رغم التراجع الكبير في التصريحات الأمريكيّة بتوجيه ضربة عسكريّة على سوريا، وفيما أشغل الحديث عن السلاح الكيماوي الذي استعمل في سوريّا العالم بأسره، فيما تخيّم التخوّفات من أن يتم إستعمال مثل هذه الأسلحة خلال أي ضربة محتملة ضد سوريا، والتوقّعات على ان يشمل الرد السوري باستخدام السلاح الكيماوي، ولأنّ وظيفة الكمّامات هي لمنع غاز الأسلحة الكيماويّة من فتك الإنسان – وغالبيّة البيوت العربيّة خالية منها، مراسلنا التقى مع د. صالح دراوشة المختص في البيو فيزياء للحديث عن الأسلحة الكيماويّة، مدى خطورتها، تركيبة هذه الغازات وطرق تجنّبها.
السارين مركّب من جزيئين، وعمله على الأعصاب
في البداية عرّف د. دراوشة الغاز على أنّه سلاح يحمل مواد كيماوية لها فعاليات سريعة التأثير على الجسم، وهو سلاح خطير ومحرّم عالميا، لأنه يؤدي الى الوفاة خلال دقائق أو ساعات، كما وأنّ الاز يعمل على إبادة كافة الكائنات الحيّة ولا يقتصر عمله على الإنسان فقط. وقبل ذلك، أكّد على أنّ المواد الكيماوية من مركباتها التي تستعمل في قتل الحشرات من خلال المواد التي تباع، لكنّ مدى تأثيرها بسيط جدّا على جسم الإنسان. وأضاف: "من أهم غازات الأسلحة الكيماويّة هي التي تستعمل فيها غاز السارين، والاخطر غاز في إكس (VX)، أما السارين فهو جزيء يتم صناعته من خلال خلط مادّتين هما مركّب فوسفاتي وهيدروجين، فينتج غاز السارين الذي يعمل على الأعصاب".
السارين يمنع تحليل "أكستين خولين"، فيتسبّب بالموت!
وأمّا عمل الأعصاب، وتأثير الغاز القاتل عليها، فأشار إلى أنّ الأعصاب هي خلايا عصبية مستقيمة، فيها أكياس تحرر مادة "أكسيتين خولين"، وظيفة هذه المادّة هي نقل إشارة من كل خلية عصبية وأخرى، أو الى العضلة، وانتقال هذه المادّة يعطي إشارة لحركة معيّنة قام بها الجسم.
وأضاف: "من أجل عمل الاعصاب بشكل سليم يتم تحليل مادة الأكسيتين خولين، ولكنّ غاز الأعصاب يعمل على عدم تحليل هذه المادة، ويستمر السيال العصبي في عمل الاشارة وتستمر بشكل دائم، هذا يؤدّي إلى تعطيل جهاز التنفس من خلال افرازات الريق والبلغم، ويؤدّي إلى ملء الرئتين، مثل غرق الانسان عندما تمتلئ الغريق رئتاه بالمياه، إضافة الى شعور الإنسان الذي تعرّض للغاز بالدوار وشلل العضلات".
ويشير د. دراوشة إلى أنّ تأثير غاز الأعصاب وسرعة فتكه بالإنسان متعلّق بطريقة دخول الغاز الى الجسم، فإذا دخل عن طريق الجهاز اتنفّسي فإنّه يعمل على فتك الإنسان خلال دقائق معدودة، أما اذا كان عن طريق الجسم فإنذ عملية الفتك قد تستغرق لساعات، مؤكّدا أنّ للغاز لا يوجد له لا رائحة ولا لون ولا طعم.
الدواء غير متوفّر، لكنّ الماء طريقة فعّالة لمنع وصوله
وعن طرق العلاج بحال التعرّض للغاز، فالدواء هو الاتروبين، الذي يعمل على الارتباط مع مع الاكسيتين خولين، ويترك مستقبلات فارغة ومساحات شاغرة، أي يدخل الخليّة العصبيّة في حالة راحة – كما يحصل مع الخليّة العصبيّة بالشكل الطبيعي، إلا أنّ هذا الدواء غير متوفر في متناول اليد، ويأتي مع الكمامة التي تعتبر مصفاة تقوم بتصفية الهواء الداخل إلى جسم الإنسان، وتعمل على منع كمّيات كبيرة من الغاز للوصول إلى الجسم عبر الرئتين.
وبعد أن استعرض د. دراوشة الأهميّة الكبيرة للكمامات الواقية من الأسلحة الكيماويّة، إلا أنّ طرق عديدة يمكن إجراؤها داخل البيت وقد تمنع دخول غاز السارين وفتك الإنسان، حيث قال: "يمكن بالبيت عرقلة وصول غاز السارين، فالسارين مادة قابلة للتفكك مع الماء، وما يسرع اكثر هو مادة الكلور المستعملة في التنظيف وايضا صودا الشرب، يمكن من خلال وضع ممسحة مبولولة بالماء تحت فتحات الباب ونوافذ الشبابيك، وذلك لمنع وصول غاز السارين والعمل على تفكيكه".