متابعة للمقالتين السابقتين اللّتين كانتا بعنوان (كتاب مفتوح إلى كل رؤسائنا في السلطات المحلية العربية) أواصل وأقول إن كل رؤساء سلطاتنا المحلية العربية أو المرشحين للرئاسة أو العضوية كلهم مقبلون على امتحان صعب، ولعله أخطر امتحان واجهه رؤساء السلطات المحلية العربية في الداخل الفلسطيني منذ نكبة فلسطين، وسلفا أتمنى لهم كلهم النجاح في هذا الامتحان الصعب، ولن يتحقق هذا النجاح المصيري لهم إلا إذا أخذوا بعين الاعتبار هذه الملاحظات:
1- هناك قرائن تشير إلى أن بعض المتنفذين في إفشاء ثقافة العنف في مجتمعنا في الداخل الفلسطيني سيدسون أنوفهم في انتخابات السلطات المحلية العربية القادمة، وقد يضغطون على (زيد) أو (عمرو) حتى لا يرشح نفسه لرئاسة هذه الانتخابات، وفي المقابل قد يساندون (س) أو (ص) من مرشحي الرئاسة في هذه الانتخابات، وفي ذلك الخطر الكبير لأن مرشح هؤلاء المتنفذين في إفشاء ثقافة العنف في مجتمعنا إذا فاز في هذه الانتخابات فهذا يعني أن هذه السلطة المحلية العربية قد وقعت في أيدي هؤلاء المتنفذين، وهذا يعني أن ميزانيات هذه السلطات المحلية العربية قد وقعت في أيدي هؤلاء المتنفذين، وهذا يعني أن ميزانيات هذه السلطات المحلية العربية قد باتت خاضعة لتأثيرهم، وهذا يعني أنَّ مناقصات هذه السلطات المحلية العربية، والتي قد تكون بالملايين، قد بات هؤلاء المتنفذون هم أصحاب القرار الأخير- من وراء الستار- فيها، وهذا يعني أن حاضر أهلنا ومستقبلهم ومصالحهم وطموحاتهم، قد باتت رهينة لهؤلاء المتنفذين!! وماذا يمكن لنا أن نسمي هذا الحال إذا كنَّا صادقين مع أنفسنا؟! أليس هو احتلال خفي داخلي مصغر من بني جلدتنا لبعض بني جلدتنا؟! وهل هناك كارثة أسوأ من هذه الكارثة من الممكن أن تقع على أية بلدة من بلداتنا في الداخل الفلسطيني إذا ما جنح أحد مرشحي الرئاسة لهؤلاء المتنفذين وفاز في انتخابات الرئاسة القريبة القادمة للسلطات المحلية العربية والتي باتت على الأبواب.
2- ولذلك فإنَّ كل مرشحي الرئاسة في السلطات المحلية العربية مطالبون أن يقفوا سدا منيعا أمام محاولات هؤلاء المتنفذين الساعية لاختراق نزاهة انتخابات السلطات المحلية العربية، والساعية لخداع جماهيرنا وجرِّها بلغة الإغراء المالي، أو الترهيب أو توزيع الوعود سلفا للتصويت لفلان من المرشحين الذي بات هو مرشح هؤلاء المتنفذين!! ولا أبالغ إذا قلت إنَّ انتخابات السلطات المحلية القادمة ليست كأية انتخابات مرَّت علينا وعلى جماهيرنا خلال العقود الماضية، ولا بد من موقف واضح وصريح على المكشوف من قبل كل مرشحي الرئاسة للسلطات المحلية العربية يؤكدون في هذا الموقف رفضهم لأدنى ضغوط قد تمارس عليهم من قبل هؤلاء المتنفذين، ويؤكدون فيه إدانتهم شديدة اللهجة لكل مرشح لهذه الرئاسة قد تسوِّلُ له نفسه أن يتواصل مع هؤلاء المتنفذين لنيل رضاهم عنه وإسنادهم له في هذه الانتخابات القادمة، ويؤكدون في هذا البيان أنَّ كل مرشح لا يستطيع الصمود في وجه ضغوط هؤلاء المتنفذين فهو مطالب ألا يترشح أصلا لانتخابات هذه الرئاسة!!
