يتفشى وباء كورونا بسرعة في الولايات المتحدة، حيث تخلّى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن فكرة عزل ولاية نيويورك، في وقت يُواصل الفيروس المستجدّ انتشاره في أوروبا، التي تسجّل ثلثي عدد الوفيات في العالم. وفي إسبانيا، أُعلِنت الأحد وفاة أكثر من 800 شخص خلال 24 ساعة، في عدد قياسي جديد.
ولا يزال أكثر من ثلاثة مليارات نسمة معزولين داخل منازلهم في جميع القارّات، بغياب لقاح أو علاج مثبت لفيروس كورونا. وأودى الوباء بحياة ما لا يقل عن 33,976 شخصا في العالم منذ ظهوره، في كانون الأول/ديسمبر الماضي في الصين، وفقا لمعطيات منظمة الصحة العالمية.
ورجّح ترامب أمس، أن يصل معدّل الوفيّات في الولايات المتحدة جرّاء الفيروس إلى ذروته في غضون أسبوعين. وقال خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض "لذلك، سنمدّد إرشاداتنا حتّى 30 نيسان/أبريل لإبطاء انتشار" الفيروس، في إشارة منه إلى الإرشادات الحكوميّة المعطاة للمواطنين. وأضاف أنّه سيكون هناك إعلان "مهمّ"، غدا الثلاثاء، بشأن خطط الحكومة واستراتيجيّتها للمضيّ قدماً في مكافحة الفيروس.
من جهته، حذّر الطبيب أنتوني فاوتشي، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأوبئة وخبير الأمراض المعدية، أمس، من إمكان أن يحصد فيروس كورونا أرواح ما بين 100 - 200 ألف شخص في الولايات المتحدة.
في إسبانيا، سُجّلت 6,803 وفاة من أصل 80,110 إصابات. وفي ضوء هذه الأعداد، ثمّة أمل لدى السلطات الإسبانيّة في أن تكون ذروة العدوى اقتربت.
ويقول مدير مركز الطوارئ الصحية الإسبانية، فيرناندو سيمون، إن "مشكلتنا الأساسية في هذا الوقت هو ضمان ألا تمتلئ أقسام العناية الفائقة". ونبه سيمون الى أن "ست مناطق (من بين 17) بلغت سقف قدرة استيعابها وتقترب ثلاث أخرى من بلوغه". وشملت التدابير المتخذة إيقاف "الأنشطة غير الضرورية".
وستشدد إسبانيا تدابير العزل السارية منذ منتصف آذار/مارس، وهي في الأصل من بين الأشدّ في العالم.
وفي إيطاليا، الدولة الأكثر تضرراً من الوباء في العالم، بدأ الحجر المنزلي يعطي أولى نتائجه ويتواصل تباطؤ انتشار العدوى، حيث سُجّلت أكثر من 10 آلاف وفاة. وقال مسؤول الصحة في لومبارديا، المنطقة الأكثر تضررا في شمال ايطاليا، جوليو غاييرا، إنه "نسجل في جميع أقسام الطوارئ انخفاضا (في توافد المرضى). وفي بعضها، يكون (التوافد) طفيفا، وفي أخرى أعلى بكثير". وفي وقت تعيش ايطاليا عزلا للأسبوع الثالث، ستوزّع الحكومة قسائم غذائية على الأشدّ فقراً خصوصاً المتضررين من اهتزاز الدورة الاقتصادية.
وتم نشر عناصر شرطة أمام المتاجر الكبرى في صقلية لمنع حصول أعمال نهب، بعدما حاول بعض الزبائن الخروج من سوبرماركت حاملين مواد غذائية لم يدفعوا ثمنها، موضحين أنه لم تعد لديهم نقود لشراء حاجاتهم.
في ألمانيا حيث انتحر وزير مال مقاطعة هيسن، توماس شيفر، بسبب "قلقه البالغ" من التداعيات الاقتصادية لتفشي الفيروس، أثارت مجموعتا "أديداس" و"إتش أند أم" موجة استنكار بإعلان نيتهما التوقف عن دفع إيجارات متاجرهما.
ويتسارع انتشار الوباء في بريطانيا، حيث تخطت الحصيلة عتبة ألف وفاة السبت مع تسجيل 260 وفاة جديدة في يوم واحد. وحذر رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في رسالة إلى المواطنين، "نحن نعلم أنّ الأمور ستّتجه إلى الأسوأ، قبل أن تبدأ بالتحسّن"، داعيا المواطنين إلى التزام تعليمات الحجر المنزلي الذي أعلِن مساء أمس ولمدة لثلاثة أسابيع. من جهته، قال الوزير مايكل غوف إنه سينبغي على البريطانيين "الاستعداد لفترة طويلة" من العزل.
وفي إيرلندا، طلبت السلطات من المواطنين البقاء في العزل وحذّرت من أن القيود على التنقل ستُمدد، في وقت سّجلت 123 وفاة إضافية في 4 ساعات في البلاد، وهي إحدى الدول الأكثر تأثراً في العالم مع أكثر من 2600 وفاة.
أما الصين، منشأ الوباء، التي يبدو أنها تمكنت من وقف تفشي المرض على أراضيها، فقد أغلقت موقتا، منذ أول من أمس، حدودها أمام معظم الأجانب وحدّت بشكل كبير من رحلاتها الدولية لمنع عودة الفيروس "من الخارج".
وبعدما كانت آخر بلد كبير لم يتخذ أي تدابير حجر منزلي معمم بعد، أعلنت روسيا أنها ستقيّد الحركة على حدودها اعتبارا من اليوم.