تعيش أسمهان أطرش (69 عاما) من مدينة يافا مأساة وظروفا في غاية الصعوبة والقسوة فبعد مقتل 5 من أبنائها تطالبها شركة "عميدار" في الآونة الأخيرة بإخلاء منزلها الذي تسكنه منذ العام 1992، حيث صنّفوا في حينه كـ"مستأجرين محميين من قبل الدولة"، في الوقت الذي ترفض طلب العائلة المستحق شراء البيت وفق القانون.
وازدادت ظروف عائلة الأطرش المأساوية صعوبة في أعقاب فقدانها خمسة من أبنائها في جرائم قتل على خلفية نزاع مع إحدى العائلات في المدينة، دون أن تكشف الشرطة ملابسات أي ملف جريمة من الملفات الخمسة وأن تقدم القتلة للقضاء.
وكأن تقاعس الشرطة في القبض على قاتلي الضحايا لم يكف إلى جانب حزنها على أولادها الضحايا، لتعاني المسنة أطرش وأسرتها باستمرار من سياسة السلطات الإسرائيلية وتخاذلها تجاه مأساتها بفعل رفض شركة "عميدار" طلب العائلة شراء البيت الذي تسكنه، والأدهى من ذلك تهديد "عميدار" للعائلة بإخلائها المنزل.
دعوى اعتراضية
وقالت المحامية الموكلة بالدفاع عن حقوق عائلة أطرش، مريم كبوب سكسك، لـ"عرب 48" إن "العائلة ترفض رفضا قاطعا إخلاء البيت الذي بنت فيه ذكرياتها، فهذا البيت هو المأوى الأخير لجدة البيت التي فقدت 5 من أبنائها في جرائم قتل، وهو من يجمع من تبقى من العائلة".
وقدمت المحامية سكسك، قبل عدة أيام، دعوى اعتراضية باسم أسمهان أطرش وحفيدها محمود أطرش، على طلب شركة "عميدار" التي رفضت الاعتراف بحقوق عائلة أطرش كمستأجرين محميين، وتطلب منهم إخلاء المنزل الذي تسكنه منذ 26 عاما.
مقتل الأبناء
بدأت القضية في العام 1992 حين سكن المرحوم عادل ووالدته أسمهان أطرش البيت، وعرّف عادل من قبل السلطات كـ"مستأجر محمي"، وسكن أطرش البيت الذي يقع في شارع المسمى "أهوفي يسرائيل" في يافا، وبعد فترة رافقه شقيقه محمد الذي عرف هو الآخر كـ"مستأجر محمي من قبل الدولة".
وفي وقت سابق من العام 1998 وفي خضم استشراء الجريمة بيافا في حينه، أطلق مجرمون مجهولون النار على عادل أطرش حين كان محمود الابن في حضنه وعمره عامين، توفي الوالد عادل متأثرا بجراحه الحرجة وأصيب الطفل محمود بجروح خطيرة خضع على أثرها للعلاج في غرفة العناية المركزة.
وفي العام 2005 قتل شقيقا عادل، محمد وعماد أطرش، في جريمة قتل إذ أطلق قتلة مجهولون النار عليهما. كانت هذه الجريمة الأخيرة من الجرائم التي تعرضت لها عائلة أطرش قتل فيها 5 أبناء أسمهان أطرش، وهم: عادل، محمد، عرب، سيد، وعماد
كبُر محمود أطرش وأصبح شابا (22 عاما) ابن المرحوم عادل أطرش الذي قتل في العام 1998، وسكن المنزل مع والده وجدته أسمهان منذ اليوم الأول، وبعد جريمة قتل والده، كان يسكن المنزل معه عمه محمد، الذي قتل لاحقا في العام 2005، وعرف محمد هو الآخر من قبل السلطات كـ"مستأجر محمي".
مسار قضائي
أكدت المحامية سكسك لـ"عرب 48" أن "هذه القضية يشتم منها رائحة غير جيدة، لم يكن التعامل مع شركة ‘عميدار’ دائما بهذا الشكل، إذ أنها في هذه المرحلة تزيد من تعنتها بالرغم من أن الدلائل تشير لصالح عائلة أطرش".
ورأت أن "شراء البيت يتم عن طريق مقدّر لسعر البيت، لكن العائلة تدفع فقط 40% من السعر المطلوب وفق ما ينص عليه القانون. لذا أعتقد أن القضية اقتصادية من قبل شركة ‘عميدار’ فهي تعلم أن العقار يكلف غاليا في يافا، اليوم، وخصوصا أننا نتحدث عن منزل مكون من طابق أرضي فقط، إذ انهم تستطيع إنشاء بناية كبيرة عليه، وهو يشكل مطمعا للشركة دون التطرق إلى الجانب الإنساني لهذه العائلة".
وأضافت محامية عائلة أطرش: "نحن نستند على جانبين في الدعوى المقدمة للمحكمة، على الجانب القضائي والذي هو لصالحنا وفق ما نملك من مستندات، وعلى الجانب الإنساني المأساوي الذي عاشته عائلة أطرش، وخصوصا المسنة أسمهان وحفيدها محمود الذي عاش غالبية حياته يتيما بعد مقتل والده وأعمامه الأربعة".
ولفتت إلى أنه "في السابق كانت شركة ‘عميدار’ تساعد المواطنين، لكن اليوم سياستها تغيرت، ولا أجد تفسيرا لهذا التعنت. 9 أعوام وأسمهان أطرش تحاول شراء البيت، لكن دون جدوى".
وعن حيثيات الدعوى، قالت المحامية سكسك إنه "لا يوجد أي سبب يمنع المسنة أطرش من أن تشتري البيت. هم يدعون أن أسمهان أطرش لم تكن مصنفة كمستأجرة محمية ولم تسكن البيت سابقا، متناسيين أن حفيدها عاش غالبية حياته يتيما معها في هذا البيت، إضافة إلى إثباتات نملكها تؤكد أنها هي من كانت تدفع ضريبة البيت المسجلة على اسمها، وكانت تتواجد في البيت مع شهادات من الجيران وغيرهم من الحي الذي كانوا يشاهدوها دائما".
وأوضحت أن "شركة ‘عميدار’ نفسها تعترف بأن أسمهان أطرش تسكن البيت وفق المستندات، فإذا كانت المسنة بالفعل، كما يقولون، تسللت إلى البيت فلماذا دفعت رسوم استئجار 13 عاما على التوالي؟ غير أن هذا الإجراء منافيا للقانون، ولو كانت متسللة كما يدعون فلا يحق لها المكوث بالبيت ثانية واحدة".
وختمت المحامية الموكلة بالدفاع عن عائلة أطرش بالقول: "نحن نطالب بشكل واضح وصريح في الدعوى بأن تتيح المحكمة لعائلة أطرش شراء هذا البيت الذي عاشوا فيه وعاشوا خلاله نكبة لا مثيل لها. نريد أن تنظر المحكمة و’عميدار’ إلى الجانب الإنساني للعائلة وما مرت به المسنة أسمهان أطرش منذ أعوام".