تجددت في وقت متأخر من ليل الأحد، احتجاجات عنيفة في منطقتين بالعاصمة تونس وبلدة أخرى، وأطلقت الشرطة قنابل الغاز لتفريق محتجين في أحدث توتر بعد هدوء أستمر يومين إثر أسبوع من صدامات عنيفة ضد إجراءات التقشف الحكومية.
وبدأت يوم الإثنين الماضي احتجاجات عنيفة، تخللها شغب وعمليات نهب وحرق، وسرعان ما انتشرت في العديد من المدن التونسية رفضا لفرض الحكومة ضرائب جديدة ورفع أسعار بعض المواد منذ مطلع العام الحالي، لكنها هدأت نسبيا يومي الجمعة والسبت.
وليل الأحد تجمع عشرات الشبان بحي التضامن بالعاصمة تونس وأشعلوا النار في إطارات وردت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز.
وقال شاهد من رويترز إن عشرات من الشبان الذين لم تتجاوز أعمار أغلبهم 20 سنة رشقوا قوت الأمن بالحجارة. كما أطلقت الشرطة قنابل الغاز لتفريق شبان يحتجون في الكرم بالعاصمة تونس ولاحقت الشبان.
وفي فريانة قرب الحدود الجزائرية، تجددت أيضا الصدامات بعد أن عمد شبان إلى غلق الطرق قبل أن تتدخل الشرطة وتطلق الغاز وتلاحقهم.
وفي وقت سابق يوم الأحد تظاهر مئات التونسيين بشكل سلمي في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة في الذكرى السابعة للثورة التي أدت للإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي وسط إجراءات أمنية مشددة.
ويُنظر إلى تونس على نطاق واسع باعتبارها الدولة الوحيدة التي نجحت ديمقراطيا من بين دول الربيع العربي التي تفجرت في 2011.
لكن لم تتمكن تسع حكومات تولت زمام البلاد منذ ذلك الحين من علاج المشكلات الاقتصادية المتزايدة، مما خلق ضيقا لدى التونسيين مع ارتفاع معدلات البطالة إلى ما يزيد عن 15 بالمئة وإلى نحو 30 بالمئة في صفوف الشبان، وارتفع التضخم أيضا إلى 6.4 بالمئة وهو أعلى معدل منذ أربع سنوات.
واندلعت أحدث احتجاجات الأسبوع الماضي، بسبب الغضب من زيادة الأسعار والضرائب في ميزانية السنة الحالية التي بدأ سريانها في أول كانون الثاني/ يناير.
وارتفعت أسعار الوقود وبعض السلع الاستهلاكية من بينها البنزين وغاز الطهي إضافة إلى زيادة الضرائب على السيارات والاتصالات الهاتفية وخدمات الإنترنت وخدمات أخرى.
وفي العاصمة، انتشر مئات من قوات الشرطة وأقاموا بوابات تفتيش في مدخل شارع الحبيب بورقيبة، وهو الشارع الرمز لاحتجاجات أنهت حكم بن علي قبل سبع سنوات حين كان التونسيون يعلقون أمالا كثيرة بتحقيق الحرية والكرامة وإنهاء حقبة من الفساد والمصاعب الاقتصادية والاجتماعية التي أنهكتهم.
ولئن تمكن التونسيون من أن يعيشوا في بلد حر وديمقراطي وسط منطقة مضطربة، إلا أنهم مازالوا يعانون انقساما بسبب الخلافات السياسية وضيقا مرده صعوبة الأوضاع الاقتصادية رغم تعاقب الحكومات منذ 2011.
وبرز الانقسام جليا في الذكرى السابعة للثورة، حيث كان المتظاهرون في شكل مجموعات متفرقة، هنا مؤيدو حركة النهضة الإسلامية التي تشارك في الحكومة وهناك أنصار الجبهة الشعبية المعارضة يحتجون، بينما تجمع النقابيون أمام مقر الاتحاد العام التونسي رافعين شعارات ضد غلاء الأسعار.
وقال أحد المحتجين واسمه فؤاد لرويترز بينما كان يحمل قفة فارغة” هذا ما جنته علينا الحكومة... قفة خاوية وجيوب خاوية بقرارات جائرة... أنا أستاذ وزوجتي أستاذة لكننا أصبحنا نعاني اليوم لنلبي ما نحتاج“.
ويضيف” لم نجن سوى حرية التعبير منذ الثورة... ولكننا سنظل في الشوارع حتى نفتك حقوقنا الاقتصادية مثلما افتكننا حريتنا... لن يمروا“.
وفي الجهة الأخرى من شارع الحبيب بورقيبة تجمع أيضا عاطلون عن العمل مطالبين بتوظيفهم.
وقال الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، الذين كان يلقي خطابا وسط حشود من النقابيين ”الشعارات التي رفعتها الجماهير المنتفضة مع إنطلاق الثورة المطالبة بالتنمية والتشغيل والعيش الكريم، لا تزال تدوي إلى اليوم في ظل الفشل الذريع للحكومات المتعاقبة“.
وتدهور الاقتصاد بعد أن أدت موجة من الهجمات المسلحة الدامية في 2015 إلى القضاء تقريبا على قطاع السياحة المهم، ولم ينتعش بعد رغم تحسن الأمن.
وفي أول رد على الاحتجاجات العنيفة، قالت الحكومة إنها ستعزز الدعم المالي للأسر الفقيرة ومحدودي الدخل. وقال وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، إن الزيادات تشمل رفع المساعدات المالية بحوالي 70 مليون دولار إضافية للأسر الفقيرة والمعاشات الضعيفة. وستستفيد نحو 250 ألف أسرة فقيرة من قرار زيادة المساعدات المالية.