من يولد في هذا اليوم (الاربعاء 29/2/2012) فانه لن يحتفل بعيد ميلاده القادم الا يوم 29/2/2016 أي بعد اربع سنوات، ومن ثم فهم لا يحتفلون بعيد ميلادهم
كل عام، وهو اليوم الوحيد الذي لا يتكرر كل عام بل كل 4 سنوات، فما قصة هذا اليوم؟، وما قصة السنة الكبيسة التي فرضت هذا اليوم كل 4 سنوات؟
ان التقويم القمري يعتمد 12 شهرا قمريا ومدتها 354 يوما وربع اليوم، اما التقويم الشمسي فيعتمد السنة الشمسية المكونة من 12 شهرا ومتها 365 يوما وربع اليوم تقريبا، أي ان الفارق بين السنة الشمسية والسنة القمرية حوالي 11 يوما وربع اليوم تقريبا.
التقويم الروماني
ان اقدم التقاويم المعروفة لدينا بشكل واسع هو التقويم الروماني الذي نشأ مع نشوء الامبراطورية الرومانية سنة 753 قبل الميلاد، حيث لم يعرف الرومان بدقة عدد ايام السنة، ما جعلهم يستخدمون السنة القمرية في تقويمهم، لكنهم لاحظوا ان الفصول تأتي متأخرة عن موعدها خلال بضع سنوات، بسبب الفارق بين السنة الشمسية والسنة الميلادية وهو 11 يوما وربع اليوم تقريبا، لذلك اضاف الرومان شهرا كاملا في اخر كل سنة حتى تتساوى السنين القمرية مع السنين الشمسية، وهذه
الطريقة خلقت مشاكل سياسية بسبب استغلال اصحاب النفوذ والمناصب هذا الشهر من اجل مصالحهم الشخصية!.
بقيت هذه المشكلة قائمة في عهد الرومان حتى سنة 46 قبل الميلاد، عندما طلب الامبراطور الروماني «يوليوس قيصر» من الفلكي السكندري الشهير «سوسيجين» Sosigenes ان يعمل على اصلاح التقويم الروماني المضطرب، وبعد عمل كبير وشاق استطاع «سوسيجين» ان يجد الحل المناسب، حيث جعل عدد ايام السنة الشمسية مساويا لعدد ايام السنة القمرية وذلك باضافة 11 يوما للسنة القمرية وهو مقدار الفارق بين السنة الشمسية والسنة القمرية، اما الفارق البسيط وهو ربع اليوم من كل سنة، فلقد جعل السنة الرابعة 366 يوما، أي زاد يوما كاملا كل اربع سنوات حتى يغطي فارق اليوم، لذلك تكون السنة الرابعة هي سنة كبيسة.