وإلى جانب ذلك، فإنَّ جماهيرنا في الداخل الفلسطيني مطالبة منذ الآن أن تفتح عيونها جيدا، وأن ترصد تحركات مرشحي هذه الرئاسة كأنها ظل لهم، وكأنها الراصد الجوي لكل تحركاتهم، كيّما تضمن منذ الآن نظافة سريرة كل مرشح لهذه الرئاسة إلى جانب نظافة علانيته، ولعلَّ أمانة كل صوت ستدلي به جماهيرنا في هذه الانتخابات هو بحجم الجبل في وزنه النوعي، وليس كأي صوت كانت تدلي به في السابق، فصوت جماهيرنا في هذه الانتخابات القريبة القادمة هو صمام الأمان من أجل الحفاظ على استقلال كل سلطاتنا المحلية العربية في قراراتها ومناقصاتها ونهج تعاملها مع كوادر موظفيها في كل أقسام كل سلطة محلية عربية ونهج تعاملها مع سائر جماهيرنا، ونهج تعاملها بخاصة في لجان التنظيم والبناء التي تقع تحت إدارتها.
3- وكل ذلك يعني أنَّ كل مرشح لهذه الرئاسة في هذه الانتخابات القريبة القادمة بات مطالبا أن يحدد موقفه من جائحة العنف، ليس من باب رفضه فقط، فهذا أسهل ما يكون، بل بات مطالبا أن يضع بين جماهيرنا برنامج عمل واضح يبيِّن لهذه الجماهير المرهقة آلية عمله وخطوات عمله التي سيقوم بها فور فوزه بهذه الرئاسة لمواجهة جائحة العنف، وبات مطالبا ليؤكد بفم ملآن أنَّ إحدى اللجان الأساس التي سيقيمها إلى جانب لجنة الإدارة ولجنة المالية ولجنة المعارف هي لجنة مناهضة العنف، وأنه سيقف على رأس هذه اللجنة، وأنه سيخصص الميزانيات لتنشيط دور هذه اللجنة، وأنه سيقيم إلى جانبها لجنة إصلاح محلية في بلدته، وأنه سيقيم مكتبا للجنة الإصلاح المحلية هذه، وأنه سيعين موظفا خاصا ذا مؤهلات لإدارة عمل هذا المكتب.
4- لكل ذلك أؤكد، أنه انتهى ذاك العهد الذي كان يُطلب فيه من رئيس السلطة المحلية العربية أن يعبد الشوارع ويقيم شبكة حديثة للمياه والمجاري، ويبني المدارس ويدعم مسيرة التعليم والرياضة ويتابع هموم الشباب وذوي الاحتياجات الخاصة، ويقف في وجه سياسة مصادرة الأرض وهدم البيوت، بل هو مطالب اليوم أن يواصل سعيه إلى جانب كل تلك المهمات لمواجهة العنف والسعي لإفشاء السلام المجتمعي والسِّلم الأهلي، وبات جمهورنا في كل بلداتنا في الداخل الفلسطيني مطالبا أن يُقيِّم نجاح كل رئيس سلطة محلية عربية بمدى نجاح هذا الرئيس أو ذاك بإفشاء ثقافة التراحم والتعاون والتسامح والتصالح، وبمدى نجاحه بحصار ثقافة العنف وويلاته، وبمدى قدرته على قمع السوق السوداء والربا الأسود والخاوة وفوضى السلاح وترويج المخدرات وأخواتها،. فهو التحدي الصعب الذي ينتظر كل مرشحي الرئاسة في السلطات المحلية العربية القريبة القادمة. ومرة بعد مرة أتمنى كل النجاح في هذه المهمة العصيبة لكل الرؤساء في كل السلطات المحلية العربية.