إنّ الدّعاء هو لبّ العبادة وأساسها، وإليه يلجأ المسلم في وقت الشّدة، ويذكره أيضاً في وقت الرّخاء، ومن الدّعاء ما ثبت بالدّليل الشّرعي أنّه مُستجاب، ومن ذلك:
دعوة ذي النّون: فقد أخرج الإمام أحمد والتّرمذي وغيرهما، أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال:" دعوة ذي النّون إذ هو في بطن الحوت، لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين، فإنّه لم يدع بها مسلم ربّه في شيء قطّ إلا استجاب له ".
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت جالساً مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ورجل قائم يصلّي، فلّما ركع وسجد تشهّد، ودعا فقال في دعائه:" اللهم إنّي أسألك بأنّ لك الحمد، لا إله إلا أنت، المنّان، بديع السّموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيّ يا قيوم، إنّي أسألك. فقال النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- لأصحابه أتدرون بم دعا، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به أعطى "، رواه النّسائي والإمام أحمد.
من الأدعية المأثورة ـويسمّى بدعاء الحاجةـ ما رواه التّرمذي وابن ماجه، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" من كانت له حاجة إلى الله تعالى، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ، وليحسن الوضوء، ثم ليصلّ ركعتين، ثمّ ليثنِ على الله عزّ وجلّ، وليصلّ على النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- ثمّ ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل برّ، والسّلامة من كلّ إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا همّا إلا فرّجته، ولا حاجةً هي لك رضاً إلا قضيتها يا أرحم الرّاحمين ".
في سنن أبي داود، عن عوف بن مالك رضي الله عنه: أنّ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- قضى بين رجلين، فقال المقضي عليه لمّا أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم" إن الله تعالى يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل ".
في سنن أبي داود، عن أمّ سلمة رضي الله عنها قالت: ما خرج النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- من بيتي قطّ إلا رفع طرفه إلى السّماء فقال:" اللهم إنّي أعوذ بك أن أضلَّ أو أُضلَّ، أو أّزلَّ أو أُزلَّ، أو أظلِم أو أُظلم، أو أجهَل أو يُجهل عليّ ".
عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه، أنّ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال:" ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمّا أن يعجّل له دعوته، وإمّا أن يدّخرها في الآخرة، وإمّا أن يصرف عنه من السّوء مثلها. قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر "، رواه أحمد والحاكم وصحّحه الألبانيّ.
شروط استجابة الدّعاء
دعاء الله وحده لا شريك له، بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلى، بصدق وإخلاص، لأنّ الدعاء عبادة، قال الله تعالى:" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ "، غافر/60.
ألا يدعو المرء بإثم أو قطيعة رحم، لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدَع الدّعاء "
أن يدعو بقلب حاضر، موقن بالإجابة، لما رواه التّرمذي والحاكم، وحسّنه الألبانيّ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه ".