سجلت الآونة الأخيرة تصاعدا ملموسا في عمليات ما يسمى بـ'تدفيع الثمن'، على جانبي الخط الأخضر خلال شهرين، حيث وقع في نهاية آذار اعتداء على القنصلية الإسبانية في القدس، تبعه في 26 نيسان إحراق سيارة في حوارة في الضفة الغربية وكتابة شعارات معادية للعرب، وفي 5 أيار جرى ثقب إطارات سيارات وكتابة شعارات شرقي القدس.
في 9 أيار جرى إلحاق أضرار بسيارات في شعفاط بالقدس، وبالتزامن وقعت عمليات مماثلة صاحبها كتابة شعارات 'تدفيع الثمن' في قرية الناعورة الكائنة في مرج ابن عامر، بينما جرى في 24 أيار إحراق سيارات في بلدة عارة، مسقط رأس عميد الأسرى كريم يونس، وفي 28 أيار جرى الاعتداء على سيارة شخص عربي وكتابة شعارات شرقي القدس، وفي 29 أيار تم إحراق تراكتور وكتابة شعارات في قرية بورين في الضفة الغربية. هذا إضافة إلى ذلك سجلت عشرات الاحتكاكات من قبل إرهابيين يهود مع الجنود والشرطة والسكان الفلسطينيين والمواطنين الإسرائيليين، التي انتهى بعضها بإصابات.
المحلل العسكري في صحيفة 'يديعوت أحرونوت' أليكس فيشمان، ينقل عن مصادر في 'الشاباك' تشبيهه لموجة التصعيد الحالية بالموجة السابقة التي وصلت إلى ذروتها في تموز 2015، عند قتل عائلة دوابشة في قرية دوما، حرقا.
ويرى فيشمان أن العمليات الأخيرة هي ثمرة تعاون بين شبيبة التلال ومتطرفي 'يتسهار' الذي أدى إلى استئناف 'رحلات السبت'، وهو الاسم السري لحملات العنف التي يقوم بها أشخاص ملثمون ضد الفلسطينيين وجنود الجيش الإسرائيلي. وذلك بعد حالة الشلل التي سادت في السنتين الأخيرتين وتميزت بـ'صفر' عمليات تقريبا، بعد وضع بعض منفذي العمليات وقادتهم في السجن وإبعاد البعض الآخر.
في التعريفات المهنية، يدرج المحلل العسكري الإسرائيلي 'الإرهاب اليهودي' فيما يسمى 'المرحلة الثالثة' في سلم التصعيد، الذي تبدأ مرحلته الأولى بالعنف قرب المستوطنات ومحيطها، و يرى، فيشمان، أن القلب النابض للإرهاب اليهودي المتجدد يعمل في مركزين. الأول هو مستوطنة 'يتسهار'، حيث انطلقت من هناك مجموعات 'تدفيع الثمن' والثاني هو 'شبيبة التلال' وهي مجموعات عنيفة تعيش في بؤر استيطانية، مثل 'غيئولات تسيون' و'رمات مغرون'، التي خرجت منها النواة الصلبة لـ'جماعة التمرد' برئاسة مئير إتنغر، حفيد الحاخام كهانا، والتي تم اتهام شخصين منها بقتل عائلة دوابشة، وهي تقف أيضا وراء الحريق في كنيسة رقاد السيدة العذراء في القدس، وكنيسة الخبز والسمك في طبرية.
المرحلة الثانية، حسب تدريج فيشمان، تشمل الخروج من المستوطنة، أو ما يسمى في يتسهار 'رحلات السبت'. ينهون صلاة البزوغ ويخرجون إلى القرى مثل بورين وعوريف وحوارة، ويقومون بالاعتداء على هذه القرى. وفي معظم الحالات يعرف الجيش مسبقا عن هذه الأفعال، ويصل إلى المكان، لكنه لا يتدخل. الجنود أيضا يتعرضون للاعتداءات، وفي الأشهر الأخيرة سجلت في شرطة شاي 17 حادثة عنف من قبل سكان في 'يتسهار' و'البؤر المذكورة' ضد العرب والجنود ونشطاء اليسار.
أما المرحلة الثالثة لـ'الإرهاب اليهودي'، فهي 'المرحلة السرية'، حيث يجري تنفيذ عمليات ليلا، على غرار العمليات التي وقعت في الأسابيع الأخيرة، بواسطة خلايا صغيرة.
وهذه المرحلة، كما يقول فيشمان، هي مرحلة حساسة جدا في تنظيم الخلايا الإرهابية، حيث يبدؤون بالعمل من خلال التخطيط المسبق والتنسيق السري وزيادة الثقة بالنفس، وهي تفضي إلى المرحلة الرابعة التي تشمل إلحاق الأذى الجسدي بالأشخاص والاعتداء على منازل العرب وعلى المساجد والكنائس.
أما الهدف والأيديولوجيا التي توجه هذا الإرهاب فتقول، وفق ما ينقل فيشمان، إذا كانت الدولة تعيق قدوم المُخلص فنحن، حينها، سنحارب الدولة ونقوم ببث الخلاف بينها وبين أمم العالم، وبينها وبين الفلسطينيين، وبينها وبين الديانات الأخرى، من أجل التسبب بحرب أهلية تكون نهايتها انهيار السلطات في إسرائيل وصعود الدولة الدينية.