من المنتظر أن يلتقي، اليوم، في جنيف، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية بنظيره الروسي لمناقشة ملف الأسلحة الكيميائية السورية، بعدما قدمت موسكو خطة تقضي بوضع الأسلحة السورية تحت الرقابة الدولية في محاولة لمنح فرصة للحل السياسي للنزاع المسلح في سوريا وإبعاد شبح الضربة العسكرية.
كانت موسكو وبكين رفضتا الموافقة على مشروع قرار مجلس الأمن الذي تقدمت به فرنسا، والذي يطالب بمنح الحكومة السورية مهلة لا تتجاوز أسبوعين لتسليم كل أسلحتها الكيميائية، والسماح للمراقبين الدوليين بالدخول لأراضيها من أجل البدء في عمليات التفتيش. وفي حال عدم احترام هذه الآجال، تتعرض لإجراءات عقابية دولية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ما يعني بالضرورة العودة للحديث عن التدخل العسكري.
من جانبها، رحبت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركيل، بالمبادرة الروسية وموافقة دمشق على وضع الأسلحة الكيميائية تحت الرقابة الدولية، داعية إلى المزيد من التنسيق الدولي لإنهاء الأزمة، على حد ما أكده المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت. فيما رحبت الخارجية التركية بقرار دمشق، إلا أنها جددت اتهامها للنظام في سوريا بوقوفه وراء استخدام الكيميائي، في إشارة إلى ضرورة “تطبيق إجراءات عقابية”، على حد ما صرح به المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، لوند غمركتشو. في الوقت الذي أشار فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى ضرورة توافق المجتمع الدولي على “تجريد سوريا من أسلحتها الكيميائية”.
وأعلنت الخارجية الإيرانية أن طهران تتوفر على أدلة قاطعة تشير إلى تحويل “دولة عربية”، لم تذكرها، قامت بنقل أنبوبتي غاز السارين إلى سوريا، على حد ما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية “إنرنا”، نقلا على لسان نائب وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان. فيما أشار وزير الخارجية الإيراني الجديد، محمد جواد ظريف، إلى وجود قناة للتواصل مع إدارة البيت الأبيض الأمريكي بهدف نزع فتيل الحرب على سوريا، مع العلم أن صحيفة “الرأي” الكويتية نقلت على لسان قيادات إيرانية قولها إن طهران أبلغت موسكو عزمها الوقوف إلى جانب سوريا في مواجهة أي اعتداء عليها “ستدخل الحرب بكل ثقلها عند انطلاق أول صاروخ أمريكي على سوريا، حتى لو سقط في الصحراء”.
وفي السياق، أعلنت روسيا، أمس، أنها سلمت أدلة إلى الأمم المتحدة تؤكد استعمال المعارضة للسلاح الكيميائي.
وكان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، من جهته، أكد في خطابه، أول أمس، أنه على الرغم من تأجيل تصويت الكونغرس حول مشروع قرار شن ضربة عسكرية على سوريا، إلا أن ذلك لا يعني استبعاد شبح التدخل العسكري، في إشارة إلى أنه سيمنح “فرصة إلى الجهود الدبلوماسية” والتنسيق مع روسيا من أجل تحييد الأسلحة الكيميائية السورية بشكل نهائي، مضيفا في سياق خطابه أنه على المجتمع الدولي والأمريكي دعم الضربة العسكرية في حال عدم استجابة النظام السوري لمطلب المجموعة الدولية، باعتبارها الحل الوحيد المتبقي “لوضع حد للمجازر المرتكبة في حق المدنيين وتحذير الأنظمة التي تسعى لتطوير برامج محظورة دوليا”.
وعلى الرغم من تأكيد أوباما على أن موافقة دمشق على وضع أسلحتها الكيميائية تحت المراقبة الدولية، فتح الباب أمام إنهاء الحديث عن ضربة العسكرية، إلا أنه عاد للتأكيد على أنه من “السابق لأوانه الجزم بنجاح المبادرة الروسية”، ساعيا إلى تبديد مخاوف الشعب الأمريكي من التدخل العسكري بقوله إنه أمضى العهدة الأولى من رئاسته في إنهاء التواجد الأمريكي في العراق وأفغانستان، ولن يكون وراء أي تدخل بري للجيش الأمريكي في سوريا.
وبينما تستمر الدول المعنية بملف الأزمة السورية في التشاور بخصوص منح فرصة للحل السياسي وإبعاد شبح الحرب على سوريا، أكد الائتلاف السوري المعارض، أمس، حصوله على معدات عسكرية “فتاكة” من الولايات المتحدة الأمريكية بغرض ترجيح موازين القوى على الأرض، مثلما أعلنه المتحدث باسم الائتلاف السوري المعارض عبد القادر صالح في حديثه لوكالة الأنباء “رويترز”.