ونتيجة للتقويم الروماني، اصبحت الفصول تأتي في موعد متأخر عن الموعد الحقيقي لها بحوالي 80 يوما أي قرابة ثلاثة اشهر، فزاد «سوسيجين» على سنة 708 ميلادية 80 يوما اضافية حتى تصبح الفصول تحدث في مواعيدها الحقيقية، ثم اضاف شهرا جديدا في مطلع عام 709 ميلادية من تأسيس روما واعطاه اسم «يناير» وجعل عدد ايام هذا الشهر 31 يوما، واضاف بعد شهر كانون الثاني شهرا جديدا هو شباط وجعل عدد ايامه 28 يوما في السنين العادية، و30 يوما في السنة الكبيسة، كما جعل «سوسيجين» عدد ايام الشهور الاخرى ذات الترتيب الفردي 31 يوما، اما الشهور ذات الترتيب الزوجي فقد جعل عدد ايامها 30 يوما، وعرف التقويم الجديد الذي وضعه «سوسيجين» في عهد روما «بالتقويم اليولياني» نسبة الى الامبراطور الروماني «يوليوس قيصر» الذي تم تطويره في عهده. وجاءت شهور التقويم اليولياني مرتبة كالتالي:
وفي سنة 44 قبل الميلاد، تم تغيير اسم شهر «كونتيلس» الى اسم تموز وهو الشهر الذي ولد فيه يوليوس قيصر تكريما له، وعندما تم تنصيب «اوكتافيوس اغسطس» Augustus قيصرا لروما وانتصر على انطونيو في معركة اكتيوم (اكسيوم) سنة 31 قبل الميلاد، امر مجلس الشيوخ الروماني تغيير اسم الشهر الثامن الذي ولد فيه اغسطس «سكتيلس» الى «اوغسطس - اب» تكريما له، ثم لاحظ الامبراطور «اغسطس - اب» فيه 30 يوما بينما شهر يوليو فيه 31 يوما، وحتى لا يكون هنالك تمييز بين الامبراطورين وتفضيل احدهما عن الاخر من خلال عدد ايام الشهر، فقد سحبوا يوما من شهر شباط ليصبح عدد ايام الشهر 28 يوما في السنين العادية و29 يوما في السنة الكبيسة أي كل اربع سنوات، وتمت اضافة اليوم الذي تم سحبه من شهر شباط الى شهر اب ليصبح عدد ايام هذا الشهر 31 يوما!.
وعليه، فقد اصبح ترتيب الشهور في التقويم الروماني كالتالي:
التقويم الجريغوري
بقي معمولا بالتقويم اليولياني (الروماني) حتى عهد البابا «غريغوري الثالث عشر» Gregory X111 Pope سنة 1582 ميلادية، عندما تبين ان التقويم اليولياني ليس دقيقا بالشكل الصحيح، حيث إن التقويم اليولياني يعتبر أن طول السنة الشمسية تتألف من 365 يوما وربع اليوم بالتمام والكمال، وهذا فيه زيادة عن السنة الشمسية الحقيقية مدة 11 دقيقة و 14 ثانية، هذا الفارق الضئيل اخذ يتراكم على مر العصور حتى اصبح كبيرا وواضحا، فقد جاء الاعتدال الربيعي في سنة 1582 ميلادية يوم 11 اذار أي قبل الموعد الحقيقي له بعشرة ايام.
لذلك استدعى البابا «غريغوري الثالث عشر» الفلكي المعروف انذاك «كريستوفر كلافيوس» Christopher Klavious وطلب منه تصحيح الاخطاء البسيطة التي وقع فيها التقويم اليولياني، فاستنتج «كلافيوس» ان نسبة الخطأ في مدة السنة الميلادية في التقويم اليولياني 3.12 يوما كل 400 عام، لذلك اخذ ينقص 3 ايام من كل 400 عام، واعتبر ان كل السنين المئوية التي تنتهي بصفرين والتي تقبل القسمة على 400 هي سنين كبيسة، لذلك فالسنين 1300، 1500، 1700 لا تقبل القسمة على 400 ولهذا فهي سنون عادية، اما السنوات 2000، 2400، 2800 فهي سنوات كبيسة لانها تقبل القسمة على 400.
ثم زاد كلافيوس 10 ايام على يوم الجمعه الموافق 5 كانون الثاني سنة 1582 ميلادية بحيث اصبح يوم الجمعه 15 كانون الثاني سنة 1582 ميلادية، وذلك حتى يجعل نقطة الاعتدال الربيعي تحدث في موعدها الصحيح وهو 21 اذار من كل عام.
ان التقويم المتبع حاليا هو التقويم الغريغوري، وهو يعتمد على السنة الكبيسة كل اربع سنوات، فالسنوات 2000 و 2004 و 2008 و 2012 و 2016 و 2020 هي سنين كبيسة، وكل من يولد اليوم في التاسع والعشرين من شباط في هذه السنوات يحتفل بعيد ميلاده كل 4 سنوات أي في السنين الكبيسة فقط.