنهاء التواجد العسكري الأجنبي في البلاد.
ودعا عبد المهدي، القوى السياسية ومكونات العراق، إلى دعم الحكومة بشأن قرار انسحاب القوات الأجنبية قائلاً "ليس بإمكاننا السير بهذا القرار الكبير دون توافق المكونات والأحزاب".
وشددت عبد المهدي على أن حكومته تسلمت رسالة من القوات الأميركية تفيد بانسحابها من العراق، لكن بعد ساعات قيل إنها خطأ.
ودعا رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، المجتمع الدولي، إلى دعم الحكومة العراقية وقرارها بانسحاب القوات الأجنبية، مضيفًا أن "أي تهديد لإضعاف العراق سيكون مؤذي لدول المنطقة والعالم، على جميع الأطراف تقوية الحكومة العراقية".
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد هدد، أمس، الإثنين، بفرض عقوبات على العراق إذا طالبت بغداد برحيل القوات الأميركية بطريقة غير ودية. فيما ينتشر نحو خمسة آلاف جندي أميركي في قواعد عسكرية بأرجاء العراق.
وقتل سليماني والقيادي في "الحشد الشعبي" العراقي، أبو مهدي المهندس، في غارة جوية أميركية قرب مطار بغداد، الجمعة؛ وشكل هذا التطور تصعيدًا كبيرًا بين الولايات المتحدة وإيران، وهما حليفان لبغداد وسط مخاوف واسعة في العراق من تحول البلد إلى ساحة صراع بين واشنطن وطهران.