بقلم : الشَّيخ حمَّاد ابو دعابس
رئيس الحركة الإسلاميَّة
▪️لم أشهد في حياتي جنازةً في بلادنا أضخم من جنازة فقيد النَّقب والمجتمع العربيِّ والشَّعب الفلسطينيِّ النَّائب الرَّاحل سعيد الخرومي رحمه الله . عشرات الآلاف من المحبِّين وصلوا من جميع أطياف شعبنا ، ومن كلِّ أطراف بلادنا ليشاركوا في وداع القياديِّ الكبير الرَّاحل عنَّا إلى جوار ربِّه الكريم ........ فرحمات الله تعالى عليه ، وعسى أن يكرم الله وفادته ، ويحسن مثوبته ، ويُسكنه أعلى منازل الجنَّة " في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدرٍ " ، بإذنه وكرمه سبحانه وتعالى .
▪️وتوالت الوفود في بيت العزاء ، ووصلت برقيَّات التَّعازي من كلِّ مكانٍ ، وفاءً لمن أحبَّ وطنه ، وكلَّ أبناء وطنه ، فبادلوه حُبَّاً بحبٍّ ، ووفاءً بوفاءٍ . وإنَّها ولا شكَّ ليست مفهومةً ضمناً ، لولا استشعار الجميع بحجم الفقد ، ومكانة الفقيد في قلوب أبناء شعبنا جميعاً .
▪️الأخلاق هي العنوان :
▪️ما سرُّ هذه المحبَّة الكبيرة ، الَّتي عمرت قلوب النَّاس ، وغمرت مشاعرهم ، وأشعلت عواطفهم تجاه الفقيد الغالي النَّائب سعيد الخرومي رحمه الله ؟ .
▪️أظنُّ أنَّ الجميع قد عرفوه كما نعرفه ، فخصاله معروفةٌ ، ومناقبه مكشوفةٌ ، ليس فيها تصنُّعٌ ولا ازدواجيَّةٌ ، بل عفويَّةٌ وبساطةٌ وفطرةٌ فطره الله عليها .
▪️كان دائم البِشر بشوشاً متفائلاً رغم المشاقِّ والتَّحدِّيات المستمرَّة .
▪️وكان متواضعاً هيِّناً ليِّناً رغم المواقع والمناصب والمهمَّات الَّتي تقلَّدها .
▪️يغضُّ الطَّرفَ عن زلَّات الآخرين ولا ينشغل بإثبات خطئهم ولا مناكفتهم .
▪️يبني شراكاتٍ مع الجميع ، ويبحث عن القواسم المشتركة معهم ، ويعزِّز التَّعاون مع كلِّ أطياف مجتمعنا في الدَّاخل ، بل مع من يلتقون معه على خدمة أهداف مجتمعنا من خارج هذا المجتمع .
▪️شكَّلت شخصيَّته الجامعة محوراً لإلتقاء جميع الأهل في النَّقب ، على قيادةٍ موحَّدةٍ ، ضمن لجنة التَّوجيه لعرب النَّقب ، والَّتي قادت نضالات أهل النَّقب في السَّنوات الأخيرة .
▪️مهنيَّته العالية ، وعقلانيَّته الكبيرة ، ورزانته المعهودة ، ألزمت الآخرين دائماً على التَّعامل معه باحترامٍ ، وأوجبت عليهم الإصغاء لحديثه بإهتمامٍ ، وأخذ أقواله على محمل الجِدِّ ، فكلامه قليلٌ ولكنَّه - في الغالب - يعني كلَّ ما يقول .
▪️لم تُعرَف له خصوماتٌ ، ولا حمل لأحدٍ أو من أحدٍ عداواتٍ ، وكان حذراً من أن يترك على نفسه مماسك وأخطاءً . ولذلك ، لم يشتعل الإعلام بمناكفاتٍ له أو عليه ، ممَّا جسَّد الصُّورة الإيجابيَّة عنه لدى الجميع .
▪️أحبَّ جميع النَّاس ، واحترمهم ، وتفانى في خدمتهم ، فأحبُّوه واحترموه ، وجاءوا من كلِّ مكانٍ لوداعه والتَّرحُّم عليه .
▪️فرحمة الله ومغفرته ورضوانه ، على فارسنا الَّذي ترجَّل ، وفقيدنا الَّذي ارتحل .
▪️ لا نقول وداعاً ، ولكن إلى لقاءٍ على حوض الحبيب المصطفى وفي جوار الرَّحمن وجنان الرضوان بإذن الواحد الدَّيَّان ، جلَّ جلاله وتقدَّست أسماؤه .
ولا نقول إلَّا ما يرضي ربَّنا سبحانه :
" إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون " .