يرى علماء في جامعة كامبريدج أن كثرة أو قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في العمليات الذهنية على المدى الطويل، وبالتالي فإن الإنسان في منتصف العمر وما يليه من مراحل يحتاج إلى النوم حوالي 7 ساعات يوميا.
وتقول صحيفة "تليغراف" (telegraph) البريطانية، في تقرير للكاتبة سارة نابتون، إن الأديب الإنجليزي ويليم شكسبير كان يقول "إن النوم هو العلاج المريح للعامل المتعب، والشافي للعقل المجروح".
وتوصل الباحثون في جامعة كامبريدج إلى أن الجرعة المناسبة من النوم هي 7 ساعات بالتمام والكمال، بالنسبة لمن يريدون الحفاظ على وظائف الدماغ بداية من منتصف العمر. وفي حالة النوم لعدد ساعات أقل أو أطول، فإن الإنسان يصبح أكثر عرضة لتدهور القدرات الذهنية.
وجاءت هذه النتائج بعد أن فحص الباحثون بيانات نحو نصف مليون بالغ بريطاني، تتراوح أعمارهم بين 38 و73 عاما، شاركوا في مشروع "بيوبنك" البريطاني، وهي دراسة راقبت أنماط النوم والحالة الذهنية والصحية بشكل عام إلى جانب الأداء المعرفي.
وتوصل الباحثون إلى أن المعاناة من نقص النوم أو الإكثار منه كذلك ترتبط ببطء عملية الاستيعاب الذهني، وضعف التركيز البصري والذاكرة، وتدهور مهارات حل المشكلات.
كما توصلت هذه الدراسة إلى أن 7 ساعات هو الرقم السحري للتمتع بصحة ذهنية جيدة، حيث إن من ينامون أقل أو أكثر من هذه المدة يعانون من التوتر والاكتئاب والمشاكل الصحية.
وتنقل الكاتبة عن البروفيسورة باربرا ساكيان، من قسم طب النفس في كامبريدج، وهي إحدى المشاركين في هذه الدراسة، قولها إن "الحصول على ليلة نوم جيدة يعد أمرا في غاية الأهمية للإنسان في كافة مراحل الحياة، ولكن هذه الأهمية تزداد مع التقدم في العمر".
وتضيف الباحثة أن "إيجاد طرق لتحسين جودة النوم لدى كبار السن يفتح المجال أمام مساعدتهم على الحفاظ على صحتهم العقلية والتمتع بحياة مريحة وتجنب تدهور القدرات المعرفية، خاصة لدى المرضى المعرضين للاضطرابات النفسية والخرف".
وأوضح الباحثون أن أحد الأسباب التي قد تجعل نقص النوم يسرع تدهور القدرات الذهنية، هو عدم توفر وقت كاف لمرحلة نوم الموجة البطيئة، التي تسمى أيضا النوم العميق، وهي تلعب دورا هاما في ترتيب وتقوية الذاكرة.
وترتبط مشاكل مرحلة نوم الموجة البطيئة بإنتاج بروتين أميلويد، الذي يلعب دورا هاما في صحة الإنسان، ويؤدي نقصه إلى اضطرابات في الدماغ تشبه تلك التي تحصل عند الإصابة بالأمراض العقلية .
وتوضح الكاتبة أن النوم يحافظ على صحة الدماغ من خلال التخلص من المواد الضارة، وبالتالي فإن نقصه يجعل الجسم عاجزا عن التخلص من هذه السموم. وقد كانت دراسات سابقة بينت أن التقطع في النوم يرتبط بزيادة الإصابة بالالتهابات والتعرض لأمراض الشيخوخة.
كما قام فريق الباحثين بدراسة صور أشعة 40 ألف شخص، ووجدوا فروقا واضحة في بنية مناطق الدماغ المرتبطة بالتحليل والذاكرة، لدى أولئك الذين حصلوا على أقل أو أكثر من 7 ساعات نوم.
ويقول البروفيسور جيانفينغ فينغ من جامعة فودان في الصين، والمشارك في هذه الدراسة: "رغم أننا لا يمكننا أن نؤكد بشكل قطعي أن نقص أو كثرة النوم يسبب مشاكل ذهنية، فإن تحليلنا للبيانات التي جمعناها عن هذه العينة الضخمة من الأشخاص على مدى فترة طويلة من الزمن يدعم هذه الفكرة".